مع الله غيره في عبادته كائنًا من كان، لعموم النهي عن دعوة غير الله في القرآن كله من أوله إلى آخره، فمن ادعى أنه يصرف منه شيء لأحد سوى الله، فقد صادم الكتاب والسنة، وخالف ما اجتمعت عليه دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم فيما دعوا إليه أممهم بقولهم: ﴿أن اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه﴾ (١) .ومما يدل على أن السؤال والطلب عبادة: ما صح عن النبي ﷺ أنه قال: "من لم يسأل الله يغضب عليه" (٢)، وقال: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين
_________
(١) سورة المؤمنون، الآية: ٣٢.
(٢) أخرجه الترمذي كتاب الدعوات باب ما جاء في فضل الدعاء: (ح/٣٣٧٣)، والبخاري في "الأدب المفرد"باب من لم يسأل الله يغضب عليه: (ح/٦٥٨)، وبنحوه أخرجه الإمام أحمد في مسنده: (٢/٤٧٧) بلفظ "من لم يدع الله يغضب عليه" وابن ماجه كتاب الدعاء باب فضل الدعاء: (ح/٣٨٢٧)، وابن أبي شيبة كتاب الدعاء: (١٠/٢٠٠)،
والبغوي في "شرح السنة"كتاب الدعوات باب الترغيب في الدعاء: (ح/١٣٨٩)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده: (٢/٤٤٢) بلفظ "من لا يسأله يغضب عليه"، والحاكم في"المستدرك": (١/٤٩١) بلفظ" من لا يدع الله يغضب عليه". كلهم من طريق أبي صالح الخوزي عن أبي هريرة مرفوعًا.
وأبو صالح الخوزي قد ضعفه ابن معين وقال أبو زرعة لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب""لين الحديث".
والحديث قد صححه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد"ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في "تفسيره": (٤/٨٥) "تفرد به أحمد وهذا إسناد لا بأس به".
وتعقبه الحافظ ابن حجر في "الفتح": (١١/٩٧و٩٨) فقال: (وظن الحافظ ابن كثير أنه أبو صالح السّمان فجزم أن أحمد تفرد بتخريجه وليس كما قال فقد جزم شيخه المزي، في"الأطراف" بما قلته ووقع في رواية البزار والحاكم عن أبي صالح الخوزي سمعت أبا هريرة" إلى أن قال: "ويؤيده حديث ابن مسعود ورفعه"سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل" أخرجه الترمذي وله من حديث ابن عمر رفعه"إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء" وفي سنده لين وقد صححه مع ذلك الحاكم وأخرج الطبراني في "الدعاء" بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة بقية عن عائشة مرفوعًا "أن الله يحب الملحين في الدعاء") . هـ.
1 / 77