تنبيهان:
الأول: اختلفوا في الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد:
فقيل: إنه عُيينة بن حِصْن الفزاريُّ، وكان من الجُفاةِ المؤلَّفَةِ قلوبُهم، واسمُه حذيفة، وعُيينة لقبٌ له، ومنهم من أنكر هذا التفسير، وقال: لم يأت ذلك في طريق، وقد جزم بكونه ابنَ عيينة ابنُ فارس (١).
وقال بعضهم: يُحتمل أن يكون هذا الأعرابي ذَا الخُوَيْصِرة، فقد روى أبو موسى [المديني في "الصحابة"] (٢)، من حديث سليمان بن يسار، قال: اطلع ذو الخُويصرة اليماني - وكان رجلًا جافيًا - على رسول الله ﷺ، وساق الحديث، وفي آخره: أنه بال في المسجد، وأن النبي ﷺ أمر بسَجْلٍ من ماء، فصبه على مَباله، وهو حديث مرسلٌ؛ لأن سليمان بن يسار تابعي (٣).
قال الحافظ الذهبي في "تجريده" في ترجمة ذي الخويصرة اليماني: فروي في حديثٍ مرسلٍ أنه هو الذي بال في المسجد (٤).
الثاني: فإن قلت: لِمَ لَمْ يرشدِ النبيُّ ﷺ الأعرابي عن العود لمثل فعله؟ فالجواب: أنه لما رأى من إنكار الصحابة عليه ما رأى، علم أنه قد تعدَّى وأخطأ، ثم إنه قد روى مسلم من حديث أنس ﵁: أن رسول الله ﷺ دعاه، فقال: "إن هذه المساجدَ لا تصلُح لشيءٍ من هذا البول
(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٢٤).
(٢) في الأصل: "أبو موسى الأصبهاني في "المعرفة"، والتصويب من "الفتح" لابن حجر.
(٣) كما أن في إسناده مبهمًا بين محمد بن إسحاق وبين محمد بن عمرو بن عطاء، كما ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٣٢٣).
(٤) انظر: "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (١/ ١٦٩).