عجبا للذئب يتكلم! قال: أنتم أعجب وفي شأنكم عبرة للمعتبرين، هذا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو إلى الحق ببطن مكة وأنتم عنه لاهون، فأبصر الرجل رشده وهداه الله وأقبل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبقى لعقبه شرفا وكانوا يعرفون ببني مكلم الذئب.
ومنها أنه كلمه الذراع وقال: إني مسموم، وذلك حين أهدته إليه اليهودية وقصته معروفة.
ومنها أنه أطعم من القليل الجم الغفير [1] في غير موضع.
ومنها أنه شكا إليه قوم ملوحة بئرهم وقله مائها وأنهم يجدون من الظمأ شدة، فتفل فيها فغزر ماؤها وطاب وعذب، وأهلها يفخرون بها ويتوارثونها [2].
ومنها حديث الاستسقاء وذلك حين شكا إليه أهل المدينة فدعا الله فمطروا حتى أشفقوا من خراب دورها فسألوه في كشفه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا [3]، فاستدار حتى صار كالإكليل والشمس طالعة في المدينة والمطر يجيء على ما حولها يرى ذلك مؤمنهم وكافرهم. فضحك (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا قرب عيناه، فقام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقال: يا رسول الله كأنك تريد قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال [4] اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة وفواضل
ومنها انشقاق القمر وقصته معروفة، وغير ذلك من إخباره بالمغيبات والكائنات مما هو مشهور في الكتب والسير والتواريخ لو تتبع وجمع لجاء في عدة مجلدات ولتعذر جمعه لكثرته وسعة أقطاره، ومن أين وكيف يصف اللسان فضله وشرفه وهو خلاصة الوجود، أنكره من أنكره وعرفه من عرفه.
فأما أخلاقه وكرمه وشجاعته وفصاحته وأمانته وذكره وشكره وعبادته وكرم عترته وشفقته وأدبه ورفقه وأناته وتجاوزه وبأسه ونجدته وعزمه وهمته وعلمه وحكمته وزهده وورعه ورضاه وصبره وفكره واعتباره وتبصره وخوفه من ربه
Shafi 50