نبي الله وهو يتضور [1] وقد لف رأسه بالثوب، لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف رأسه فقالوا: إنك لئيم، كان صاحبك لا يتضور ونحن نرميه، وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك.
قال ابن عباس: وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك فقال علي: أخرج معك؟ فقال: لا، فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، قال: وقال له: أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة.
قال ابن عباس: وسد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره.
قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي، وهذا الحديث بطوله ذكر آنفا وذكره في غير هذا الباب أنسب ولكن جرى القلم.
وأما شجاعة أمير المؤمنين وبأسه ومصادمته الأقران ومراسه [2] وثبات جأشه حيث تزلزل الأقدام، وشدة صبره حين تطير فراخ الهام، وسطوته وقلوب الشجعان واجفة، واستقراره وأقدام الأبطال راجفة، ونجدته عند انخلاع القلوب من الصدر، وبسالته [3] ورحى الحرب تدور والدماء تفور، ونجوم الأسنة تطلع وتغور، وحماسته والموت قد كشر عن نابه، وسماحته بنفسه والجبان قد انقلب على أعقابه، وكشفه الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد فر من فر من أصحابه، وبذله روحه العزيزة رجاء ما أعد الله من ثوابه، فهي أمر قد اشتهر، وحال قد بان وظهر، وشاع فعرفه من بقى ومن عبر، وتضمنته الأخبار والسير، فاستوى في العلم به البعيد والقريب، واتفق على الإقرار به البغيض والحبيب، وصدق به عند ذكره الأجنبي والنسيب، فارس الإسلام وأسده، وباني ركن الإيمان ومشيده، طلاع الأنجد والأغوار، مفرق جموع الكفار، حاصد خضرائهم بذي الفقار، ومخرجهم من ديارهم إلى المفاوز والقفار، مضيف الطير والسباع يوم الملحمة والقراع، سيف الله الماضي، ونائبه المتقاضي، وآيته
Shafi 185