278

التبجيل والتعظيم وفي ذلك ما ذكرناه من غاية التنفير ومن ذا الذي تكون نفسه ساكنه الى قبول وعظ خليفته يعلم أو يجوز انه سينحط عن رتبة الخلافة الى ان يصير رعية ويهبط من درجة الامامة الى ان يحصل من أحد الامة كسكونها الى من لا يجوز ذلك عليه بل كيف يصح من التابعين غاية التبجيل والتعظيم لمن يعلمون من حاله أو يجوزون ذلك من امره انه سيتأخر بعد مقامه ويصير تابعا لمن كان من اتباعه ومتعلما ممن كان يعلمه ومقتديا بمن كان يقتدى به حتى يسقط ما كان يلزم الناس من فرض طاعته ويصير هو وهم طائعين لمن كان من جملة المطيعين له ومن دفع ان يكون الخروج من هذه المنزلة منفرا كمن دفع ان يكون القباحة في الخلق والذمامة المفرطة في الصور منفرا وقد اجمع معنا خصومنا من المعتزلة على ان الله تعالى يجنب اولياءه وانبياءه عليهم السلام جميع هذا فبان بما ذكرنا ان منزلة هارون من خلافة موسى عليه السلام منزلة لا يجوز خروجه عنها ما دام حيا وانه لو بقي بعد موسى لكان احق بها من يوشع واولى وفي ذلك دليل على ان أمير المؤمنين عليه السلام يستحقها من رسول الله صلى الله عليه واله في حياته وبعد وفاته لبقائه بعده وليس موت هارون في حيوة موسى عليهما السلام بمانع لامير المؤمنين عليه السلام مما هو مستحقه ببقائه الا ترى ان رجلا لو قال لوكيل له اجر على عبدي الرومي في كل يوم جرابة وفي كل شهر صلة ثم قال له بعد ذلك ان منزلة عبدي الحبشي عندي كمنزله ذلك الرومي فاجره مجراه واجعل له من الجاري والصلة نظير ما جعلت له ثم مات الرومي فمعلوم ان موته لا يقطع جراية الباقي ولا يحرمه صلته هذا ما لا يدفعه أحد ولا ينكره فإن قال الخصم فيلزمك على هذه الطريقة ان تقولوا ان طاعة أمير المؤمنين عليه السلام كانت مفترضة على الامة في حيوة رسول الله صلى الله عليه واله قيل له كذلك نقول ولكن بشرط غيبته واما عند حضور النبي صلى الله عليه واله فانه لا يجوز ان تكون الطاعة واجبة الا له وهذا حكم الخليفة في المتعارف والعادة (الجواب الثاني) عن هذا السؤال ان النبي صلى الله عليه واله قد اوضح مراده في كلامه لمن فهم وابان عن قصده من قوله لمن علم وذلك انه اتى بجملة اوجب منها لامير المؤمنين عليه السلام ما اراده واستثنى منها ما لم يرده وعلق ذلك بوقت نفى عنه فيه ما نفى فوجب ان يكون هذا اوجب له فيه ما اوجب ولا يجوز ان يتضمن الكلام استثناء ويكون مقيدا بوقت إلا وهو وقت المنفى منه والموجب مثال ذلك قول القائل قام القوم الا زيدا اليوم فلا يجوز ان يكون اليوم إلا وقتا للحالين ففيه قام القوم وفيه بعينه لم يقم زيد ولو لا ان الامر كما ذكرناه لم يحسن الاستثناء وذكر الوقت وقد قال النبي صلى الله عليه واله بعد ما اوجبه لامير المؤمنين

--- [ 279 ]

Shafi 278