268

الوقت الذي امات الله تعالى العبد فيه قد كان قادرا على ان لا يميته فيه بل يبقيه بدلا من ذلك ويحييه فيكون هذا هو تأخير اجله والزيادة في عمره والوقت الذي احياه الله تعالى فيه كان قادرا على ان يميته بدلا من ذلك فيه ولا يحييه فيكون هذا هو تقديم اجله والنقص من عمره وجميع ذلك في العقل غير مستحيل وهو المعنى الذي ذهبنا إليه فإن قال فإذا علم سبحانه انه يحيي عبده هذا مائة سنة حسبما تقتضيه عنده المصلحة فكيف يصح مع ذلك ان يزيد في هذا المبلغ أو ينقص قلنا يصح ان يعلم ان المصلحة تقتضي ان يكون عمره مائة سنة ما لم يفعل شيئا معينا فمتى فعله اقتضت المصلحة ان يزيده على المائة عشرين سنة أو ينقصه منها عشرين وهذا ايضا غير مستحيل فإن قال افليس الله تعالى عالما بان العبد سيفعل ما تتغير المصلحة عند فعله أو لا يفعله قلنا بلى ان الله تعالى عالم به وبكل كائن قبل كونه وبما لا يكون ان لو كان كيف يكون حاله فإن قال فإذا كانت حاله معلومة له فقد حصل عمره معلوما فلا معنى للزيادة والنقص ههنا قلنا إنما ذلك على وجه التقدير الذي قد كان ممكنا غير مستحيل وان هذا الممكن لو كان كيف كانت تكون الحال من تأخير في الاجل وتقديم وقد اخبر الله تعالى عن قوم نوح عليه السلام بانهم لو امنوا لا زال عنهم العذاب وامدهم بالاموال والاولاد واخرهم الى اجل مسمى فقال حكايه عن نوح عليه السلام * (يا قوم استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا) * نوح هذا ومع علمه سبحانه وعلم نوح انهم لا يستغفرون ولا يتوبون وانهم باسرهم يغرقون وقال عزوجل * (ولو ان أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) * الاعراف ولا يكون ذلك الا وهم احياء وإنما عني أهل القرى التي اهلكها فاخبر انهم لو آمنوا لاحياهم وانعم عليهم وهو يعلم انهم لا يؤمنون وانه سيهلكهم وقد قال النبي صلى الله عليه واله ان صلة الرحم تزيد في العمر فاخبر عليه السلام ان عمر العبد يكون مقدرا معلوما عند الله تعالى وان هو وصل رحمه زاد الله تعالى في عمره والله تعالى عالم بان هذا العبد ان لم يصل رحمه مات في وقت كذا وان هو وصلها عاش الى وقت كذا وهو مع هذا كله عالم بما يكون منه وهل يصله ام لا يصله قال الله عزوجل * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) * فاطر فإن قال السائل فما تقولون في المقتول لو لم يقتل اكان يجوز ان يبقى حيا أو كان منيته غير هذا ام لا قيل له كل ذلك جائز وجوازه على قسمين احدهما بمعنى انا نشك فيه لعدم دليل القطع على حقيقته بما يكون منه والثاني بمعنى ان

--- [ 269 ]

Shafi 268