كنز الفوائد
كنز الفوائد
عطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم به التصريح ولغيره فانهم لا يريدون بالمحتمل إلا ما صرحوا به من الخطاب المتقدم مثال ذلك ان رجلا لو اقبل على جماعة فقال الستم تعرفون عبدي فلانا الحبشي ثم وصف لهم أحد عبيده وميزه عنهم بنعت يخصه صرح به فإذا قالوا بلى قال لهم عاطفا على ما تقدم فاشهدوا ان عبدي حر لوجه الله عزوجل فانه لا يجوز ان يريد بذلك إلا العبد الذي سماه وصرح بوصفه دون ما سواه ويجري هذا مجرى قوله فاشهدوا ان عبدي حر لوجه الله عزوجل ولو اراد غيره من عبيده لكان ملغزا مبين في كلامه وإذا كان الامر كما وصفنا وكان رسول الله صلى الله عليه واله لم يزل مجتهدا في البيان غير مقصر فيه من الامكان وكان قد اتى في اول كلامه يوم الغدير بامر صرح به وقرر امته عليه وهو انه اولى بهم بانفسهم على المعنى الذي قال الله تعالى في كتابه * (النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم) * الاحزاب ثم عطف على ذلك بعد ما ظهر من اعترافهم بقوله فمن كنت مولاه فعلي هذا مولاه وكانت مولاه يحتمل ما صرح به في مقدمه كلامه ويحتمل غيره لم يجز ان يريد إلا ما صرح به في كلامه الذي قدمه واخذ اقرار امته به دون سائر اقسام مولى وكان هذا قائما مقام قوله فمن كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه وحاشى الله ان لا يكون الرسول صلى الله عليه واله اراد هذا بعينه (ووجه) آخر وهو ان قول النبي صلى الله عليه واله فمن كنت مولاه فعلى مولاه لا يخلو من حالين أما ان يكون اراد بمولى ما تقدم به التقرير من الاولى أو يكون اراد قسما غير ذلك من أحد محتملات مولى فإن كان اراد الاول فهو ما ذهبنا إليه واعتمدنا عليه وان كان اراد وجها غير قدمه من أحد محتملات مولى فقد خاطب الناس بخطاب يحتمل خلاف مراده ولم يكشف لهم فيه عن قصده ولا في العقل دليل عليه يغني عن التصريح بمعنى ما نحال إليه وهذا لا يجيزه رسول الله صلى الله عليه واله إلا جاهل لا عقل له (الجواب) عن السؤال الرابع وأما الحجة على ان لفظة اولى يفيد معنى الامامة والرئاسة على الامة فهو انا نجد أهل اللغة لا يصفون بهذه اللفظة إلا من كان يملك تدبير ما وصف بانه اولى به وتصريفه وينفذ فيه امره ونهيه الا تراهم يقولون ان السلطان اولى باقامة الحدود من الرعية والمولى اولى بعبده والزوج اولى بامراته وولد الميت اولى بميراثه من جميع اقاربه
--- [ 231 ]
Shafi 230