كنز الفوائد
كنز الفوائد
وانتشاره الكافي ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير اسناد معين حتى عمت المعرفة به واشترك الكل في ذكره وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا فلا حجة في صحته اوضح من هذا ومن ذلك انه قد ورد ايضا بالاسانيد المتصلة ورواه اصحاب الحديثين من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة فقد اجتمع فيه الحالان وحصل له البيان ومن ذلك ان كافة العلماء قد تلقوه بالقبول وتناولوه بالتسليم فمن شيعي يحتج به في صحة النص بالامامة ومن ناصبي يتاوله ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة ولم نر للمخالفين قولا مجردا في ابطاله ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وانكاره فيكون جاريا مجرى تأويل اخباره المشتبهة ورواياتها بعد الابانة عن بطلانها وفسادها بل ابتداوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه وتوفره على تخريج الوجوه له لتوفر من قد لزمه الاقرار به وقد كان انكاره اروح لهم لو قدروا عليه وجحده اسهل عليهم لو وجدوا سبيلا إليه فاما ما يحكى عن أبي داود السجستاني من انكاره له وعن الجاحظ من طعنه في كتاب العثمانية فيه فليس بقادح في الاجماع الحاصل على صحته لأن القول الشاذ لو اثر في الاجماع وكذلك الراي المستحدث لو ابطل مقدم الاتفاق لم يصح الاحتجاج بالاجماع ولا يثبت التعويل على اتفاق على ان السجستاني قد تنصل من نفي الخبر فاما الجاحظ فطريقته المشتهرة في تصنيفاته المختلفة واقواله المتضادة المتناقضة وتاليفاته القبيحة في اللعب والخلاعة وانواع السخف والمجانة الذي لا يرتضيه لنفسه ذو عقل وديانة يمنع من الالتفات الى ما يحكيه وتوجب التهمة له فيما ينفرد به ويأتيه وأما الخوارج الذين هم اعظم الناس عداوه لامير المؤمنين عليه السلام فليس يحكى عنهم صادق دفعا للخبر والظاهر من حالهم حملهم له على وجه من التفضيل ولم يزل القوم يقرون لامير المؤمنين عليه السلام بالفضائل ويسلمون له المناقب وقد كانوا انصاره وبعض اعوانه وإنما دخلت الشبهة عليهم بعد الحكمين فزعموا انه خرج عن جميع ما كان يستحقه من الفضائل بالتحكيم وقد قال شاعرهم * كان علي قبل تحكيمه * جلدة بين العين والحاجب * ولو لم يكن الخبر كالشمس وضوحا لم يحتج به أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى حيث قال للقوم في ذلك المقام انشدكم الله هل فيكم أحد اخذ رسول الله صلى الله عليه واله بيده فقال من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
--- [ 228 ]
Shafi 227