كنز الفوائد
كنز الفوائد
بالاعتبار الجهة الثانية من الطبائع وما يكون من قهر بعضها لبعض فيضطرب له المزاج ويتخيل لصاحبه ما يلائم ذلك الطبع الغالب من ماكول ومشروب ومرئي وملبوس ومبهج ومزعج وقد نرى تأثير الطبع الغالب في اليقظة والشاهد حتى ان من غلب عليه الصفراء يصعب عليه الصعود الى المكان العالي يتخيل له من وقوعه منه ويناله من الهلع والزمع ما لا ينال غيره ومن غلبت عليه السوداء يتخيل له انه قد صعد في الهواء وناجته الملائكة ويظن صحة ذلك حتى انه ربما اعتقد في نفسه النبوة وان الوحي ياتيه من السماء وما اشبه ذلك والجهة الثالثة الطاف من الله عزوجل لبعض خلقه من تنبيه وتيسير واعذار وانذرا فيلقى في روعه ما ينتج له تخيلات امور تدعوه الى الطاعة والشكر على النعمة ومن تزجره عن المعصية وتخوفه الاخرة ويحصل بها مصلحة وزيادة فائدة وفكر يحدث له معرفة والجهة الرابعة اسباب من الشيطان ووسوسه يفعلها للانسان ويذكره بها امورا تحزنه واسبابا تغمه وتطمعه فيما لا يناله أو يدعوه الى ارتكاب محظور يكون فيه عطبة أو تخيل شبهة في دينه يكون منها هلاكه وذلك مختص بمن عدم التوفيق لعصيانه وكثرة تفريطه طاعات الله سبحانه ولن ينجو من باطل المنامات واحلامها إلا الانبياء والائمة عليهم السلام ومن رسخ في العلم من الصالحين وقد كان شيخي رضي الله عنه قال لي ان كل من كثر علمه واتسع فهمه قلت مناماته فان راى مع ذلك مناما وكان جسمه من العوارض سليما فلا يكون منامه إلا حقا يريد بسلامة الجسم عدم الامراض المهيجة للطباع وغلبة بعضها على ما تقدم به البيان والسكران ايضا لا يصح له منام وكذلك الممتلئ من الطعام لانه كالسكران ولذلك قيل ان المنامات قلما يصح في ليالي شهر رمضان فاما منامات الانبياء صلوات الله عليهم فلا تكون إلا صادقه وهي وحي في الحقيقة ومنامات الائمة عليهم السلام جارية مجرى الوحي وان لم تسم وحيا ولا تكون قط إلا حقا وصدقا وإذا صح منام المؤمن لانه من قبل الله تعالى كما ذكرناه وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال رؤيا المؤمن جزء من سبعة وسبعين جزءا من النبوة (وروى) عن علي عليه السلام قال رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده فاما وسوسة شياطين الجن فقد ورد السمع بذكرها قال الله تعالى * (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) * الناس وقال * (وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم
--- [ 212 ]
Shafi 211