كنز الفوائد
كنز الفوائد
والضرب الثاني ما عبر عنه بلفظ الجمع المنكر كقولك دراهم ودنانير فذلك لا يصح في اقل من ثلاثة والضرب الثالث ما حصل فيه علامة الاستيعاب من التعريف بالالف واللام وبمن الموضوعة للشرط والجزاء فمتى قال لعبده عظم العلماء فقد وجب عليه تعظيم جميعهم وإذا قال من دخل داري اكرمته وجب عليه اكرام جميع الداخلين داره والاسماء الظاهرة ما استغنت في حقائقها عن مقدمة لها والملكنية ما يصح الابتداء بها وحكم الكناية في العموم والخصوص حكم ما تقدمها والكناية والعطف والاستثناء إذا اعقب جملا فهو راجع الى جميعها إلا ان يكون هناك دليل يقصرها على شئ منها وما ورد عن الله سبحانه وعن رسول الله صلى الله عليه واله وعن الائمة الراشدين عليهم السلام من بعده على سبب أو كان جوابا عن سؤال فانه يكون محكوما له بصورة لفظة دون القصر له على السبب المخرج له عن حكم ظاهره وليس وروده على الاسباب بمناف لحمله على حقيقته في الخطاب في عقل أو عرف ولا لسان وإنما يجب صرفه عن ظاهره لقيام دلالة تمنع من ذلك من التضاد في الحقيقة والمجاز والحقائق والمجازات إنما هي في الالفاظ والعبارات دون المعاني المطلوبات والحقيقة من الكلام ما يطابق المعنى الموضوع له في اصل اللسان والمجاز منه ما عبر به من غير معناه في الاصل تشبيها واستعارة لغرض من الاغراض وعلى وجه الايجاز والاختصار ووصف الكلام بالظاهر وتعلق الحكم به انما يقصد به الى الحقيقة منه والحكم بالاستعارة فيه إنما يراد به المجاز وكذلك القول في التأويل والباطن إنما يقصد به الى العبارة عن مجاز القول واستعارته حسبما ذكرناه والحكم على الكلام بانه حقيقة أو مجاز لا يجوز إلا بدليل يوجب اليقين ولا يسلك فيه طريق الظنون والعلم بذلك من وجهين احدهما الاجماع من أهل اللسان والاخر الدليل المثمر للبيان فاما اطلاق بعض أهل اللغة أو بعض أهل الاسلام ممن ليس بحجة في المقال والفعال فانه لا يعتمد في اثبات حقيقة الكلام فمتى التبس اللفظ فلم يقم دليل على حقيقة فيه أو مجاز فيه وجب الوقف لعدم البرهان وليس بمصيب من ادعى ان جميع القرآن على المجاز وظاهر اللغة يكذبه ودلائل العقول والعادات تشهد بان جمهوره على حقيقة كلام اهل اللسان ولا بمصيب ايضا من زعم انه لا يدخله المجاز وقد خصمه في ذلك قوله سبحانه * (فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض) * الكهف وغيره من الايات والواجب ان يقال ان منه حقيقة ومنه مجاز فاما القول في الحظر والاباحة فهو ان العقول لا مجال لها في العلم باباحة ما يجوز ورود السمع فيها باباحته ولا بحظر ما يجوز وروده فيها بحظره ولكن العقل لم ينفك قط من السمع باباحته وحظره ولو احكى الله تعالى العقلاء حالا واحدة من سمع لكان قد اضطرهم الى موافقة ما
--- [ 193 ]
Shafi 192