كنز الفوائد
كنز الفوائد
الطبيب لم يجز قط ان يقع منه اختلاف الامر إلا لتجدد علم له لم يكن وسيد العبد يجوز ان يقع منه النهي بعد الامر من غير ان يتجدد له علم ويكون عالما بنهضته في الحالين ومسارعته الى ما احب وإنما امره بذلك ليعلم الحاضرون حسن طاعته ومبادرته الى ما امره وانه ممن يجب اصطفاؤه والاحسان إليه والتعويل في الامور عليه قال فإذا سلمت لك الفرق بينهما فما تنكر ان يكون دالا على ان مثالك الذي اتيت به غير داخل في البداء قلت انكرت ذلك من قبل البداء هو عندنا جميعا نهي الامر عما أمر به قبل وقوعه في وقته وإذا كان هذا هو الحد المراعي فهو موجود في مثالنا وقد اجمع العقلاء ايضا على ان السيد فيه قد بدا له فيما أمر به عبده قال فإذا دخل القسمان في البداء فما الذي تجيز على الله تعالى منهما فقلت اقربهما الى قصة إبراهيم الخليل عليه السلام واشبههما لما أمر الله تعالى في المنام بذبح ولده اسماعيل عليه السلام فلما سارع المأمور راضيا بالمقدور واسلما جميعا صابرين وتله للجبين نهاه الله عن الذبح بعد متقدم الامر واحسن الثناء عليهما وضاعف لهما الاجر وهذا نظير ما مثلت من أمر السيد وعبده وهو النهي عن المأمور به قبل وقوع فعله قال فمن سلم لك ان إبراهيم عليه السلام مامور بذلك من قبل الله سبحانه قلت سلمه لي من يقر بان منامات الانبياء عليه السلام صادقه ويعترف بانها وحي الله في الحقيقة وسلمه لي من يؤمن بالقرآن ويصدق ما فيه من الاخبار وقد تضمن الخبر عن اسماعيل انه قال لابيه عليهما السلام يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء من الصابرين وقول الله تعالى لابراهيم قد صدقت الرؤيا وثناؤه عليه حيث قال (كذلك نجزي المحسنين وليس بمحسن من) امتثل غير أمر الله تعالى في ذبح ولده وهذا واضح لمن انصف من نفسه قال فاني لا اسمي هذا بداء فقلت له ما المانع لك من ذلك اتوجه الحجة عليك به ام مخالفته للمثال المتقدم ذكره فقال يمنعني من ان اسميه البداء ان البداء لا يكشف الا عن متجدد علم لمن بدا له وظهوره له بعد ستره وليس في قصة إبراهيم واسماعيل عليهم السلام ما يكشف عن تجدد علم الله سبحانه ولا يجوز ذلك عليه فلهذا قلت انه ليس ببداء فقلت له هذا خلاف لما سلمته لنا من قبل واقررت به من ان سيد العبد يجوز ان يامره بما ذكرناه ثم يمنعه مما امره به وينهاه مع علمه بانه يطيعه في الحالين لغرضه في كشف امره للحاضرين ثم يقال لك ما تنكر من اطلاق
--- [ 105 ]
Shafi 104