104

الطبيب لم يجز قط ان يقع منه اختلاف الامر إلا لتجدد علم له لم يكن وسيد العبد يجوز ان يقع منه النهي بعد الامر من غير ان يتجدد له علم ويكون عالما بنهضته في الحالين ومسارعته الى ما احب وإنما امره بذلك ليعلم الحاضرون حسن طاعته ومبادرته الى ما امره وانه ممن يجب اصطفاؤه والاحسان إليه والتعويل في الامور عليه قال فإذا سلمت لك الفرق بينهما فما تنكر ان يكون دالا على ان مثالك الذي اتيت به غير داخل في البداء قلت انكرت ذلك من قبل البداء هو عندنا جميعا نهي الامر عما أمر به قبل وقوعه في وقته وإذا كان هذا هو الحد المراعي فهو موجود في مثالنا وقد اجمع العقلاء ايضا على ان السيد فيه قد بدا له فيما أمر به عبده قال فإذا دخل القسمان في البداء فما الذي تجيز على الله تعالى منهما فقلت اقربهما الى قصة إبراهيم الخليل عليه السلام واشبههما لما أمر الله تعالى في المنام بذبح ولده اسماعيل عليه السلام فلما سارع المأمور راضيا بالمقدور واسلما جميعا صابرين وتله للجبين نهاه الله عن الذبح بعد متقدم الامر واحسن الثناء عليهما وضاعف لهما الاجر وهذا نظير ما مثلت من أمر السيد وعبده وهو النهي عن المأمور به قبل وقوع فعله قال فمن سلم لك ان إبراهيم عليه السلام مامور بذلك من قبل الله سبحانه قلت سلمه لي من يقر بان منامات الانبياء عليه السلام صادقه ويعترف بانها وحي الله في الحقيقة وسلمه لي من يؤمن بالقرآن ويصدق ما فيه من الاخبار وقد تضمن الخبر عن اسماعيل انه قال لابيه عليهما السلام يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء من الصابرين وقول الله تعالى لابراهيم قد صدقت الرؤيا وثناؤه عليه حيث قال (كذلك نجزي المحسنين وليس بمحسن من) امتثل غير أمر الله تعالى في ذبح ولده وهذا واضح لمن انصف من نفسه قال فاني لا اسمي هذا بداء فقلت له ما المانع لك من ذلك اتوجه الحجة عليك به ام مخالفته للمثال المتقدم ذكره فقال يمنعني من ان اسميه البداء ان البداء لا يكشف الا عن متجدد علم لمن بدا له وظهوره له بعد ستره وليس في قصة إبراهيم واسماعيل عليهم السلام ما يكشف عن تجدد علم الله سبحانه ولا يجوز ذلك عليه فلهذا قلت انه ليس ببداء فقلت له هذا خلاف لما سلمته لنا من قبل واقررت به من ان سيد العبد يجوز ان يامره بما ذكرناه ثم يمنعه مما امره به وينهاه مع علمه بانه يطيعه في الحالين لغرضه في كشف امره للحاضرين ثم يقال لك ما تنكر من اطلاق

--- [ 105 ]

Shafi 104