Kanisar Antakiya
كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى (الجزء الأول): ٣٤–٦٣٤م
Nau'ikan
ورغب سلوقوس وخلفاؤه في إنماء عاصمتهم هذه، فربطوها بستربية بابل بطريقين معبدتين؛ تسهيلا لنقل الجيوش، وتشويقا لانتقال التجار وتبادل السلع، وقالوا بتهلين الشرقيين من رعاياهم، فسهلوا لهم الإقامة في العاصمة، ونمت أنطاكية في عهد السلاقسة، فأصبحت أربعة أحياء كل منها محاط بسور منيع منفصل عن الآخر؛ ومن هنا نعتها باللفظ اليوناني
tetrapolis ، ومعناه المدن الأربع. وقيل إنها دعيت تترابوليس؛ لأنها كانت إحدى المدن الأربع الكبيرة التي بناها سلوقوس، وهي: أنطاكية، وسلوقية، وأبامية، واللاذقية.
4
وفي السنة 64 قبل الميلاد استولى بومبايوس على مملكة السلاقسة وعلى غيرها مما جاورها، فاحترم حق أنطاكية في إدارة شئونها الداخلية، وأشاد فيها ندوة الذاريوم، وجعلها عاصمة ولاية سورية بكاملها ومقر الحاكم الروماني العام
، وفي السنة 27 قبل الميلاد عندما أعيد النظر في نظام الولايات، ظلت أنطاكية عاصمة لسورية،
5
ولم تسلخ اليهودية - فلسطين - عنها قبل السنة 70 بعد الميلاد.
وكانت أنطاكية لم تزل رافلة بحلل الفخر، فأنشأ فيها الفاتحون الهياكل والقصور والمراسح، وجروا المياه إليها، وبنوا الحمامات فيها على طريقتهم الخاصة، وفتح هيرودوس الكبير فيها طريقا بأعمدة على الجانبين، وظلت أنطاكية زاهية زاهرة فيما يظهر حتى الفتح الإسلامي؛ فقد جاء في كتاب فتوح الشام للواقدي أن أبا عبيدة كتب إلى الخليفة عمر في السنة 637 ما نصه: «وإني لم أقم بها - أي بأنطاكية - لطيب هوائها. وإني خشيت على المسلمين أن يغلب حب الدنيا على قلوبهم، فيقطعهم عن طاعة ربهم.»
6
وقال سلوقوس الكبير وخلفاؤه بتهلين سورية وغيرها من ممتلكاتهم، فاستقدموا المقدونيين واليونانيين وأنزلوهم المدن والقرى، ومنحوهم الامتيازات؛ ليستعينوا بهم في الحرب وفي التهلين، وكان نصيب أنطاكية من هؤلاء كبيرا، فساد العنصر اليوناني فيها، وظل مسيطرا على مقدراتها قرونا طوالا؛ وهكذا وبناء على ما نعلمه من أنطاكية وعن بعض المدن المماثلة لها المعاصرة، فإنه يجوز الافتراض أن مجلس العموم في أنطاكية ومجلس إدارتها كانا لا يزالان عند ظهور النصرانية يونانيين في صبغتهما، وأن معظم المواطنين أصحاب الحق في التصويت كانوا إما يونانيين في الأصل أو متهلنين تهلنا كاملا.
Shafi da ba'a sani ba