إلى أن ظننت بأن قد ظننت ... بأني لنفسي أرضى ألا الحقيرا
فأضمرت النفس في وهمها ... من الهم هما يكد الضميرا
ولابد للماء في مرجل ... على النار موقدة أن يفورا
ومن أشرب اليأس كان الغني ... ومن أشرب الحرص كان الفقيرا
علام وفيم أرى طاعتي ... لديك ونصري لك الدهر بورا
ألم أك بالمصير أدعو البعيد ... إليك وأدعو القريب العشيرا
ألم اك أول آتٍ أتاك ... بطاعة من كان خلفي بشيرا
وألزم غرزك في ماقط الـ ... ـحروب عليها مقيماُ صبورًا١
ففيم تقدم جفالةً ... إليك أمامي وأدعي أخيرا٢
كأنك لم تر أن الفتى الـ ... حمي إذا زار يومًا أميرا
فقدم من دونه قبله ... ألست تراه يسخطٍ جديرًا!
ألست ترى أن سف التراب ... به كان أكرم من أن يزورا
ولست ضعيف الهوى والمدى ... أكون الصبا وأكون الدبورا
ولكن شهاب فإن ترم بي ... مهما تجد كوكبي مستنيرًا
فهل لك في الإذن لي راضيًا ... فإني أرى الإذن غنمًا كبيرا
وكان لك الله فيما ابتعثت ... له من جهاد ونصر نصيرًا
ولاجعل الله في دولةٍ ... سبقت إليها وريح فتورا
فإن ورائي لي مذهبًا ... بعيدًا من الأرض قاعًا وقورا٣
به الضب تحسبه بالفلاة ... إذا خفق الآل فيها بعيرا
ومالًا ومصرًا على أهله ... يد الله من جائر أن يجورا
وإني لمن خير سكانه ... وأكثرهم بنفيري نفيرًا
وقال عبد الله لعلي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ﵃، وكان دعاه إلى نصرته حين ظهرت المبيضة٤ فم يجبه، فتوعده علي، فقال عبد الله:
١ الغرز: مساك رجل الركب. والمأقط: المضيق في الحرب.
٢ الجفالة: كثير الجفول.
٣ القاع: الأرض المستوية لانبات فيها. والقور: جمع قارة، وهي قمة الجبل.
٤ قال المرصفى: "المبيضة قوم من أعداء الدولة العباسية، جعلوا شعارهم بيض الثياب يخالفون به شعار بنى العباس من لبس السواد".