(الباب الثاني) من أبواب الكتاب يتضمن القول (في الأدلة)
والأمارات وشروطهما ، وكيفية الأخذ بهما.
وإنما قدمها على ما بعدها ، لأن ما بعدها نظر فيما يتعلق بها ، ويتعذر النظر في المتعلق بالشيء مع الجهل به.
(الدليل) لغة : فعيل ، بمعنى فاعل من الدلالة ، ويطلق على المرشد - وهو الناصب - لما يرشد به ، والذاكر له ، وعلى ما به الإرشاد. وفي اصطلاح الأصوليين : (ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه) وهو الفكر المطلوب به علم أو ظن ، لكن المراد هنا الموصل (إلى العلم) بالغير وهو المدلول ، ذكر الإمكان لإدخال مالم ينظر فيه فإن الدليل لا يخرج عن كونه دليلا بأن لا ينظر فيه أصلا وذكر الصحيح - وهو المشتمل - على شرائطه مادة وصورة لإخراج الفاسد ؛ لأنه لا يمكن التوصل به إلى العلم ، إذ ليس هو في نفسه سببا للتوصل ، ولا آلة له ، وإن أفضى إليه نادرا فاتفاقي بواسطة اعتقاد كما إذا نظر في العالم من حيث البساطة ، وفي النار من حيث التسخين ، فإن البساطة والتسخين ليس من شأنهما أن ينتقل بهما إلى وجود الصانع والدخان ، ولكن يؤدي إلى وجودهما هذا النظر ممن اعتقد أن العلم بسيط ، وكل بسيط له صانع وممن اعتقد أن كل مسخن له دخان (1)
(وأما ما يحصل عنده الظن) بالغير (فأمارة) أي فهو المسمى بالإمارة لا بالدليل ، وإنما قال : يحصل دون يلزم تنبيها على أنه ليس بين الظن وبين شيء ربط عقلي لانتفائه مع بقاء سببه ، كما إذا رئي سحاب فظن حصول المطر فلم يمطر فزال الظن مع بقاء السحاب.
Shafi 48