وبين النقا آأنت أم أم سالم
فصل بين الهمزتين بالألف فرارا من ثقلهما، قال بعض العلماء: هذا إذا لم تكن الهمزة الثانية ممدومة، فإن كانت ممدودة امتنع مد الأولى؛ لما في اجتماع همزتين وألفين من الثقل الشديد نحو: أآسيت زيدا وأآخيت عمرا.
وقد تخرج الهمزة عن الاستفهام فترد لنحو ثمانية معان مذكورة في كتب النحو، وإذا كانت من حروف المباني فهي ثلاثة أضرب: أصل وبدل وزائدة؛ ومعنى كونها أصلا أن تكون فاء الفعل نحو: «أمر» و«أمن» و«أنف» و«أذن» و«أبره». أو عينه نحو: «سأل» و«سئم» و«ضؤل» و«بأس» و«ذئب» و«بؤس». أو لامه نحو: «قرأ» و«وطئ» و«وطؤ» و«مرء» و«ردء» و«رزء»، ولم تجئ كلمة فاؤها وعينها همزة، ولا عينها ولامها همزة؛ لما في النطق بالهمزة من التكلف، فإذا كرهوا الهمزة الواحدة فهم بكره الثنتين - لا سيما إذا كانتا مصطحبتين غير مفترقتين - أحرى، فليس في الكلام لفظة توالت فيها همزتان وهما أصلان البتة. وقد جاءت أسماء محصورة وقعت الهمزة فيها فاء ولاما نحو: «آءة» و«أجأ» لوجود الفصل بينهما.
وذهب سيبويه في «ألاءة» و«أشاءة» و«أباءة» إلى أنهما فعالة، ولامها همزة، و«الألاءة» واحدة «الألاء» وهو شجر مر يدبغ به، والإشارة واحدة «الأشآء» وهي صغار النخل، والأباءة واحدة «الأباء» وهي الأجمة من القصب، وكلها بالفتح، وذهب أبو بكر محمد بن السري المعروف بابن السراج إلى أن الإباءة من ذوات الياء؛ فهي من «أبيت» وأصلها عنده أباية، وإنما حملها على معنى أبيت لما أن الأجمة ممتنعة بما ينبت فيها من القصب وغيره من السلوك فكأنها أبت وامتنعت على سالكها.
ومعنى كون الهمزة زائدة: أن لا تكون فاء الفعل ولا عينه ولا لامه؛ وذلك نحو همزة «أكرم» و«إثمد» و«إكليل » و«شمأل» و«ضهيأ».
ومعنى كونها بدلا: أن تقوم مقام حرف إما ضرورة وإما استحسانا، وقد أبدلت من خمسة أحرف، وهي: الألف والواو والياء والهاء والعين.
وأما إبدالها من الألف ففي العالم في قول العجاج:
يا دار سلمى يا اسلمي ثم آسلمي
فخندف هامة هذا العألم
فقد روي أنه كان يهمز «العالم»، وأما إبدالها من الواو والياء ففي «أقتت» في «وقتت»، وفي «أديه» في قولهم: «قطع الله أديه.» يريدون: يديه، وفي مثل: قام، وأصله: «قوم»، وباع، وأصله: «بيع»، وفي مثل: «قائم» و«بائع»، وفي مثل: «علاء» و«كساء» و«قضاء» و«سقاء»، وأصلها: «علاو» و«كساو» و«قضاي» و«سقاي»؛ لأنها من «علوت» و«كسوت» و«قضيت» و«سقيت»، وقد أبدلت الواو همزة بدلا مطردا إذا ضمت ضما لازما، وذلك نحو: «أثؤب»، قال في «الصحاح»: «الثوب واحد الأثواب والثياب، ويجمع القلة على أثوب، وبعض العرب يقول: أثؤب، فيهمز لأن الضمة على الواو تستثقل، والهمزة أقوى على احتمالها، وكذلك «دار» و«أدؤر» و«ساق» و«أسؤق»، وجميع ما جاء على هذا المثال.» ونظير ذلك: قئول وما أشبهه.
Shafi da ba'a sani ba