منعوتًا بالرضا. فكان هذا عين نظير ما ذكر في «الكشاف» في أول حم السجدة في قوله: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾. وقال: هو نصب على الحال؛ أي فصلت آياته في حال كونه قرآنا عربيا.
وكذا ذكر أيضا في سورة الزمر في قوله: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرآنًا عَرَبِيًّا﴾ وهو حال مؤكدة كقولك: جاءني زيد رجلًا صالحًا وإنسانًا عاقلًا، فأوقع قوله: ﴿قُرآنًا﴾ حالًا مع أنه غير صفة لكونه موصوفًا بصفة، فكأنه قيل: موصوفًا بالعربية، فكذلك هنا.
ولما وصف الله تعالى بكونه خالق النِسم، ورازق القسم، ومُبدع البدائع كان مستوجبًا للحمد، فقال: (أحمده على الواسع والإمكان). وإنما خص الوسع والإمكان؛ لأن الحمد لله تعالى على قدر ما يستحقه الله تعالى ليس في وسع البشر ولا في وسع غيره.
ثم ذكر الإمكان مع الوسع؛ لأن الإمكان أعم من الوسع فكانا متغايرين، فصح عطف أحدهما على الآخر، وهذا لأن الوسع عبارة عن القدرة على الشيء والطاقة فيه، فربما كان الشيء ممكنًا في نفسه لكن لم يكن هو مقدورًا
1 / 148