الجزء فيه حديث
الحافظ ابن ديزيل
﵀
(٢٨١ هـ)
حققه وخرج أحاديثه
عبد الله بن محمد عبد الرحيم البخاري
مكتبة الغرباء الأثرية
المدينة النبوية
الطبعة الأولى
١٤١٣ هـ
Shafi da ba'a sani ba
الْجُزْءُ فِيهِ حَدِيثُ الشَّيْخِ الإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَلامَةِ الْحَافِظِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكِسَائِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ دِيزِيلَ الْهَمْدَانِيِّ ﵀
1 / 23
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ سَيِّدُنَا وَمَوْلانَا وَشَيْخُنَا شَيْخُ الإِسْلامِ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ شَيْخِ الإِسْلامِ عَلاءِ الدِّينِ أَبِي الْفُتُوحِ عَلِيِّ بْنِ الْقَاضِي قُطْبِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقُرَشِيُّ القلقشندِيُّ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلامِ عَلَمُ الْحُفَّاظِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيُّ الشَّافِعِيُّ سَمَاعًا بِحَقِّ قِرَاءَتِهِ لَهُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صِدِّيقِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّسَّامِ أَبُوهُ وَالْمُؤَذِّنُ هُوَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الدِّمْشَقِيِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِ مِائَةٍ بِمَكَّةَ المشرفة قال أخبرنا أبو العباس أحمد ابن أبي طالب ابن أَبِي النّعمِ نِعْمَةُ الْحَجَّارُ الصَّالِحِيُّ سَمَاعًا فِي جمادى الأولى سنة ست وعشرين وسبعمائة بِدَارِ الْحَدِيثِ الأَشْرَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ بِإِجَازَتِهِ مِنَ الْقَاضِي أَبِي صَالِحٍ نَصْرِ ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ابْنِ الشَّيْخِ الإِمَامِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلِيِّ الْحَنْبَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَاجِبُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْعَلافِ الْمُقْرِي الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْوَاعِظُ سَمَاعًا فِي ثَالِثَ عَشَرَ ذِي القعدة سنة خمس عشرة وأربعمائة قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ نِيخَابَ الطَّيِّبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكِسَائِيِّ الْمَعْرُوفِ بابن ديزيل بهمدان قال:
1 / 25
١ - حدثنا إسماعيل ابن أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ.
⦗٢٧⦘
٢ - قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وحدثني أيضًا عبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّةِ ثُمَّ الْبُخَارِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ.
⦗٢٨⦘
٣ - وَقَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ.
٤ - وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ ابن أَبِي بَكْرٍ: قَالَتْ عَمْرَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. قَالَ عُرْوَةُ وَقَالَتْ عَمْرَةُ فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ فَكَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. قَالَ عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ جُوَيْرِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ قَلِيلَةَ اللَّحْمِ خَفِيفَةً وَكَانَتْ تَلْزَمُ خدْرَهَا فَإِذَا أَرَادَ النَّاسُ الرَّحِيلَ ذَهَبَتْ فَتَوَضَّأَتْ وَرَجَعَتْ فَجَلَسَتْ فِي محفَّتِهَا فَيَرْحَلُ بَعِيرُهَا ثُمَّ تُحْمَلُ محفَّتُهَا فَتُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ وَهِيَ فِي الْمحَفَّةِ. فَكَانَ أول ما قال فيها المنافقون من اشترك في أمر عائشة أنها خرجت توضأ حِينَ دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ فَانْسَلَّ مِنْ عُنُقِهَا عِقْدٌ لَهَا مِنْ جِزْعِ ظفارٍ فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَالنَّاسُ وَهِيَ فِي بغَاءِ الْعِقْدِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِرَحِيلِهِمْ فَشَدُّوا عَلَى بَعِيرِهَا الْمحَفَّةَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا فِيهِ كَمَا كَانَتْ تَكُونُ، فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَلَمْ تَجِدْ فِي الْعَسْكَرِ أَحَدًا وَغَلَبَتْهَا عَيْنَاهَا
قَالَ عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُصْطَلِقِ ⦗٢٩⦘ السُّلَمِيُّ صَاحِبَ النَّبِيِّ ﷺ تَخَلَّفَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَنِ الْعَسْكَرِ حَتَّى أصبح قالت: بمر بِي فَرَآنِي فَاسْتَرْجَعَ وَأَعْظَمَ مَكَانِي حِينَ رَآنِي وَحْدِي. وَكُنْتُ أَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ.
قَالَتْ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَسَتَرْتُ عَنْهُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِي فَقَرَّبَ لِي بَعِيرَهُ وَوَطِئَ عَلَى ذِرَاعِهِ وَوَلانِي قَفَاهُ حَتَّى رَكِبْتُ وَسَوَّيْتُ ثِيَابِي ثُمَّ بَعَثَهُ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ نَحْوَهُ فَهُنَالِكَ قَالَ فيَّ وَفِيهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ وَأَنَا لا أَعْلَمُ شَيْئًا مَنْ ذَلِكَ وَلا مِمَّا يَخُوضُ فِيهِ النَّاسُ. وَكُنْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَاكِيَةً وَكُنْتُ أَوَّلَ مَا أَنْكَرْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَمْرِي أَنَّهُ كَانَ يَعُودُنِي إِذَا مَرِضْتُ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيَالِي لا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَلا يَعُودُنِي إِلا أَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مَارٌّ: «كَيْفَ تِيكُمْ» فَيَسْأَلُ عَنِّي بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ. فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ مَا أَكْثَرَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِي غَمَّهُ ذَلِكَ. قَالَتْ وَقَدْ كُنْتُ شَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى أُمِّي قَبْلَ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْجَفْوَةِ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ اصْبِرِي فَوَاللَّهِ مَا كَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاءَ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلا رَمَيْنَهَا.
قَالَتْ: فَوَجَدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ صَبِيحَتِهَا إلى عَلِيَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، وَكُنَّا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَنَا كُنُفٌ كُنَّا نَذْهَبُ كَمَا تَذْهَبُ الْعَرَبُ لَيْلا إِلَى اللَّيْلِ. فَقُلْتُ لأُمِّ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: خُذِي الإِدَاوَةَ فَامْلَئِيهَا مَاءً وَاذْهَبِي بِنَا الْمَنَاصِعَ، وَكَانَتْ وَابْنُهَا مِسْطَحٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ قَرَابَةٌ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ينفق عليها وَكَانُوا يَكُونُونَ مَعَهُ وَمَعَ أَهْلِهِ، فَأَخَذَتِ الإِدَاوَةَ وَخَرَجْنَا نَحْوَ الْمَنَاصِعِ وَإِنَّ بِي لِمَا يَشُقُّ عَلَيَّ مِنَ الْغَايطِ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ، قَالَتْ: ثُمَّ مَشَيْنَا فَعَثَرَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ لِصَاحِبِ النَّبِيِّ ﷺ وَصَاحِبِ بَدْرٍ، قَالَتْ: إِنَّكِ لَغَافِلَةٌ عَمَّا فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِكِ، فَقُلْتُ أَجَلْ فَمَا ذَاكَ قَالَتْ: إِنَّ مِسْطَحًا وفلانًا وفلانة ومن اسْتَزَلَّهُمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ الله ابن أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ مِنَ الْخَزْرَجِ الأَنْصَارِيِّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطّلِ يَرْمُونَكِ بِهِ
قَالَتْ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدَ مِنَ الْغَايِطِ ⦗٣٠⦘ وَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بدئي إلى بيتي، فلما أصبحنا في تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَإِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَأَخْبَرَهُمَا بِمَا قِيلَ فيَّ وَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، فَقَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَى أَهْلِكَ سُوءًا، وَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ النِّسَاءُ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ الْخَبَرَ فَتَوَعَّدِ الْخَادِمَ وَاضْرِبْهَا تُخْبِرُكَ يَعْنِي بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ: شَأْنُكَ أَنْتَ بِالْخَادِمِ، فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ وَتَوَعَّدَهَا فَلَمْ تُخْبِرْهُ وِالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ثُمَّ ضَرَبَهَا وَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ إِلا أَنَّهَا جُوَيْرِيَةٌ تُصْبِحُ عَنْ عَجِينَ أَهْلِهَا فَتَدْخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُ مِنَ الْعَجِينِ.
قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ حِينَ سَمِعَ مَا قَالَتْ فيَّ بَرِيرَةَ لِعَلِيٍّ فخرج إلى الناس ﷺ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ لِي مِنْ رِجَالٍ يُؤْذُونِي فِي أَهْلِي وَمَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ سُوءًا وَيَرْمُونَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِي مَا عَلِمْتُ [عَلَيْهِ] سُوءًا وَلا خَرَجْتُ مَخْرَجًا إِلا خَرَجَ مَعِي فِيهِ» فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ مِنَ الأَوْسِ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَحَدٍ مِنَ الأَوْسِ كَفَيْنَاكَهُ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخَزْرَجِيُّ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ وَهَذَا وَاللَّهِ الْبَاطِلُ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ وَرِجَالُ الْفَرِيقَيْنِ فَاسْتَبُّوا وَتَنَازَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَعْظُمَ الأَمْرُ بَيْنَهُمْ.
فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْتِي وَبَعَثَ إِلَى أَبَوَيَّ فَأَتَيَاهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَإِنْ كُنْتِ أَخْطَأْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ» فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي لا أَفْعَلُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ، فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ لِي كَمَا قَالَ أَبِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ تُصَدِّقُنِي وَلَئِنْ بَرَّأْتُ نَفْسِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةً لَتُكَذِّبُنِي فَلَمْ أَجِدْ لِي وَلَكُمْ إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ حِينَ يَقُولُ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا ⦗٣١⦘ تصفون﴾ وَنَسِيتُ اسْمَ يَعْقُوبَ لِمَا بِي مِنَ الْحُزْنِ وَالْبُكَا وَاحْتِرَاقِ الْجَوْفِ، فَتَغَشَّى النَّبِيُّ ﷺ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ مِنَ الْوَحْيِ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَعْرَقُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِي أَمْرِي وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو لِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ بَرَاءَتِي أَنْ يُرِيَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ فِي أَمْرِي رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا عِنْدَ نَبِيِّهِ ﷺ. فَقَالَ لِي أَبَوَايَ عِنْدَ ذَلِكَ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ لا بِحَمْدِكُمْ.
قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ فَلَمَّا رَمَانِي حَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يُنْفِقَهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا قَالَتْ: فَلَمَّا تَلَى النَّبِيُّ ﷺ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ بَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: بَلَى يَا رَبِّ وَعَادَ لِلنَّفَقَةِ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ
قَالَتْ: وَقَعَدَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَقَالَ صَفْوَانُ لِحَسَّانَ فِي الشِّعْرِ حِينَ ضَرَبَهُ:
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ مِنِّي فَإِنَّنِي ... غلامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرٍ
وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حماي و[أنتقم] ... مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبَرَاءِ الطَّوَاهِرِ
فَصَاحَ حَسَّانُ وَاسْتَغَاثَ عَلَى صَفْوَانَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّاسُ فَرَّ صَفْوَانُ وَجَاءَ حَسَّانُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَاسْتَعْدَاهُ عَلَى صَفْوَانَ فِي ضَرْبَتِهِ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَهِبَ لَهُ ضَرْبَةَ صَفْوَانَ فَوَهَبَهَا لَهُ، فَعَاضَهُ مِنْهَا حَائِطًا مِنَ النَّخْلِ عَظِيمًا وَجَارِيَةً رُومِيَّةً يُقَالُ أَوْ قِبْطِيَّةً تُدْعَى سِيرِينَ، فَوَلَدَتْ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الشَّاعِرَ.
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطلب عن عكرمة عن عبيد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ بَاعَ حَسَّانُ ذَلِكَ الْحَائِطُ مِنْ مُعَاوِيَةَ ابن أَبِي سُفْيَانَ بِمَالٍ عَظِيمٍ فِي وِلايَتِهِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَلَغَنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي سَلُولٍ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ
⦗٣٢⦘
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقِيلَ فِي أَصْحَابِ الإِفْكِ أَشْعَارٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِمِسْطَحٍ فِي رَمْيِهِ عَائِشَةَ وَكَانَ يُدْعَى عَوْفًا:
يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلا قُلْتَ عَارِفَةُ ... مِنَ الْكَلامِ وَلَمْ تَتَّبِعْ طَمَعَا
وَأَدْرَكَتْك حُمَيَّا مَعْشَرٍ أُنُفٍ ... وَلَمْ تَكُنْ قَاطِعًا يَا عَوْفُ مُقْتَطِعَا
هَلا خَزَيْتَ مِنَ الأَقْوَامِ إِذْ حَشَدُوا ... فَلا تَقُولُ وَإِنْ غَازَيْتَهُمْ قَذَعَا
لَمَا رَمَيْتَ حَصَانًا غَيْرَ مُقْرَفَةٍ ... أَمِينَةَ الْجَيْبِ لَمْ تَعْلَمْ لَهَا خَضَعَا
فِيمَنْ رَمَاهَا وَكُنْتُمْ معشرًا أفكًا ... في سيء الْقَوْلِ بِاللَّفْظِ الْخَنَا سُرَعَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرًا فِي بَرَاءَتِهَا ... وَبَيْنَ عَوْفٍ وَبَيْنَ اللَّهِ مَا صَنَعَا
فَإِنْ أَعِشْ أَجْزِ عَوْفًا فِي مَقَالَتِهِ ... شَرَّ الْجَزَاءِ بِمَا أَلْفَيْتُهُ تَبِعَا
وَقَالَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ ثُمَّ الأَزْدِيِّ فِي الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ ﵂ فِي الشِّعْرِ:
تَشْهَدُ الأَوْسُ كَهْلَهَا وَفَتَاهَا ... وَالْخماسِيُّ مِنْ نَسْلِهَا وَالْفَطِيمُ
وَنِسَاءُ الْخَزْرَجِ يَشْهَدْنَ ... بِاللَّهِ بِحَقٍّ وَذَلِكُمْ مَعْلُومٌ
أَنَّ بِنْتَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَصَانًا ... عَفَّةَ الْجَيْبِ دِينُهَا مُسْتَقِيمُ
تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْمَغِيبِ عَلَيْهَا ... نِعْمَةُ اللَّهِ سَتْرُهَا مَا تَرِيمُ
خَيْرُ هَذِي النِّسَا حَالا وَنَفْسًا ... وَأَبًا لِلْعُلَى نَمَاهَا كَرِيمُ
لِلْمَوَالِي الأُلَى رَمَوْهَا بِإِفْكٍ ... أَخَذَتْهُمْ مَقَامِعُ وَجَحِيمُ
لَيْتَ مَنْ كَانَ قَدْ قَفَاهَا بِسُوءٍ ... فِي حطامٍ حَتَّى يَتُوبَ اللَّئِيمُ
وَعَوَانٌ مِنَ الْحُرُوبِ تَلَظَّى ... لَهَبًا فَوْقَهَا عِقَابٌ صَرِيمُ
لَيْتَ سَعْدًا وَمَنْ رَمَاهَا بِسُوءٍ ... فِي حُطَامٍ حتى يَتُوبُ الظَّلُومُ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ يَبُرِّئُ عَائِشَةَ فِيمَا قِيلَ فِيهَا وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهَا، فَقَالَ فِي الشِّعْرِ لَهَا:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
حَلِيلَةُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا ... نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمُكْرمات الفواضل
عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهَا غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خَيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَبَاطِلِ
⦗٣٣⦘
فَإِنْ كَانَ مَا جَاءَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِطٍ ... بِكَ الدَّهْر بَلْ قَوْلُ امْرِئٍ جَدٍّ مَاحِلِ
وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ
لَهُ رَتَبٍ عَالٍ عَلَى النَّاسِ قَدْرُهَا ... تَقَاصَرُ عَنْهَا سُورَةَ الْمُتَطَاوِلِ
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِالَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ فَجُلِدُوا الْحَدَّ جَمِيعًا ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ.
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الشِّعْرِ لَهُمْ حِينَ جُلِدُوا:
لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلَهُ ... وَحَمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ
تَوَاصَوْا بِرَجْمِ الْقَوْلِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ ... وَسَخْطَةُ ذِي الرَّبِّ الْكَرِيمِ فَأَبْرَحُوا
وَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا فَعُمِّمُوا ... مَخَازِي ذُلٍّ جَلَّلُوهَا وَفُضِّحُوا
وَصُبَّتْ عَلَيْهِمْ مُحْصَدَاتٌ كَأَنَّهَا ... شَآبِيبُ قَطْرٍ مِنْ ذُرَى الْمُزْنِ يَدْلَحُ
1 / 26
٥ - قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ [زَيْدِ] بن حسن بن علي ابن أبي طالب [عن] عبد الله ابن أبي بكر بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيّ ثُمَّ النجاري: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَلَدَ عبد الله ابن أبي سَلُولٍ وَفُلانًا وَفُلانَةً الْحَدَّ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ فِي رَمْيِهِمْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ).
1 / 33
٦ - قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: ⦗٣٥⦘ بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كبره منهم له عذاب عظيم﴾ أَنَّهُ فُلانٌ وَفُلانٌ.
1 / 34
٧ - قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْكِنَانِيُّ ثُمَّ اللَّيْثِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الْمَخْزُومِيِّ: أَنَّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ أَنَّهُ فُلانٌ وَفُلانٌ.
1 / 35
٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَبُو يَعْقُوبَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ قَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا الله، فكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعض كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعِيتُ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ.
زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ لَهُمْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأَنْزِلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، قُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ فَخَرَجْتُ وَالْتَمَسْتُ عِقْدِي ⦗٣٨⦘ فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُوا بِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي وَحَمَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَحْمِلْنَ اللَّحْمَ وَإِنَّمَا كُنَّ يَأْكُلْنَ الْعَلَقَتَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي وَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ.
فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةً فِي مَنْزِلِي غلبتني عيناني فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَدْلَجَ وَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَايِمٍ فَأَتَانِي حِينَ رَآنِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلا سَمِعْتُ مِنْهُ غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبَتْهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ.
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ شَهْرًا وَالنَّاسُ يَفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ وَأَنَا لا أَشْعَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ⦗٣٩⦘ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجْعِي إِنِّي لا أَرَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ اللُّطْفِ الَّذِي كُنْتُ أَرَى حِينَ أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَيُسَلِّمُ فَيَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ» فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلا أَشْعَرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى نَقَهْتُ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ [الْمَنَاصِعِ] مُتَبَرَّزَنَا لا تَخْرُجُ إِلا لَيْلا إِلَى لَيْلٍ قَبْلَ أَنْ تُحْدَثَ الْكُنُفُ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنَةُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي حَتَّى فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ تسبين رجلًا قد شهد بردًا أَيْ [أمتاه] قَالَتْ: أَفَمَا عَلِمْتُ أَوْ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ وَمَا ذَاكَ قَالَ: فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي.
فَلَمَّا دُفِعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: «تِيكُمْ» فَقُلْتُ لَهُ: ائْذَنْ لِي آتِي أَبَوَيَّ، وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَتَيْتُ أُمِّي فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةً قَطُّ ⦗٤٠⦘ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلا كَثُرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا
قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ ودعى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ فَقَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلُكَ وَلا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سواها كثير وسل الجارية تصدقك، فدعى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَرِيرَةَ فَقَالَ لَهَا: «هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ» قَالَتْ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عليها سوءًا قط أغمضه عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ.
قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي» فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ فَقَامَ ⦗٤١⦘ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَاللَّهِ لا تَقْتُلُهُ وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحَضِيرِ وَكَانَ ابْنَ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فإن مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا.
قَالَتْ: وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لا يَرْقَى لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلا أَظُنُّ الْبُكَاءَ إِلا فَالِقًا كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي
قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قيل في ما قيل قبلها وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسُيَبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَالَتَهُ تَقَلَّصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فيما قَالَ، قَالَتْ: فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيمَا قَالَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ وَاسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي مِنْهُ بَرِيئَةً وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي. وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ ﵇: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ ⦗٤٢⦘ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تصفون﴾
قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ مُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنَزِّلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى وَلَشَأْنِي أَحْقَرُ فِي نفسي من أن يتكلم بالله فِيَّ بأمرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي أَمْرِي رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَجْلِسَهُ وَلا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلَ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي مِنْ ثِقَلِ الْقُرْآنِ الَّذِي عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَضْحَكُ كَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ» فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لا أَقُومُ إِنِّي لا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ الآيَاتِ كُلّهَا
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ وَاللَّهِ لا أنفق على مسطح شيء أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذه الآية: ﴿ولا يأتل أولوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ نَفَقَتَهُ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَتَهُ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، فَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ ⦗٤٣⦘ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ خَبَرِ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا سَأَلَ بَرِيرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَسْأَلُنِي عَنْ عَائِشَةَ فَوَاللَّهِ لَعَائِشَةُ أَطْيَبُ مِنْ طَيِّبِ الذَّهَبِ لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ النَّاسُ حَقًّا لَيُخْبِرَنَّكَهُ اللَّهُ عز وعلا.
1 / 37
٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَعُسُّ فَإِذَا هُوَ بِنِسْوَةٍ يَتَحَدَّثْنَ وَإِذَا هُنَّ يَقُلْنَ: أَيُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصْبَحَ؟ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَبُو ذُؤَيْبٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ، فَإِذَا هُوَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ ذِيبُهُنَّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تُجَامِعُنِي بِأَرْضٍ أَنَا بِهَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لا بُدَّ مَسِيرِي فَسَيِّرْنِي حَيْثُ سَيَّرْتَ ابْنَ عَمِّي، فَأَمَرَ لَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ وَسَيَّرَهُ إِلَى البصرة.
1 / 45
١٠ - و(به) قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعُسُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ هُوَ بِامْرَأَةٍ تَقُولُ:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبُهَا ... أَمْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ
فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْبَحِ النَّاسِ وَأَحْسَنِهِ شَعْرًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَطِمَّ شَعْرَهُ فَفَعَلَ فَخَرَجَ جَبِينُهُ فَازْدَادَ حُسْنًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اذْهَبْ فَاعْتَمَّ فَفَعَلَ فَازْدَادَ حُسْنًا، فَقَالَ: لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُجَامِعُنِي بِأَرْضٍ أَنَا بِهَا، فَأَمَرَ لَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ ثُمَّ سَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ.
١١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي عُلْوَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَجَلِيُّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَعُسُّ فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ: أَلا سَبِيلَ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبُهَا ... أَمْ لا سَبِيلَ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ قَالَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا: وَمَنْ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ؟ قَالَتْ: رَجُلٌ وَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدِي فِي لَيْلَةٍ مِنَ الْقَيْظِ فِي طُولِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ ولم يكن معه غيره، فدعى بِهَا عُمَرُ فَخَفَقَهَا بِالدِّرَّةِ وَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبَرَ عَنْهَا بِعَفَافٍ ⦗٤٧⦘ فَانْصَرَفَ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرْسَلَ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ وَكَانَتْ عَلَيْهِ جُمَّةٌ حَسَنَةٌ، فَأَمَرَ بِهَا فَحُلِقَتْ ثُمَّ رَاحَ عَلَيْهِ فِي الْحِلاقِ أَحْسَنَ مِنْهُ فِي الْجُمَّةِ، فَقَالَ: لا تُسَاكِنِّي بِبَلَدٍ يَتَمَنَّاكَ فِيهِ النِّسَاءُ فِي الشِّعْرِ انْظُرْ أَيَّ بَلَدٍ شِئْتَ فَالْحَقْ بِهِ، فَاخْتَارَ البصرة فقال في الشعر: أإن غنت الزلفا يَوْمًا بِمُنْيَةٍ ... وَبَعْضُ أَمَانِي النِّسَاءِ غَرَامُ ظَنَنْتَ بِي الأَمْرَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... بَقَاءٌ وَمَا بِي فِي النَّدَى كَلامُ فَأَصْبَحْتُ مَنْفِيًّا عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ ... وَقَدْ كَانَ لِي فِي الْمَكَّتَيْنِ مُقَامُ وَيَمْنَعُنِي مِمَّا تَظُنُّ تَكَرُّمٌ ... وَأَبَا صِدْقٍ سَالِفُونَ كِرَامُ وَيَمْنَعُهَا مِنْ مُنْيَتَيْهَا تَعَبُّدٌ ... وَحَالٌ لَهَا فِي قَوْمِهَا وَصِيَامُ فَهَاتَانِ حَالانَا فَهَلْ أَنْتَ رَاجِعِي ... فَقَدْ حَبَّ مِنَّا غَارِبٌ وَسَنَامُ فَقَالَ: لا رَجْعَةَ، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: قَلْ لِلإِمَامِ الَّذِي يُخْشَى بَوَادِرُهُ ... مَالِي وَلِلْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِنِّي عَنَيْتُ أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِمَا ... شُرْبَ الْحَلِيبِ وَطرف فَاتِر سَاجِ إِنَّ الْهَوَى ذَمُّهُ التَّقْوَى تَخِيسُهُ ... حَتَّى أَقَرَّ بِالْجَامِ وَإِسْرَاجِ مَا منية لَمْ أَطِرْ فِيهَا بِطَائِرَةٍ ... وَالنَّاسُ مِنْ هَالِكٍ فِيهَا وَمِنْ نَاجِ لا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقًّا أَوْ تيقنه ... إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الْخَائِفِ الرَّاجِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْكِ إِلا خَيْرٌ. وَمَضَى نَصْرٌ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ فَنَزَلَ عَلَى مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَ شَيْخَ بَنِي سُلَيْمٍ وَسَيِّدَهُمْ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يُقَالُ لَهَا خَضْرَا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ ذَاتَ شَكْلٍ وَجَمَالٍ وَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَ الشُّفُوفَ وَهِيَ الثِّيَابُ الرِّقَاقُ الَّتِي تَشِفُّ عَنِ الْمَرْأَةِ فَيُرَى جِلْدُهَا مِنْهُ، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَتَعَشَّى مَعَ مُجَاشِعِ بْنِ ⦗٤٨⦘ مَسْعُودٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَفِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ أصحيان إِذْ كَتَبَ فِي الأَرْضِ: أُحُبُّكِ حُبًّا لَوْ كَانَ فَوْقَكِ أَظَلَّكِ وَلَوْ كان تحتك أقللك، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ كَاتِبَةً فَقَرَأَتْهُ وَقَالَتْ: وَأَنَا وَاللَّهِ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَا هَذَا قَالَتْ: قَالَ مَا أَحْسَنَ دَارَكُمْ فَقُلْتُ وَأَنَا وَاللَّهِ فَقَالَ: مَا هَذَا لِهَذَا قَالَتْ قَالَ: مَا أَغْزَرَ بُخْتِيَّتَكُمْ قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ فَقَالَ: مَا هَذَا لِهَذَا وَأَهْوَى الشَّيْخُ إِلَى حَيْثُ الْخَطِّ فَأَكْفَأَ عَلَيْهِ صَحْفَةً ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَلِّمٍ كَانَ قُرْبَهُ فَأَرَاهُ تِلْكَ الْخُطُوطَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: هَذَا لِهَذَا اذْهَبْ يَا ابْنَ أَخِي إِنْ كَانَ الطَّلاقُ ثَلاثًا فَهِيَ طَالِقٌ أَلْفًا، فَقَالَ نَصْرٌ: هِيَ طَالِقٌ يَوْمَ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهَا بَيْتٌ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَالِي فَأَشْخَصَهُ إِلَى فَارِسَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُشَخِّصُوهُ لِعَنَتٍ عُنِّتَهُ فِي فَارِسٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَشْخَصْتُمُونِي لأَلْحَقَنَّ بِالشِّرْكِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ فَأَمَرَ أَنْ يُكَفَّ عَنْهُ.
١١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي عُلْوَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَجَلِيُّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَعُسُّ فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ: أَلا سَبِيلَ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبُهَا ... أَمْ لا سَبِيلَ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ قَالَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا: وَمَنْ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ؟ قَالَتْ: رَجُلٌ وَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدِي فِي لَيْلَةٍ مِنَ الْقَيْظِ فِي طُولِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ ولم يكن معه غيره، فدعى بِهَا عُمَرُ فَخَفَقَهَا بِالدِّرَّةِ وَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبَرَ عَنْهَا بِعَفَافٍ ⦗٤٧⦘ فَانْصَرَفَ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرْسَلَ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ وَكَانَتْ عَلَيْهِ جُمَّةٌ حَسَنَةٌ، فَأَمَرَ بِهَا فَحُلِقَتْ ثُمَّ رَاحَ عَلَيْهِ فِي الْحِلاقِ أَحْسَنَ مِنْهُ فِي الْجُمَّةِ، فَقَالَ: لا تُسَاكِنِّي بِبَلَدٍ يَتَمَنَّاكَ فِيهِ النِّسَاءُ فِي الشِّعْرِ انْظُرْ أَيَّ بَلَدٍ شِئْتَ فَالْحَقْ بِهِ، فَاخْتَارَ البصرة فقال في الشعر: أإن غنت الزلفا يَوْمًا بِمُنْيَةٍ ... وَبَعْضُ أَمَانِي النِّسَاءِ غَرَامُ ظَنَنْتَ بِي الأَمْرَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... بَقَاءٌ وَمَا بِي فِي النَّدَى كَلامُ فَأَصْبَحْتُ مَنْفِيًّا عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ ... وَقَدْ كَانَ لِي فِي الْمَكَّتَيْنِ مُقَامُ وَيَمْنَعُنِي مِمَّا تَظُنُّ تَكَرُّمٌ ... وَأَبَا صِدْقٍ سَالِفُونَ كِرَامُ وَيَمْنَعُهَا مِنْ مُنْيَتَيْهَا تَعَبُّدٌ ... وَحَالٌ لَهَا فِي قَوْمِهَا وَصِيَامُ فَهَاتَانِ حَالانَا فَهَلْ أَنْتَ رَاجِعِي ... فَقَدْ حَبَّ مِنَّا غَارِبٌ وَسَنَامُ فَقَالَ: لا رَجْعَةَ، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: قَلْ لِلإِمَامِ الَّذِي يُخْشَى بَوَادِرُهُ ... مَالِي وَلِلْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِنِّي عَنَيْتُ أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِمَا ... شُرْبَ الْحَلِيبِ وَطرف فَاتِر سَاجِ إِنَّ الْهَوَى ذَمُّهُ التَّقْوَى تَخِيسُهُ ... حَتَّى أَقَرَّ بِالْجَامِ وَإِسْرَاجِ مَا منية لَمْ أَطِرْ فِيهَا بِطَائِرَةٍ ... وَالنَّاسُ مِنْ هَالِكٍ فِيهَا وَمِنْ نَاجِ لا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقًّا أَوْ تيقنه ... إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الْخَائِفِ الرَّاجِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْكِ إِلا خَيْرٌ. وَمَضَى نَصْرٌ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ فَنَزَلَ عَلَى مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَ شَيْخَ بَنِي سُلَيْمٍ وَسَيِّدَهُمْ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يُقَالُ لَهَا خَضْرَا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ ذَاتَ شَكْلٍ وَجَمَالٍ وَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَ الشُّفُوفَ وَهِيَ الثِّيَابُ الرِّقَاقُ الَّتِي تَشِفُّ عَنِ الْمَرْأَةِ فَيُرَى جِلْدُهَا مِنْهُ، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَتَعَشَّى مَعَ مُجَاشِعِ بْنِ ⦗٤٨⦘ مَسْعُودٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَفِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ أصحيان إِذْ كَتَبَ فِي الأَرْضِ: أُحُبُّكِ حُبًّا لَوْ كَانَ فَوْقَكِ أَظَلَّكِ وَلَوْ كان تحتك أقللك، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ كَاتِبَةً فَقَرَأَتْهُ وَقَالَتْ: وَأَنَا وَاللَّهِ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَا هَذَا قَالَتْ: قَالَ مَا أَحْسَنَ دَارَكُمْ فَقُلْتُ وَأَنَا وَاللَّهِ فَقَالَ: مَا هَذَا لِهَذَا قَالَتْ قَالَ: مَا أَغْزَرَ بُخْتِيَّتَكُمْ قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ فَقَالَ: مَا هَذَا لِهَذَا وَأَهْوَى الشَّيْخُ إِلَى حَيْثُ الْخَطِّ فَأَكْفَأَ عَلَيْهِ صَحْفَةً ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَلِّمٍ كَانَ قُرْبَهُ فَأَرَاهُ تِلْكَ الْخُطُوطَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: هَذَا لِهَذَا اذْهَبْ يَا ابْنَ أَخِي إِنْ كَانَ الطَّلاقُ ثَلاثًا فَهِيَ طَالِقٌ أَلْفًا، فَقَالَ نَصْرٌ: هِيَ طَالِقٌ يَوْمَ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهَا بَيْتٌ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَالِي فَأَشْخَصَهُ إِلَى فَارِسَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُشَخِّصُوهُ لِعَنَتٍ عُنِّتَهُ فِي فَارِسٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَشْخَصْتُمُونِي لأَلْحَقَنَّ بِالشِّرْكِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ فَأَمَرَ أَنْ يُكَفَّ عَنْهُ.
1 / 46
١٢ - حَدَّثَنَا [أَبُو الْحُسَيْنِ] أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَرِيزِيُّ شَيْخٌ كَانَ مَعَنَا بِبَغْدَادَ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ⦗٥٠⦘ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عَوْفٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ كَانَ يَحْرُسُ الْمَدِينَةَ بِاللَّيْلِ فَسَقَطَ عَلَى فَتَيَاتٍ فَإِذَا بَعْضُهُنَّ يَقُولُ:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَنَشْرَبُهَا ... أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ
فَبَعَثَ إِلَى نَصْرٍ فَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فَنَزَلَ عَلَى مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَتَحْتَ مُجَاشِعٍ يَوْمَئِذٍ شُمَيْلَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا شُمَيْلَةُ الْغَطَارِيفِ، وَهِيَ مِنْ رَهْطِ شِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ الْبَجَلِيِّ
قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا يَتَحَدَّثُ مَعَ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ إِذْ كَتَبَ لَهَا فِي الأَرْضِ: إِنِّي أُحِبُّكِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ كَلِمَةً خَفِيَّةً وَأَنَا، وَكَانَتْ قارية.
فَقَالَ الشَّيْخُ: مَا وَأَنَا فَأَكَبَّ الْعُلْبَةَ عَلَى الْكِتَابِ حَتَّى عَلِمَ مَا هُوَ، قَالَ: فَدَخَلَهُ الْحَيَاءُ وَقَعَدَ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى مَرِضَ، قَالَ: فَأَقْسَمَ عَلَيْهَا مُجَاشِعٌ لَتَصْنَعَنَّ طَعَامًا وَلَتَمْضِيَنَّ بِهِ أَنْتِ وَجَوَارِكِ حَتَّى تُسْنِدِيهِ إِلَى صَدْرِكِ، فَفَعَلَتْ فَبَرَأَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُقِيمُ بِهَذِهِ الأَرْضِ حَيَاءً مِنْ فَعْلَتِهِ الَّتِي فَعَلَ، فَأَتَى الشَّامَ فَسَادَ النَّاسَ.
قَالَ وَشُمَيْلَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا عُيَيْنَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ:
فَلَيْسَ قُلُوصِي عَرِيَتْ أَوْ أَنَخْتُهَا ... إِلَى حسنٍ مِنْ دَارِهِ وَابْنِ جَعْفَرِ
إِلَى فتيةٍ لا يَخْصِفُونَ نِعَالَهُمْ ... وَلا يَلْبَسُونَ السَّبْتَ غَيْرَ مُخَصَّرِ
أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَقْضِ حَاجَتِي ... وَلَمْ يَرْجُ مَعْرُوفِي وَلَمْ يَخْشَ مُنْكَرِي
أُتِيحَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ دُونِ حَاجَتِي ... شُمَيْلَةُ أَمْرًا بِالْحَدِيثِ الْمُفَتَّرِ
تَرِفُّ السِّوَاكَ رَفَّ أُدْمًا مُغَزَّلٍ ... عَلَى بَرَدٍ كَالأُقْحُوَانِ الْمُنَوَّرِ
⦗٥١⦘
وَمَا اقْتَرَبَتْ مِنْ ضَوْءِ نَارٍ تَحُثُّهَا ... شَمِيلَةُ إِلا أن تصلي بمجمر
وتسمع أصواب الْخُصُومِ بِبَابِهِ ... كَصَوْتِ الْحَمَامِ فِي الْقَلِيبِ الْمُعَوَّرِ
رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ.
1 / 49
١٣ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ بَايَعَهُ فَقَالَ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَلا لَتُخْضَبَنَّ أَوْ لَتُصْبَغَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ لِحْيَتُهُ مِنْ رَأْسِهِ. ثُمَّ تَمَثَّلَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:
اشْدُدْ حَيازيمك لِلْمَوْتِ ... إِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَا
وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ ... إِذَا حل بواديكا
١٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنِي مَنْ كَانَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي المسجد فمر به ⦗٥٣⦘ ابن مرخوية الشَّاعِرُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هَذَا أَكْذَبُ الْعَرَبِ، أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي يَقُولُ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ مُفْتِي الْمَدِينَةَ ... هَلْ فِي حُبِّ دَهْمَاءَ مِنْ وِزْرِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إنما ... تلام على ما تستطيع من الأمر وَاللَّهِ مَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا قط.
١٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنِي مَنْ كَانَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي المسجد فمر به ⦗٥٣⦘ ابن مرخوية الشَّاعِرُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هَذَا أَكْذَبُ الْعَرَبِ، أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي يَقُولُ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ مُفْتِي الْمَدِينَةَ ... هَلْ فِي حُبِّ دَهْمَاءَ مِنْ وِزْرِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إنما ... تلام على ما تستطيع من الأمر وَاللَّهِ مَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا قط.
1 / 52
إِسْلامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ
١٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ سُلْمَى الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ وَبُجَيْرٌ ابْنَا زُهَيْرٍ حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعَزَّافَ قَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ فِي غَنَمِنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ حَتَّى آتِيَ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَسْمَعَ مِنْهُ فَثَبَتَ كَعْبٌ وَخَرَجَ بُجَيْرٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإسلام فأسلم، وبلغ ذلك كعب قَالَ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شيءٍ ويب غَيْرك دَلَّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
⦗٥٤⦘
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسِ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَهْدَرَ دَمَهُ وَقَالَ: «مَنْ لَقِيَ كَعْبًا فَلْيَقْتُلْهُ»، فَكَتَبَ بِذَلِكَ بُجَيْرٌ إِلَى أَخِيهِ يَذْكُرُ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَهْدَرَ دَمَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: النَّجَاةَ وَمَا أَرَى أَنْ تَنْفَلِتَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: اعْلَمَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لا يَأْتِيهِ أحدٌ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلا قَبِلَ مِنْهُ وَأَسْقَطَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَسْلِمْ وَأَقْبِلْ.
فَأَسْلَمَ كَعْبٌ، وَقَالَ الْقَصِيدَةَ الَّتِي مَدَحَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَصْحَابِهِ مَكَانَ الْمَائِدَةِ مِنَ الْقَوْمِ يَتَحَلَّقُونَ مَعَهُ حَلَقَةً دُونَ حَلَقَةٍ يَلَتَفَّتُ إِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً وَإِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ. قَالَ كَعْبٌ: فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَعَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالصُّفَّةِ، فَتَخَطَّيْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَأَسْلَمْتُ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، الأَمَانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ أَنْتَ» قُلْتُ: أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: «الَّذِي يَقُولُ» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: «كَيْفَ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ» فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ:
أَلا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ ويب غَيْرك دَلَّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسِ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْتُ هَكَذَا، قَالَ: «فَكَيْفَ قُلْتَ؟» إِنَّمَا قُلْتُ:
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُورَ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَقَالَ: مَأْمُورٌ وَاللَّهِ
ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا
قَالَ: وَأَمْلاهَا عَلَيَّ الْحَجَّاجُ بْنُ ذِي الرَّقِيبَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا وَهِيَ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ.
⦗٥٥⦘
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتبولُ ... متيمٌ عِنْدَهَا لَمْ يفد مَغْلُولُ
وَمَا سُعَادُ غَدَاةُ الْبَيْنِ إِذْ ظَعَنُوا ... إِلا أَغَنُّ غَضِيضَ الطَّرفِ مَكْحُولُ
⦗٥٦⦘
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظُلَمٍ إِذَا ابْتَسَمَتْ ... كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بِالْكَأْسِ مَعْلُولُ
شَجَّ السُّقَاةُ عَلَيْهِ مَاء محنية ... مِنْ مَاءِ أَبْطَحَ أَمْسَى وَهُوَ مَشْمُولُ
تَنْفِي الرِّيَاحُ الْقَذَا عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ ... مِنْ صَوْبِ غَادِيَةٍ بِيضٍ يَعَالِيلُ
سُقْيًا لَهَا خلةٌ لَوْ أَنَّهَا صَدَقَتْ ... مَوْعُودَهَا أَوْ لَوْ أَنَّ الْعُذْرَ مَقْبُولُ
لَكِنَّهَا خُلَّةٌ قَدْ شِيطَ مِنْ دَمِهَا ... فجعٌ وولعٌ وَإِخْلافٌ وَتَبْدِيلُ
فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا ... كَمَا تَلَوَّنُ فِي أَثْوَابِهَا الْغولُ
وَلا تَمَسَّكَ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ ... إِلا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلا ... وَهَلْ مَوَاعِيدُهَا إِلا الأَبَاطِيلُ
فَلا يَغُرَّنَّكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ ... إِنَّ الأَمَانِيَ وَالأَحْلَامَ تَضْلِيلُ
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ مَا يُبَلِّغُهَا ... إِلا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ
وَلَنْ يُبَلِّغَهَا إِلا غدافرةٌ ... فِيهَا عَلَى الأَيْنِ إرقالٌ وَتَبْغِيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الأَعْلامِ مجهول
يجدوا القراد عليها ثم يزلقه ... منها لبان وأقرب زهاليل
غيرانة قُذِفَتْ بِالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ ... مِرْفَقُهَا عَنْ ضُلُوعِ الذور مَفْتُولُ
كَأَنَّمَا فَاتَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحَهَا ... مِنْ خَطْمِهَا وَمِنَ اللَّحْيَيْنِ بَرطِيلُ
تَمُرُّ مِثْلَ عَسِيبَ النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... بِغَارِبٍ لَمْ تَخَوَّنَهُ الأَحَالِيلُ
قَنْوَاءُ فِي حُرِّيَّتِهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ
تَخدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهِيَ لاهِيَةٌ ... ذَوَابِلُ وَقعُهُنَّ الأَرْضَ تَحْلِيلُ
حَرْفٌ أَبُوهَا أَخُوهَا مِنْ مُهَجَّنَةٍ ... وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شَمْلِيلُ
سُمْرُ العجايات يتركن الحصى زيمًا ... لَمْ يَقِهِنَّ رُءُوسُ الأُكُمِ تَنْعِيلُ
يَوْمًا يَظَلُّ حِدَابُ الأَرْضِ يَرْفَعُهَا ... مِنَ اللَّوَامِعِ تَخْلِيطٌ وَتَزْبِيلُ
كَأَنَّ أَوْبَ يَدَيْهَا بَعْدَ عَرَقٍ ... وَقَدْ تَلَفَّعَ بالقور العساقيل
أوب بدى فاقد شمطاء معولة ... قامت وجوابها شمطٌ مَثَاكِيلُ
⦗٥٧⦘
نَوَّاحَةٌ رَخْوَةُ الضَّبَعَيْنِ لَيْسَ لَهَا ... لَمَّا نَعَى بِكْرَهَا النَّاعُونَ مَعْقُولُ
يَسْعَى الْغُوَاةُ بجنبتيها وقولهم ... إنك با ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ
خَلُّوا سَبِيلَ يَدَيْهَا لا أبًا لكم ... فكلما قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ ... يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي ... وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ
مَهْلا هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ ... الْفُرْقَانِ فِيهِ مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ فَلَمْ ... أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ «فِيَّ الأَقَاوِيلُ
لَقَدْ أَقُومُ مُقَامًا لَوْ يَقُومُ بِهِ ... أرى وأسمع ما لم يَسْمَعُ الْفِيلُ
لَظَلَّ يُرْعِدُ إِلا أَنْ يَكُونَ بِهِ ... عِنْدَ الرَّسُولِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَنْوِيلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَمِينِي لا أُنَازِعُهُ ... فِي كَفِّ ذِي نَعَمَاتٍ قِيلُهُ الْقِيلُ
وَكَانَ أَخْوَفَ عِنْدِي إِذْ أُكَلِّمُهُ ... وَقِيلَ إِنَّكَ مَنْسُوبٌ وَمَسْئُولُ
مِنْ خَادِرٍ شَبِكِ الأَنْيَابِ طَاعَ لَهُ ... بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونه غيل
يغدو فيلجم ضرغامين عيشهما ... لحمٌ من القوم تعفورٌ خَرَادِيلُ
مِنْهُ تَظَلُّ حَمِيرُ الْوَحْشِ ضَامِرَةً ... وَلا تُمَشِّي بِوَادِيهِ الأَرَاجِيلُ
وَلا يَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ ... مُضَرَّحُ اللَّحْمِ وَالدَّرَسَانِ مَأْكُولُ
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... وَصَارِمٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
⦗٥٨⦘
فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلا كُشُفٌ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلا ميلٌ مَعَازِيلُ
شُمُّ الْعَرَانينِ أبطالٌ لَبُوسُهُمْ ... مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ ... كَأَنَّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ
يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ ... ضَرْبٌ إِذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ
لا يَفْرَحُونَ إِذَا مَالَتْ رِمَاحُهُمْ ... قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إِذَا نِيلُوا
لا يقطع الطَّعْنُ إِلا فِي نُحُورِهِمْ ... وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ
1 / 53
١٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْقَصُ عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ قَالَ: أَنْشَدَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بن أَبِي سُلْمَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبولُ ... مُتَيَّمٌ عِنْدَهَا لَمْ يفد مَغْلُولُ
1 / 58
١٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: أَنْشَدَ النَّبِيَّ ﷺ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ بَانَتْ سُعَادُ فِي مَسْجِدِهِ بالمدنية فَلَمَّا بَلَغَ:
إِنَّ الرَّسُولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضَاء بِهِ ... مهند من سيوف الله مسلول
⦗٦٠⦘
في قتيبة مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكُمِّهِ إِلَى الْخَلْقِ لِيَأْتُوا فَيَسْتَمِعُوا منه.
1 / 59
حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ
١٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ابْنُ أُخْتِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: اجْتَمَعَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَعَاهَدْنَ لِيَتَصَادَقْنَ بَيْنَهُنَّ وَلا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا.
قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جملٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جبلٍ، لا سمينٌ فَيُرْتَقَى إِلَيْهِ وَلا سهلٌ فَيُنْتَقَلُ.
قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ.
قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ.
قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لا حُرٌّ وَلا قُرٌّ، وَلا مَخَافَةٌ وَلا سَآمَةٌ.
قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ.
قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ استف، وإن اضجع الْتَفَّ، وَلا يُولِجُ الْكَفَّ، لِيَعْلَمَ الْبَثَّ.
قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ داءٍ لَهُ دواءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ.
قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، عَظِيمُ النِّجَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ.
قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أرنبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زرنبٍ وَأَنَا أَغْلِبُ وَالنَّاسُ تُغْلَبُ.
قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مالكٌ وَمَا مالكٌ خيرٌ مِنْ ذَلِكَ لَهُ إبلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك.
قالت الحادي عشرة: زَوْجِي أَبُو زرعٍ وَمَا أَبُو زرعٍ أَنَاسَ أذني وفرع أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلأَ مِنْ شحمٍ عضدي وبجحني فبجحت إلي نفسي فوجدني في أهل غنيمة وشق، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صهيلٍ وأطيطٍ ودائسٍ وَمُنَقٍّ، فعنده أقول فلا أقبح وأشرب فأتقلح وأرقد فأتصبح
أم أَبِي زرعٍ وَمَا أُمُّ أَبِي زرعٍ، عُكُومُهَا رداحٌ وَبَيْتُهَا ⦗٦٣⦘ فساحٌ
ابْنُ أَبِي زرعٍ وَمَا ابْنُ أَبِي زرعٍ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِ شطبةٍ وَتُشْبِعُهُ ذارع الْجَفْرَةِ
ابْنَةُ أَبِي زرعٍ وَمَا ابْنَةُ أَبِي زرعٍ، طَوْعُ أَبِيهَا وَصُفْرُ رِدَائِهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا.
جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ وَمَا جَارِيَةُ أبي زر؟ لا تبث حديثنا تبثيثًا ولا تنقث ميرتنا تنفيثًا ولا تملأ بيتنا تَعْشِيشًا.
خَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امَرَأَةً لَهَا ابْنَانِ كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَنَكَحَهَا أَبُو زَرْعٍ وَطَلَّقَنِي فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا فَقَالَ: كُلِي أُمَّ زرعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ مَا أَعْطَانِي مَا مَلأَ أَصْغَرَ إِنَاءٍ مِنْ آنِيَةِ أَبِي زرعٍ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا عَائِشُ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زرعٍ لأُمِّ زرعٍ».
هَذَا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لأُمِّ زَرْعٍ.
1 / 62
١٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ سَوَاءٌ مِثْلُهُ.
هَذَا مِنْ حَدِيثِ إبراهيم وحده.
1 / 70
تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ:
قَوْلَهَا عُجَرَهُ قَالَ: تَعْنِي الْعُكَنَ الَّتِي تَكُونُ فِي البطن واللسان.
⦗٧٢⦘
وبجره: فقال العيوب.
وقولها: العشق قَالَ: الصَّقْرُ مِنَ الرِّجَالِ الْجَرِيءُ الْمِقْدَامُ وَهُوَ أَيْضًا يُقَالُ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ الْعَشَنَّقُ.
وَقَوْلُهَا: لا حَرٌّ وَلا قُرٌّ وَلا مَخَافَةٌ تَقُولُ: أَنَا آمِنَةٌ مِنْ شَرِّهِ لَيْسَ يُؤْذِينِي كَمَا يُؤْذِي الْحَرُّ وَالْبَرْدُ.
وَقَوْلُهَا إِنْ دَخَلَ فَهِدَ قَالَتْ: كَالْفَهْدِ يَثِبُ عَلَيَّ وُثُوبَ الْفَهْدِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: إِنْ خَرَجَ أَسِدَ فَقَالَتْ: مِثْلَ الأَسَدِ عَلَى النَّاسِ جَرْأَةً وَإِقْدَامًا.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ قَالَتْ: سَخِيٌّ لا يَنْظُرُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي بَيْتِهِ وَلا يَسْأَلُ عنه.
وعن قَوْلِهَا: إِنْ أَكَلَ لَفَّ فَقَالَ رَغِيبٌ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: إِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ فَقَالَ: يَشْرَبُ كُلَّ مَا فِي الإِنَاءِ لا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا.
وَعَنْ قَوْلِهَا: إِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ قَالَ: صَامِتٌ لا يَتَحَدَّثُ مَعَ أَهْلِهِ مُتَزَمِّلٌ يَلْتَفُّ بِثَوْبِهِ زَمِيلٌ مِنَ الرِّجَالِ وَمُنْقَبِضُ مِنْهُمْ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: لا يُولِجُ الْكَفَّ فَيَعْلَمَ الْبَثَّ فَقَالَ: لا يَنْظُرُ فِي أَمْرِ أَهْلِهِ وَلا يُبَالِي أَنْ يجوعوا.
وعن قولها: عياياء طباقاء فقال: عي مُطْبَقٌ عِيًّا لا يَتَصَرَّفُ وَلا يَتَوَجَّهُ لِوَجْهٍ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَوَاءٌ يَقُولُ فِيهِ كُلُّ شَرٍّ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَوَاءٌ.
شَجَّكِ فَقَالَ: يَضْرِبُكِ حَتَّى يَشُجَّكِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: فَلَّكِ يَنْزِعُ مِنْكِ كُلَّ مَا عِنْدَكِ وَيَكْلِمُ جَسَدَكِ.
⦗٧٣⦘ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَايِبِ
الْفُلُولُ: الثَّلْمُ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ قَالَ: تَقُولُ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَكِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: رَفِيعُ الْعِمَادِ قَالَ: تَقُولُ مُشْرِفُ الْبَيْتِ مُرْتَفِعُ السَّمْكِ طَوِيلُ الْعُمُدِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: طَوِيلُ النِّجَادِ تَقُولُ: شَاطٌّ طَوِيلٌ مِنَ الرِّجَالِ تَامٌّ وَالنِّجَادُ حَمَّالَةُ السَّيْفِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: عَظِيمُ الرَّمَادِ قَالَ: تَقُولُ لا تَنْزِلُ قِدْرَهُ عَنِ النَّارِ مِنَ الطَّعْمِ للأَضْيَافِ وَالأَهْلِ فَيَعْظُمُ الرَّمَادُ لِكَثْرَةِ الْوَقُودِ لِلطَّبْخِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ فَقَالَ: النَّادِي هُوَ الْمَجْلِسُ لا يَتَنَحَّى الشَّحِيحُ عَنِ النَّاسِ أَنْ لا يَخْشَاهُم.
وَعَنْ قَوْلِهَا: الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ تَقُولُ: هُوَ لَيِّنُ الشِّيمَةِ لأَنَّ مَسَّ الأَرْنَبِ هَيِّنٌ لَيِّنٌ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ فَقَالَ: الزَّرْنَبُ شَجَرَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ لِطِيبِ جِرْمِهِ وَرِيحِهِ وَجَسَدِهِ وَالْجَرْمُ الْجَسَدُ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَالَ: يَقُولُ غَنِيٌّ كَثِيرُ الإِبِلِ
وَعَنْ قَوْلِهَا: قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ قَالَ: يَقُولُ لا تَسْرَحُ إِبِلُهُ جَمِيعًا كَمَا بَرَكَتْ حَتَّى يُنْحَرَ بَعْضُهَا للأَضْيَافِ وَالأَهْلِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ قَالَ الْمِزْهَرُ بَرْبطٌ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُغَنَّى عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُنَادَمَةِ وَاللَّهْوِ فَإِذَا سَمِعَتِ الإِبِلُ عَرَفَتْ أَنَّ بَعْضَهَا سَيُنْحَرُ لِمَا جَرَى عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ.
⦗٧٤⦘
وَقَوْلُهَا: أَنَاسَ أُذُنَيَّ وَفَرَّعَ يَقُولُ: حَلا فِي الْقِرْطَةِ وَالدرام فِي رَأْسِي وَأُذُنِي فَذَلِكَ ينوس تقول: يتدلى من كثرته وثقله.
وعن قَوْلِهَا: مَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ قَالَ: تَقُولُ أَسْمَنَنِي فَحَمَلْتُ الشَّحْمَ حَتَّى عَظُمَتْ عَضُدَايَ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ نَفْسِي إِلَيَّ قَالَ: تَقُولُ أَوْسَعَ عَلَيَّ وَأَثْرَى فَقُرَّتْ عَيْنِي وَبُجِّحَتْ نَفْسِي إِلَيَّ تَقُولُ: شَرَرْتُ وَتَبَجَّحْتُ فِيمَا أَعْطَانِي.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَجَدِني فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ قَالَ: تَقُولُ فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ قَلِيلَةٍ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: بِشِقٍّ قَالَ: تَقُولُ شِقٌّ فِي الْجَبَلِ لِقِلَّتِهِمْ وَقِلَّةِ مَالِهِمْ وَعَدَدِهِمْ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ فَقَالَ: تَقُولُ فِي أَهْلِ خَيْلٍ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَأَطِيطٍ قَالَ: تَقُولُ أَطِيطُ الرِّحَالِ قَالَ: ويقال لصغار الإبل إذا فزغت إِلَى أُمَّهَاتِهَا قِيلَ لأَصْوَاتِهَا الأَطِيطُ أَيْضًا.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَدَائِسٍ فَقَالَ: تَقُولُ أَهْلُ زَرْعٍ يَدُوسُونَ الزَّرْعَ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَمُنَقٍّ قَالَ: تَقُولُ نَقِيقُ أَصْوَاتِ النَّاسِ وَالأَنْعَامِ وَالْمَوَاشِي لِكَثْرَتِهِمْ وَكَثْرَةِ أَصْوَاتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ قَالَ: تَقُولُ أَشْرَبُ الرَّيَّ بَعْدَ الرَّيِّ الْكَارِه عَلَيْهِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ قَالَ: فَتَقُولُ لا أَخْدِمُ وَلا أَعْمَلُ شَيْئًا أَنَا مكضية.
وَعَنْ قَوْلِهَا: عُكُومُهَا رَدَاحٌ فَقَالَ: الْعَوَاتِقُ وَالاعْتِدَالُ وَالرَّدَاحُ الْكِبَارُ.
وعن قوله: وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ قَالَ: تَقُولُ وَاسِعٌ.
⦗٧٥⦘
وَعَنْ قَوْلِهَا: مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ فَقَالَ: تَقُولُ دَقِيقٌ خَفِيفُ الْمُؤْنَةِ وَالشَّطْبَةِ وَهُوَ الْعُودُ فِي الْحَصِيرِ تَقُولُ فِي خِفَّتِهِ وَخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: صُفر رِدَائُهَا قَالَ: تَقُولُ لَطِيفَةُ النَّظَرِ قَبْعَاءُ مَخْطُوطَةُ الْمَتْنَيْنِ هَضِيمَةُ الْحَشَا خُمْصَانَةٌ جَاثِلَةُ الْوِشَاحِ يَجُولُ رِدَاؤُهَا عَلَيْهَا مِنْ هَيْنِ عُلاهَا كَمَا يَجُولُ الْوِشَاحُ مِنْ لَطَافَةِ بَطْنِهَا.
قَالَ الشَّاعِرُ:
خُمْصَانَةٌ قلق موسجها ... رود الشباب غلابها عَظمُ
وَعَنْ قَوْلِهَا: مِلْءُ كِسَائِهَا فَقَالَ: تَقُولُ عَظِيمَةُ الْعَجُزِ وَالْكَفَلِ وَالْفَخِذَيْنِ وَالأَرْدَافِ وَالرَّبَلاتِ فَقَدْ مَلأَتْ سُفْلَتُهَا كِسَاهَا.
قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّ مَجَامِعَ الرَّبَلاتِ مِنْهَا ... فِئَامٌ يَزْحَفُونَ إِلَى فِئَامِ
يَعْنِي لُحُوقَ رَبَلاتِهَا بِلَبَّتِهَا.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَغَيْظُ جَارَتِهَا قَالَ: تَقُولُ تَحْسُدُهَا جَارَتُهَا لِجَمَالِهَا وَحُسْنِ خُلُقِهَا فَيَغِيظُهَا ذَلِكَ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تبثيًا قَالَ: تَقُولُ لا تَنُمُّ بِحَدِيثِنَا وَلا تَبُثُّهُ على الناس.
وعن قولها: ولا تنقث مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا قَالَ: تَقُولُ لا تَسْرِقُ مِيرَتَنَا وَلا تَقْبِضُهُ وَالْمِيرَةُ مَا يَمْتَارُونَ مِنَ الطَّعَامِ.
قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴿وَنَمِيرُ أهلنا﴾ وَالْمِيرَةُ مَا يَمْتَارُونَ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا.
وَعَنْ قَوْلِهَا: وَلا تَمْلأُ بيتنا تَعْشِيشًا قَالَ: تَقُولُ نَظِيفَةٌ تُنَظِّفُ الْبَيْتَ وَتُقِمُّهُ وَلا تَدَعُ فِيهِ الْقُمَامَةَ وَالْقِشْبَ وَالْقَذَرِ فَيَصِيرُ مثل عش الطير في قذره وقشبه.
⦗٧٦⦘
وعن قَوْلِهَا: وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ قَالَ: الأَوْطَابُ قِرَبُ اللَّبَنِ الَّتِي يُمْخَضُ فِيهَا اللَّبَنُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ قَالَ: السَّمَاءُ تَطُشُّ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ قَالَ: كَانَتْ مُسْتَلْقِيَةً عَلَى قَفَاهَا فَمِنْ كِبَرِ عَجُزِهَا وَدِقَّةِ خَصْرِهَا ارْتَفَعَ مَكَانُ خَصْرِهَا وَمَعَ صَدْرِهَا رُمَّانَتَانِ فَجَعَلا يَلْعَبَانِ بِالرُّمَّانَتَيْنِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: كَالْفَهَدَيْنِ قَالَ: تَقُولُ سَارَّيْنِ نَهِدَيْنِ كَيِّسَيْنِ نَفِيسَيْنِ حَسَنَيْنِ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ قَالَ: تَقُولُ يَلْعَبَانِ بِثَدْيَيْهَا نَاهِدَةَ الثَّدْيَيْنِ ثَدْيَاهَا قَائِمَانِ فِي صَدْرِهَا كَالرُّمَّانَتَيْنِ لَمْ يَنْخَضِدَا وَلَمْ يَنْكَسِرَا وَلَمْ يَسْقُطَا هُمَا قَائِمَانِ فِي صَدْرِهَا.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَثَدْيَانِ كَالْحُقَّيْنِ لَمْ نُعْطَ فِيهِمَا ... وَلِيدٌ وَلَمْ يُحَذِّرْهُمَا كَثْرَةُ الْهَتْرِ
وَعَنْ قَوْلِهَا: رَجُلا سَرِيًّا قَالَ: قَوْل أَحْسَن الْخُلُقِ سَخِيٌّ سَرِيٌّ مِنَ الرِّجَالِ بَيِّن السَّرْوِ.
وعن قولها: ركب سريًا قَالَ: تَقُولُ رَكِبَ فَرَسًا جَوَادًا مُحْضِرًا جَيِّدَ الْجَرْيِ يَشْرِي عِنْدَ الْجَرْيِ وَيَتَزَايَدُ فِي جَرْيِهِ يُقَالُ الْخُطَى الرَّمْحُ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: فَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا قَالَ: تَقُولُ غَدًا فَأَتَانِي بِنَعَمٍ كَثِيرَةٍ وَالثَّرِيُّ هُوَ الْكَثِيرُ وَالنَّعَمُ الإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: مِيرِي أَهْلَكِ فَقَالَ: تَقُولُ أَمَرَنِي بِصِلَةِ أَهْلِي وَالتَّوَسُّعِ عَلَيْهِمْ وَعَلَيَّ فِي مَالِهِ وَأَعْطَانِي إِيَّاهُمْ.
وَعَنْ قَوْلِهَا: مَا مَلأَ أَصْغَرَ إِنَاءٍ مِنْ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ قَالَ: فَضَّلَتْ أَبَا زَرْعٍ عَلَيْهِ فِي الْبَذْلِ لَهَا وَالسَّخَاءِ وَالْغِبْطَةِ. ⦗٧٧⦘ وَالإِنَاءُ الْقِدْحُ وَالصَّحْفَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ فِيهِ وَيُشْرَبُ.
فَهَذَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ أَبِي زَرْعٍ بِكَلامِ الْعَرَبِ.
1 / 71
٢٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ [عَرَّارٍ الْخَارِفِيِّ] قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ﷺ قُلْتُ: أَلا تُحَدِّثُنِي عَنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ [أَمَّا عَلِيٌّ] فَلا تَسْأَلُنِي عَنْهُ وَانْظُرْ إِلَى مَكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأَذْنَبَ ذَنْبًا عظيمًا فعفى اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُ.
1 / 77
٢١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ [الْيَامِيِّ] أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ مَاتَ فَسَمِعَ مِنْهُ أَنَّهُ قال محمد رسول الله، ثُمَّ قَالَ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الضَّعِيفُ فِي جَسَدِهِ الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، قِيلَ: صَدَقَ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قِيلَ: صَدَقَ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمِنْهَاجِ سِتَّ سِنِينٍ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ بِلَفْظِ النَّاسِ لا نِظَامَ لَهُمْ، قِيلَ صَدَقَ.
1 / 78