الذي كتب في عام 1910م مقالا في مجلة
(العدد الخامس والعشرون، ص163 وما بعدها)، يقول إن شيكسبير تأثر باتجاه الكتاب المسرحيين الفرنسيين في عصره الذين صوروا شيكسبير في صورته التي سادت عصر النهضة، صورة البطل التراجيدي الذي يعيبه نقص واحد هو غروره وخيلاؤه، ومن ثم ينتهي نهاية فاجعة (مثلما فعل «موريه»
Muret
حين صور قيصر في صورة هرقل التي رسمها الكاتب الروماني «سينيكا»
Seneca ). وقد رد على ذلك برناردشو بطريقة غير مباشرة حين زعم أن العيوب التي يلصقها شيكسبير بقيصر لا يقصد منها إلا إعلاء شأن بروتس (انظر مقدمة ثلاث مسرحيات للبيوريتانيين، 1925م، ص30). وهو يعني بهذا أن شيكسبير يعيب شخصية قيصر أو يجعلها مزيجا من العيوب والمحاسن بغية إضفاء خصائص درامية على بروتس، بحيث تتوازى كفتا الصراع. والواضح هنا أن برناردشو يورد سببا فنيا محضا؛ لأنه يريد أن يعلي من طرف خفي الصورة التي رسمها هو لقيصر في مسرحية قيصر وكليوباترا.
أما التفسير الحديث الذي قلت إنني أميل إليه فهو أن تعدد هذه الصور قد قصد به شيكسبير إشراك القارئ في عملية الحكم والتقييم عن طريق تنويع استجابته لكل عنصر من عناصر الصراع؛ ولذلك فهو دائما ما يقابل كل عنصر بعنصر آخر يختلف عنه حتى ولو كان يضيف إليه عمقا جديدا، وكذلك الحال بالنسبة لبروتس، بل بالنسبة لكاشياس وباقي المتآمرين، بحيث نرى المسرحية في صورة عناصرها المتشابكة؛ ولذلك فهي مسرحية مشكل - لا مجرد مأساة - مثل ماكبث مثلا أو غيرها من التراجيديات التي لا يواجه القارئ أو المتفرج في إطارها أي مشكلة في الاختيار؛ فالمشكلة المطروحة أمام الجمهور هنا تتكون من مشكلتين؛ مشكلة نفسية وأخرى أخلاقية، فالمشكلة النفسية تتعلق بحقيقة البطل الذي يتعاطف معه المؤرخون، ويتعاطف معه شيكسبير في مواضع كثيرة، بل في الجزء الثاني من المسرحية حين يبسط قيصر تأثيره على الأحداث وتبرز روحه (على المسرح يظهر شبحه لبروتس) ثم تنتصر على المتآمرين:
بروتس :
أواه يوليوس قيصر!
ما زلت ذا بأس شديد، وما زالت روحك طليقة،
توجه أطراف سيوفنا إلى أحشائنا! (5 / 3 / 94-96)
Shafi da ba'a sani ba