وقد استندت أيضا في دراستي للنص إلى عدد محدود من الكتب «الأساسية» في الموضوع، وإلى عدد من الدراسات المتخصصة المنشورة في أهم الدوريات الأدبية الخاصة بشيكسبير مثل
Shakespeare Quarterly ، و
Shakespeare Survey ، وقد كنت مشتركا في هاتين الدوريتين إبان مقامي في إنجلترا - وأود أن أطلع القارئ على المفهوم الحديث الذي أراه أقرب ما يتمشى مع روح عصرنا التي تغيرت وتبدلت، ومن ثم فسوف أقدم عرضا سريعا للتراث النقدي لهذه المسرحية قبل أن أقدم المفهوم الحديث الذي أشرت إليه والذي ارتضيته وقبلته.
يعتمد التراث النقدي لمسرحية يوليوس قيصر على ارتباطها بمصدر الحبكة فيها، ألا وهو المؤرخ اليوناني الأشهر بلوتارخوس. ولا تكاد طبعة من الطبعات الأساسية للمسرحية أن تخلو من فقرات مطولة من كتابه تراجم نبلاء اليونان والرومان الذي طبع طبعتين في حياة شيكسبير؛ الأولى عام 1579م، والثانية عام 1595م، وقد ترجمه «توماس نورث
Thomas North » عن النص الفرنسي الذي أخرجه «جاك أميو
Jacques Amyot »، لا عن الأصل اليوناني. وقد وصل إلينا هذا المصدر في صورة حديثة عندما نشر «والتر سكيت
Walter Skeat » الفقرات التي اعتمد عليها شيكسبير في كتاب أسماه بلوتارخ الذي استخدمه شيكسبير عام 1875م. وما زالت هذه الطبعة مصدرا للفقرات التي يقتطفها الناشرون والمحققون ويدرجونها في طبعاتهم للمسرحية لأنها تضم بين دفتيها أهم الروايات التاريخية التي أخذ منها شيكسبير مادته المسرحية. ويلاحظ من يقارن المسرحية بالأصل أن شيكسبير أحيانا ما يلتزم بهذه المادة التاريخية، وأحيانا ما يختزل الأحداث أو يضغطها أو يمزج بينها تحقيقا لغاياته الدرامية. ولذلك فنادرا ما تجد ناقدا يتجاهل هذا المصدر؛ فإغراء المقارنة كبير، خصوصا لأنه يسير، ولأنه يؤدي إلى نتائج ملموسة يمكن للدارس التيقن من صحتها (فاليقين هدف الدراسة العلمية) على عكس التفسير والتأويل والآراء النقدية؛ فهي مهما استندت إلى نصوص أو حقائق تظل تفتقر إلى اليقين.
ولكن ثمة سببا آخر لهذا الولوع بمصادر شيكسبير، وهو سبب لا يقل أهمية عن السعي لليقين، ألا وهو أن الاهتمام بهذه المسرحية وإدراجها في مناهج تدريس الأدب الإنجليزي قد ارتبط بالاتجاه إلى تدريس الأدب الإنجليزي نفسه باعتباره أدبا رفيعا في أوائل هذا القرن، وهو الاتجاه الذي أصبح موضع انتقاد شديد لارتباطه بقيم الإمبراطورية وتميز كل ما هو إنجليزي وتفوقه؛ ولذلك فقد عارضته المدرسة الجديدة في النقد أشد معارضة، وعلى رأسها «تيري إيجلتون
Terry Eagleton » الذي أعرب عن ذلك صراحة في البحث الذي اشترك به في مؤتمر صور مصر في أدب القرن العشرين الذي عقد في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة في العام الماضي (18-20 ديسمبر 1989م)، كما سخر منه عدد من أساتذة الأدب الإنجليز، ومنهم كريستوفر نوريس
Christopher Norris (الذي اشترك في المؤتمر المشار إليه)، وكريستوفر بجسبي
Shafi da ba'a sani ba