68

Juha Dahik Mudhik

جحا الضاحك المضحك

Nau'ikan

وأيا كان منشؤه من الأمة التركية فهناك «جحا» تنسب إليه الحكايات في اللغة العربية واللغة الفارسية، فإذا عنينا بفوارق الأمم في الفكاهة والمضحكات فليس من غرضنا في هذه الرسالة أن نستقصي الفوارق في جميع الأمم، ولا حاجة بنا إلى أكثر من تمييز الفوارق في خصائص الفكاهة بين السليقة العربية والسليقة الفارسية والسليقة التركية، فربما أعانت هذه الفوارق على إسناد الحكايات إلى كل أمة من هذه الأمم حسب سليقتها الغالبة عليها، ولا يكون هذا الإسناد بعد كل محاولة في ميسورنا الآن إلا على سبيل الترحيب والتقريب دون الجزم والتوكيد. ونحن في هذا كمن يقول إن فلانا عربي لأنه أسمر، فيقول شيئا يستحق أن يقال لأنه لا يستحق أن يهمل، ثم لا يجاوز هذا الحد إلى توكيد النسبة مع احتمال وجود البشرة السمراء أو المسمرة بين الشعوب الشقراء، واحتمال وجود البشرة البيضاء بين العرب وغيرهم من الشعوب السمراء.

وعلى هذا النهج من التغليب والترجيح نستطيع أن نميز سليقة الأمة في عامة شئونها، ثم غير السليقة التي تنتظر منها في معارض الفكاهة؛ لأن الصورة الفكاهية نسخة من الصورة المحسوسة مبالغ فيها على مثال المبالغة في هذا الضرب من التصوير المشهور في اللغات الأوروبية باسم الكاريكاتور ... وقد وجد هذا الكاريكاتور بالتعبير اللغوي في جميع الأمم قبل أن يوجد بالخطوط والرسوم.

فمن الوصف الصادق لسليقة الأمة العربية أن نقول إنها أمة شعرية منطقية، ومن الوصف الصادق لسليقة الأمة الفارسية أن نقول إنها أمة صوفية دبلوماسية، ومن الوصف الصادق لسليقة الأمة التركية أن نقول إنها أمة عملية واقعية ...

وإلى أين تنتهي المبالغة «الكاريكاتورية» بالخيال والمنطق؟

تنتهي إلى الوهم والقياس مع الفارق أو مع الفوارق الكثيرة.

أما المبالغة الكاريكاتورية في السليقة الصوفية فقد تنتهي إلى المحال والمحاولة، وأما هذه المبالغة في السليقة العملية الواقعية فقد تنتهي إلى تحصيل الحاصل والحذلقة بما هو مفهوم مستغن عن التعريف.

وقد أعطانا الشاعر التركي المستعرب - ابن سودون اليشبغاوي من أدباء القرن التاسع بمصر والشام - مثلا للسليقة التركية لا نظير له فيما نعلم من نظم شعراء العرب والترك ولا شعراء الأمم الغربية؛ لأن أولئك الشعراء يعطوننا المثل فنأخذه من طريق التحليل والاستنتاج، ولكن ابن سودون يعطينا المثل على غير قصد منه بمنظوماته التي تعدو تحصيل الحاصل، ويرسم لنا «الكاريكاتور» بيده ولا يدع لنا أن نرسمه ونستوحي ملامحه من خلال الألفاظ ومعانيها.

ونكتفي هنا بقصيدتين من شعره الذي أراد به الإضحاك بمحاكاة أدعياء المعرفة الذين لا يزيدون في حكمتهم على تعريف المعروف.

وإحدى القصيدتين على قافية الألف المقصورة وهي:

إذا ما الفتى في الناس بالعقل قد سما

Shafi da ba'a sani ba