Jughrafiya Siyasiyya
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Nau'ikan
وقد لاقى التنفيذ الفعلي لمبدأ الأميال الثلاثة صعوبات كثيرة في التنفيذ، فأولا: هل هناك قوة تجبر كل الدول على تنفيذ هذا المدى من المياه الإقليمية، وثانيا: هل يمكن مد سيادة الدولة على مناطق ذات أهمية أبعد من الأميال الثلاثة.
وفي عام 1946 بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي العمل من أجل تشريع دولي باسم «قانون البحار»، وفرغت من عملها عام 1956، وفي مؤتمر جنيف عام 1958 قبلت 86 دولة معظم توصيات القانون الجديد، وتظهر مشكلات المنطقة الشاطئية جلية من خلال تداخل وتعقد الظاهرات الطبيعية (انظر خريطة 17) وتقسم هذه المنطقة إلى: (1) نطاقات المياه الداخلية. (2) المياه الإقليمية. (3) المنطقة الملاصقة. (4) منطقة الانتشار المائي والرصيف القاري.
ولا يوجد أدنى شك في سيادة الدول على مياهها الداخلية - خلجان ومصبات نهرية ومرافئ.
أما المياه الإقليمية فهي تلك التي تمارس فيها الدولة سيادة معينة، ولا يمنع فيها مرور سفن أجنبية لأغراض بريئة «أي مجرد المرور الذي أصبح حقا لكافة السفن في العالم»، أما النطاق الملاصق للمياه الإقليمية فيجوز للدولة أن تمارس فيه أشكال الرقابة التي تراها، لمنع عمليات التهريب الجمركية وتهريب الأشخاص والحماية الصحية. وباستثناء هذه الأغراض فإنه ليس للدولة حقوق أخرى على تلك المياه التي تعتبر جزءا من أعالي البحار، حرة لكل السفن. والحدود الخارجية للمياه الملاصقة عادة «12» ميلا بعيدا عن الشاطئ، فإذا ما ادعت دولة مياها إقليمية بعرض 12 ميلا - كما هو الحال في ادعاءات الاتحاد السوفيتي - فإنه في هذه الحالة لا توجد مياه ملاصقة لتلك المياه الإقليمية.
وفيما بعد النطاق الملاصق توجد منطقة غير محددة بالاتفاق تسمى منطقة الانتشار، لكن بعض الدول ادعت على هذا النطاق حقوقا معينة مثل منع الصيد البحري ومرور السفن الحربية الأجنبية لأغراض دفاعية، ومن الأمثلة على عدم وضوح وتحدد هذا النطاق أن بيرو وشيلي تدعيان نطاقا من هذه المياه عرضه 200 ميل من الشواطئ تمنع فيهما أساطيل الصيد الأجنبية ممارسة السماكة، كما ادعت إكوادور وكوستاريكا نطاقا مماثلا، وادعت كوريا نطاقا عرضه مائة ميل، وفي عام 1946 أعلنت الأرجنتين سيادة الدولة على كل المياه المحددة بالرصيف القاري الممتد على شواطئ الأرجنتين، وبذلك شملت هذه المياه نطاقا بلغ عرضه 280 ميلا في منطقة جزر فالكلاند البريطانية، وفي عام 1936 كانت دول الأمريكتين قد اتفقت على نطاق عرضه الأدنى 300 ميل على شواطئ الأطلنطي باسم نطاق الأمان
Security Zone
تمنع فيه كل السفن الحربية الأجنبية للدول المتحاربة كتأمين لنصف الكرة الغربي.
ولا يوجد نص في الاتفاقات الدولية على ما يسمى بنطاق الانتشار، لكن الدولة تعمل به في حدود قوتها وإمكاناتها، وبذلك فإن لكل دولة - إذا أرادت - منطقة انتشار تحددها وتمارس فيها أعمال سيادتها بحكم الواقع وليس بحكم القانون، وهذا هو الذي يدفع بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات القبض على السفن ومصادرتها أو التعويض عنها داخل ما تدعيه من مياه، مثل بيرو وأيسلندا.
وتوضح حالة أيسلندا ادعاءات المياه الإقليمية غير المتفق عليها في أجزاء كثيرة من العالم، ففي عام 1944 - بعد استقلال أيسلندا - حددت الدولة خط قاعدة للساحل خارج الرءوس وأشباه الجزر، ثم مدت مياهها الإقليمية أربعة أميال ابتداء من خط القاعدة هذا، وقد احتجت بريطانيا على ذلك؛ لأنه يحرم السماكين الإنجليز من مساحة كبيرة كانوا يرتادونها باستمرار منذ وقت طويل، إلا أن المحكمة الدولية وافقت على خطوط القاعدة المستقيمة فيما اختص بالنرويج والنزاع الإنجليزي النرويجي السابق (انظر خريطة 18). وفي سنة 1948 مدت أيسلندا حدود مياهها الإقليمية إلى عمق 12 ميلا ورفض الإنجليز الاعتراف بذلك، وأرسلوا سفنا حربية لحماية مراكب الصيد الإنجليزية، وقد استمر النزاع الإنجليزي الأيسلندي لمطالبة أيسلندا بمد نفوذها على مساحات أكبر من ذلك بكثير، أسوة بدول أمريكا اللاتينية، وفي شهر أكتوبر 1973 توصلت الدولتان إلى اتفاق لحل هذا النزاع.
وكانت هناك حالة مماثلة بين أمريكا وكندا، وقد حدث اتفاق على اعتبار ستة أميال من خط القاعدة حقا من حقوق كندا على أن يسمح للسفن الأمريكية بالصيد في هذه المياه لمدة عشر سنوات بعد الاتفاق حتى لا تصاب أساطيل الصيد التي تعودت القيام بنشاطها في منطقة معينة بضربة اقتصادية مفاجئة. وخلاصة القول أن مناطق صيد الأسماك الغنية - الأطلنطي الشمالي بين النرويج وجزر فارو وأيسلندا وجرينلاند ولبرادور ونيوفوندلاند، ومنطقة الأطلنطي المغربية السنغالية، ومنطقة الباسيفيك الممتدة من أمريكا الوسطى إلى شيلي - هي مناطق نزاع دولية، ومن حق بعض الدول التي تعيش في جزء كبير من مواردها على الأسماك أن تطالب بحماية المياه التي يتعيش منها جانب من سكانها كأيسلندا وبيرو، ولكن الادعاءات التاريخية لأساطيل الصيد الأخرى تقف عقبة أمام تنفيذ حقوق الدول، خاصة أنها دول صغيرة تقف أمام مجموعة من الدول الكبرى ذات الأساطيل المجهزة بأحدث وسائل الصيد الحديثة.
Shafi da ba'a sani ba