فلحفلة هذه السنة معان كثيرة يستنتجها اللبيب، ففيها المراعاة للمادة 6 و6 مكررة، ومنها يعلم أن في لبنان كنيسة أدبية جامعة من أمرائها جبران وفرح أنطون والشدياق، ودفتر العماد في دار المكشوف، كثر الله هذا النسل المبارك، فبه لا بغيره تمتاز الجمهورية اللبنانية.
إن في لبنان اليوم بنائين جددا يزيدون على هذا الهيكل قببا شامخة تسر العيون، وأجراسا عبودية تشرح وترعد، فكاتب «الباب المرصود» أديب بكل حواسه، بل هو الرصد الذي ينشر أمامك ذهبه، ثم يحوله حجارة إن جهلت قيمته، فحذار فكل ما يحققه العقل يخلقه خيال الأديب أولا.
هلم أيها الأستاذ واركب المنبر في هذا الزمن العصيب، فمهما يكن شموسا فإن ظهره سيلين لك. •••
قد سمعتم عمر فاسألوا الله أن يقلل من كسله، وألا يشغله السجل العقاري عن تسجيل قطع أدبية واسعة الأطراف مغلال يملكها أبناؤنا وينعمون بخيراتها.
أما السيد حليم كنعان الذي أقدمه لكم الآن فهو كاتب فتي جديد يتأهب بإخلاص واجتهاد للمعامع الأدبية، وإنني أتوسم فيه خيرا، وإن زججناه اليوم بين الفحول فليتعود أن يسد المكان الذي سدوا، والآتي قريب. •••
والآن جاءت نوبة الأستاذ تقي الدين، والشيخ خليل من رجال الحكومة كصاحبه عمر أفندي، عمر يقيد صكوك البيع وخليل يراقب تدوين الحكي؛ أي ما يقال في مجلس النواب، ولكن هناك إلى جانب الحكي كتاب «عشر قصص»، وهي حكايات بلدية طيبة كعرائس المروج والأرواح المتمردة، إنما بصورة أخرى ولو كان خليل أصغر سنا لقلت جبران قد تقمص «القضية ثابتة» يا شيخ، وجبران يؤمن أن امرأة أخرى ستلده.
إننا ننتظر من خليل تصوير «الخلوة» وما فيها، كما صور جبران الصوامع والديورة، فأدبنا مفتقر جدا إلى تصوير الخبايا والزوايا والتكايا، وبدون هذا لا يصير عالميا.
المنبر يدعوك يا شيخ، فانس ثرثرة مارون، فللعمر حق، وللسن حصة كبيرة، أسمع جبران صوتك، فبيته قريب منا، وإن شككت مرة فبطرس شك ثلاث مرات، وبولس أكل كفا سخنا على طريق الشام.
لو كنت على رأس الدولة لعزلت خليل تقي الدين - لا تخافي يا ست، مع المعاش وحبة مسك - وما فعلت إلا لأصرفه إلى الأدب الخالص، فيخلق أبطاله قصصه وأحاديثهم كما يشاء، لا كما تقتضي الجريدة الرسمية. •••
يظهر أن الحال اقتضت أن يتكلم الأستاذ الشهير فؤاد إفرام البستاني، فأكثركم إن لم أقل كلكم، يعرف صاحب الروائع، ومن جهله فستعرفه به محاضراته المتتابعة كقافلة ابن العاص إلى ابن الخطاب، إن كلمته استغاثة كما سماها لي، فعسى ألا تكون من «الأعماق». •••
Shafi da ba'a sani ba