طيرت قلبي وعقلي
أبت بالإنشاد فوقي
أن تكن بالنظم مثلي
زادك الله جمالا
في التغني والتفلي
أعطني وزنا جديدا
لم يكن للشعر قبلي
أرأيت هذا التوق وهذا الوجد! فهو يتمنى أن تكون له لغة العصافير وأناشيدها، أدرك أبو الفضل المدرسة الجديدة ولم يتأثر بها، بل نستطيع القول إنه ازدراها، كان يزرع حقله بعقله كما يقولون؛ ولهذا يقول لنا: «في شعري هذا لهجة صادقة، وطريقة جديدة، وقد فتحت فيه أبوابا لم تطرق، ومهدت للشعراء سبلا، فما نظمت قط مسترزقا أو متملقا، وما طمعت بنظم ذليل في مال قليل، فما أسقطه متاعا إذا طرح في الإعدام على الأقدام، وشر البلية من ذي رأس خفيف وكيس ثقيل.»
إن صدق اللهجة والإباء وعزة النفس ملء دواوينه الأربعة، أما الطريقة الجديدة والأبواب التي فتحها فما هبت علي منها نسمة، إلا إذا كان التجديد فيما قال: «وأحببت الشعر مصفى منقى لا جوازات فيه، ولا قواف مكررة، ولم أستعمل كلمة أعجمية ولو راسخة في التعريب غيرة على الأصيل من الدخيل.»
أشهد أنه في هذا صادق، وصادق أيضا حين يقول: «كثيرا ما لا يكون الشعر لصاحبه، أما أنا فصاحب شعري، تناثر من قلبي زهرا عن غصن وريشا من جناح، فعلى طريق الحياة نثرت شعوري ثم نظمته في شعري، فما شعري إلا تذكار لمروري في هذه الدنيا، وكنت أود أن لا أترك أثرا ولا أبقي خبرا، فأكون كعصفور يلقي غردة ويمر وهو غير مكترث لما تردد في الفضاء.»
Shafi da ba'a sani ba