ولم يكن لسخريته أثر على موروجان الذي واصل تفكيره في شئونه الخاصة، وقال: أشكرك لأنك لم تذكر لهم أنك رأيتني من قبل. قال ذلك في اقتضاب يكاد يبلغ حد الغضب، وكأنه كان يستنكر الاعتراف بما ناله من فضل، وتميز غيظا من ويل لأنه أسدى إليه معروفا يستحق العرفان.
وقال ويل: كنت أدرك أنك لم ترد أن أقول شيئا عن ذلك ومن ثم تحاشيت الكلام.
وتمتم موروجان بين أسنانه قائلا: أردت أن أشكرك. بنغمة تكاد تنم عن قوله : يا لك من خنزير قذر!
وبأدب زائف قال ويل: عفوا.
يا له من مخلوق عذب! بهذا كان يفكر وهو يتطلع في شغف وابتهاج إلى جذعه الذهبي الأملس، وإلى وجهه الملتفت ناحية أخرى، متناسقا كالتمثال لم يعد أولمبيا ولا كلاسيكيا؛ وجه هليني، سهل الحركة إنساني إلى أبعد الحدود. إنه كالوعاء الجميل الذي لا نظير له؛ وماذا عسى أن يحتوي هذا الوعاء؟ وتحسر ويل على أنه لم يوجه هذا السؤال بصورة أكثر جدية قبل أن يتصل ببابز التي لا توصف. ولكن بابز كانت أنثى. ولما كان طبيعيا في علاقته الجنسية فإن هذا السؤال العقلي الذي يتساءله الآن لم يكن ذا موضوع، ولكنه سؤال في محله من غير شك بالنسبة إلى هذا المخلوق الصغير الحقود نصف الإله الذي يجلس في طرف السرير، خاصة إذا كان السائل حساسا نحو الغلمان.
وسأله: أفلم يعلم الدكتور روبرت أنك ذهبت إلى راندنج؟ - كان بطبيعة الحال على علم بذلك. كما كان كل امرئ على علم به. ولقد ذهبت إلى هناك لأعود بأمي. وكانت هناك مع بعض أقربائها، وذهبت إلى هناك لأعود بها إلى بالا. وكان الأمر رسميا مطلقا. - إذن لماذا لم تردني أن أذكر أنني التقيت بك هناك؟
وتردد موروجان لحظة، ثم حدق ببصره في ويل متحديا، وقال: لأنني لم أردهم أن يعلموا أنني قابلت الكولونيل ديبا.
تلك إذن هي حقيقة الأمر، وقال ويل بصوت مرتفع: إن الكولونيل ديبا رجل يدعو للإعجاب. وأراد بذلك أن يقول كلمة معسولة يستخلص بها ثقة موروجان.
ولما زالت عن موروجان ريبته ظهر في الحال ما كان يكنه في صدره. وتهلل بالحماسة وجهه العابس، وبغتة تجلى أنطونيوس بكل ما كان يتصف به من جمال جذاب، هو جمال مراهقته الغامضة. وقال: أي إنه رجل يدعو للإعجاب. ولأول مرة منذ دخل غرفة ويل بدا أنه أدرك وجوده وقدم له أكثر بسماته مودة؛ ذلك أن ذكر الكولونيل بالإعجاب حمله على أن ينسى ضغينته، ومكنه في ذلك الحين من أن يهب حبه كل مخلوق؛ حتى هذا الرجل الذي كان يدين له بالعرفان المرير، وأردف قائلا: انظر إلى ما قدم لراندنج!
وقال ويل دون التزام: لا شك أنه يفعل الكثير لراندنج.
Shafi da ba'a sani ba