وعندئذ دبت الحياة فجأة وللحظة قصيرة في اليد التي كان يمسك بها، ثم عادت إلى السكون.
وقال: هذا أنا، أنا ويل.
ومرة أخرى اهتزت أصابعها. وفي بطء زائد وبجهد باد أطبقت على يده، وضغطت عليها لحظة، ثم أرخت أصابعها ثانية ولا حراك فيها.
وصاح ذلك الصوت غير الإنساني: انتباه، انتباه!
وسارع إلى إقناع نفسه بأنها لم تكن سوى حادثة؛ فلقد كان الطريق مبتلا، وانزلقت العربة عبر الخط الأبيض، وهو أمر يتكرر حدوثه، والصحف مليئة بأمثاله، وما أكثر ما أبلغ عن أشباهها، فروي مثلا «أن أما وأطفالها الثلاثة قد لاقوا حتفهم في تصادم عنيف ...»
ولكن هذا لا يهم الآن، وإنما المهم هو أنها عندما سألته إن كانت تلك هي النهاية حقا، رد عليها بالإيجاب. المهم أنه في أقل من ساعة زمن بعدما خرجت تحت المطر من تلك المقابلة الأخيرة المخجلة كانت «مولي» في عربة الإسعاف تلفظ أنفاسها الأخيرة.
ولم يكن قد أعارها التفاتا عندما أولته ظهرها لكي تنصرف. بل ولم يجرؤ على ذلك؛ فإن نظرة أخرى إلى ذلك الوجه الشاحب الذي يعاني الألم قد تفوق قدرته على الاحتمال وكانت قد نهضت من مقعدها وتحركت ببطء شديد تذرع الغرفة من جانب إلى جانب، بل تحركت ببطء لتختفي من حياته. فهل يسترجعها، ويطلب عفوها، ويقول لها إنه ما زال يحبها؟
وللمرة المائة ناداه المزمار بصوت واضح إلى الانتباه!
وهل أحبها فعلا في أي وقت مضى؟
وعادت به ذاكرته إلى همستها وهي تتلفت خلفها عند عتبة الباب قائلة: تصحبك السلامة يا ويل. ولقد كانت «هي» التي قالت: إنني ما زلت أحبك يا ويل، على الرغم من كل ما حدث. بصوت هامس يخرج من أعماق القلب.
Shafi da ba'a sani ba