Sojan Misra a Yakin Rasha Wanda Aka Sani da Yakin Krim
الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم
Nau'ikan
وهؤلاء الأتراك لا يأكلون الخبز ولا الطعام الغليظ، وإنما يصنعون طعاما من شيء عندهم شبه الآتلي يسمونه (الدوقي) بدال مهمل مضموم وواو وقاف مكسور معقود، يجعلون على النار الماء فإذا غلى صبوا عليه شيئا من هذا الدوقي، وإن كان عندهم لحم قطعوه قطعا صغارا وطبخوه معه ثم يجعل لكل رجل نصيبه في صحفة، ويصبون عليه اللبن الرائب ويشربونه ويشربون عليه لبن الخيل وهم يسمونه (القمز) بكسر القاف والميم والزاي المشدد، وهم أهل قوة وشدة وحسن مزاج، ويستعملون في بعض الأوقات طعاما يسمونه (البورخاني) وهو عجين يقطعونه قطيعات صغارا ويثقبون أوساطها ويجعلونها في قدر، فإذا طبخت صبوا عليها اللبن الرائب وشربوها، ولهم نبيذ يصنعونه من حب (الدوقي) الذي تقدم ذكره.
وهم يرون أكل الحلواء عيبا، ولقد حضرت يوما عند السلطان أوزبك في رمضان، فأحضرت لحوم الخيل وهي أكثر ما يأكلون من اللحم ولحوم الأغنام والرشتا وهو شبه الأطرية يطبخ ويشرب باللبن، وأتيته تلك الليلة بطبق حلواء صنعها بعض أصحابي فقدمتها بين يديه فجعل أصبعه عليها وجعله على فيه ولم يزد على ذلك، وأخبرني الأمير تلكتمور أن أحد الكبار من مماليك هذا السلطان وله من أولاده وأولاد أولاده نحو أربعين ولدا قال له السلطان يوما: كل الحلواء وأعتقكم جميعا، فأبى وقال: لو قتلتني ما أكلتها.
ولما خرجنا من مدينة (القرم) نزلنا بزاوية الأمير تلكتمور في موضع يعرف بسججان فبعث إلي أن أحضر عنده فركبت إليه، وكان لي فرس معد لركوبي يقوده خديم العربة، فإذا أردت ركوبه ركبته، وأتيت الزاوية فوجدت الأمير قد صنع بها طعاما كثيرا فيه الخبز، ثم أتوا بماء أبيض في صحاف صغار فشرب القوم منه، وكان الشيخ مظفر الدين يلي الأمير في مجلسه وأنا إليه، فقلت له: ما هذا؟ فقال: هذا ماء الدهن، فلم أفهم ما قال: فذقته فوجدته له حموضة فتركته، فلما خرجت سألت عنه فقالوا: هو نبيذ يصنعونه من حب (الدوقي)، وهم حنفية المذهب، والنبيذ عندهم حلال، ويسمون هذا النبيذ المصنوع من (الدوقي) البوزة بضم الباء الموحدة وواو مد وزاي مفتوح، وإنما قال لي الشيخ مظفر الدين: ماء الدخن ولسانه فيه اللكنة الأعجمية، فظننت أنه يقول: ماء الدهن. (7) وصف مدينة أزاق
وبعد مسيرة ثمانية عشر منزلا من مدينة (القرم) وصلنا إلى ماء كثير نخوضه يوما كاملا وإذا كثر خوض الدواب والعربات في هذا الماء اشتد وحله وزاد صعوبة، فذهب الأمير إلى راحتي، وقدمني أمامه مع بعض خدامه، وكتب لي كتابا إلى أمير أزاق يعلمه أني أريد القدوم على الملك، ويحضه على إكرامي، وسرنا حتى انتهينا إلى ماء آخر نخوضه نصف يوم، ثم سرنا بعده ثلاثا ووصلنا إلى مدينة (أزاق) وضبط اسمها بفتح الهمزة والزاي وآخره قاف، وهي على ساحل البحر حسنة العمارة، يقصدها الجنويون وغيرهم بالتجارات، وبها من الفتيان أخي بجقجي وهو من العظماء يطعم الوارد والصادر، ولما وصل كتاب الأمير تلكتمور إلى أمير أزاق وهو محمد خواجه الخوارزمي خرج إلى استقبالي ومعه القاضي والطلبة وأخرج الطعام، فلما سلمنا عليه نزلنا بموضع أكلنا فيه ووصلنا إلى المدينة ونزلنا بخارجها بمقربة من رابطة هنالك تنسب للخضر وإلياس عليهما السلام، وخرج شيخ من أهل (أزاق) يسمى برجب النهر ملكي نسبة إلى قرية بالعراق، فأضافنا بزاوية له ضيافة حسنة.
وبعد يومين من قدومنا قدم الأمير تلكتمور وخرج الأمير محمد للقائه ومعه القاضي والطلبة وأعدوا له الضيافات وضربوا ثلاث قباب متصلا بعضها ببعض، إحداها من الحرير الملون عجيبة، والثنتان من الكتان، وأداروا عليها سراجة وهي المسماة عندنا أفراج، وخارجها الدهليز وهو على هيئة البرج عندنا، ولما نزل الأمير بسطت بين يديه شقاق الحرير يمشي عليها، فكان من مكارمه وفضله أن قدمني أمامه ليرى ذلك الأمير منزلتي عنده، ثم وصلنا إلى الخباء الأولى وهي المعدة لجلوسه، وفي صدرها كرسي من الخشب لجلوسه كبير مرصع وعليه مرتبة حسنة، فقدمني الأمير أمامه، وقدم الشيخ مظفر الدين وصعد هو فجلس فيما بيننا ونحن جميعا على المرتبة، وجلس قاضيه وخطيبه وقاضي هذه المدينة وطلبتها عن يسار الكرسي على فرش فاخرة، ووقف ولدا الأمير تلكتمور وأخوه والأمير محمد وأولاده في الخدمة، ثم أتوا بالأطعمة من لحوم الخيل وسواها وأتوا بألبان الخيل، ثم أتوا بالبوزة.
وبعد الفراغ من الطعام قرأ القراء بالأصوات الحسان، ثم نصب منبر وصعده الواعظ وجلس القراء بين يديه وخطب خطبة بليغة ودعا للسلطان وللأمير وللحاضرين، يقول ذلك بالعربي ثم يفسره لهم بالتركي، وفي أثناء ذلك يكرر القراء آيات من القرآن بترجيع عجيب، ثم أخذوا في الغناء يغنون بالعربي ويسمونه (القول) ثم بالفارسي والتركي ويسمونه (الملمع)، ثم أتوا بطعام آخر ولم يزالوا على ذلك إلى العشي، وكلما أردت الخروج منعني الأمير ثم جاءوا بكسوة للأمير وكسى لولديه وأخيه وللشيخ مظفر الدين ولي، وأتوا بعشرة أفراس للأمير ولأخيه ولولديه بستة أفراس، ولكل كبير من أصحابه بفرس ولي بفرس.
والخيل بهذه البلاد كثيرة جدا وثمنها نزر، قيمة الجيد منها خمسون درهما أو ستون من دراهمهم وذلك صرف دينار من دنانيرنا أو نحوه، وهذه الخيل هي التي تعرف بمصر بالأكاديش، ومنها معاشهم وهي ببلادهم كالغنم ببلادنا بل أكثر، فيكون للتركي منهم آلاف منها، ومن عادة الترك المستوطنين تلك البلاد أصحاب الخيل أنهم يضعون في العربات التي تركب فيها نساؤهم قطعة لبد في طول الشبر مربوطة إلى عود في طول الذراع في ركن العربة، ويجعل لكل ألف فرس قطعة، ورأيت منهم من يكون له عشر قطع ومن له دون ذلك، وتحمل هذه الخيل إلى بلاد الهند فيكون في الرفقة منها ستة آلاف وما فوقها وما دونها، لكل تاجر المئة والمئتان، فما دون ذلك وما فوقه، ويستأجر التاجر لكل خمسين منها راعيا يقوم عليها ويرعاها كالغنم ويسمى عندهم (القشي)، ويركب أحدها وبيده عصى طويلة فيها حبل، فإذا أراد أن يقبض على فرس منها حاذاه بالفرس الذي هو راكبه، ورمى الحبل في عنقه وجذبه، فيركبه ويترك الآخر للرعي.
وإذا وصلوا بها إلى أرض (السند) أطعموها العلف؛ لأن نبات أرض (السند) لا يقوم مقام الشعير، ويموت لهم منها الكثير ويسرق، ويغرمون عليها بأرض (السند) سبعة دنانير فضة على الفرس بموضع يقال له: (ششنقار)، ويغرمون عليها بملتان قاعدة بلاد السند، وكانوا فيما تقدم يغرمون ربع ما يجلبونه فرفع ملك الهند السلطان محمد ذلك، وأمر أن يؤخذ من تجار المسلمين الزكاة ومن تجار الكفار العشر، ومع ذلك يبقى للتجار فيها فضل كبير؛ لأنهم يبيعون الرخيص منها ببلاد الهند بمئة دينار دراهم، وصرفها من الذهب المغربي خمسة وعشرون دينارا، وربما باعوها بضعف ذلك وضعيفه، والجياد منها تساوي خمس مئة دينار وأكثر من ذلك وأهل الهند لا يبتاعونها للجري والسبق؛ لأنهم يلبسون في الحرب الدروع ويدرعون الخيل وإنما يبتغون قوة الخيل واتساع خطاها، والخيل التي يبتغونها للسبق تجلب إليهم من اليمن وعمان وفارس ويباع الفرس منها بألف دينار إلى أربعة آلاف. (8) وصف مدينة الماجر
ولما سافر الأمير تلكتمور عن هذه المدينة أقمت بعده ثلاثة أيام حتى جهز لي الأمير محمد خواجه آلات سفري وسافرت إلى مدينة (الماجر)، وهي بفتح الميم وألف وجيم مفتوح معقود وراء مدينة كبيرة من أحسن مدن الترك على نهر كبير وبها البساتين والفواكه الكثيرة، نزلنا منها بزاوية الشيخ الصالح العابد المعمر محمد البطائحي من بطائح العراق وكان خليفة الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه، وفي زاويته نحو سبعين من فقراء العرب والفرس والترك والروح منهم المتزوج والعزب وعيشهم من الفتوح.
ولأهل تلك البلاد اعتقاد حسن في الفقراء، وفي كل ليلة يأتون إلى الزاوية بالخيل والبقر والغنم ويأتي السلطان والخواتين
Shafi da ba'a sani ba