Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Nau'ikan
اغفر لعبدك تاب من فرطانه .... ما كان منه في الزمان الأول {فأما الذين أمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم} أي: أن المثل وقع في حقه، والمعنى أنهم إذا سمعوا هذا التمثيل علموا أنه الحق والله لا يترك ضرب المثل ببعوضة فما فوقها إذا علم أن فيه عبرة لمن اعتبر وحجة على من جحد {وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا} استرذال منهم واستحقار والمعنى أنهم يقولون أي فائدة في ضرب المثل بهذا فأجابهم الله سبحانه فقال: {يضل به كثيرا} أي: أراد بهذا المثل أن يضل به كثيرا من الكافرين وذلك أنهم كانوا ينكرونه ويكذبونه، ولما كانت حال آلهتهم التي جعلوها أندادا لله لا حال أحقر منها ولا أهون، جعلت أقل من الذباب والعنكبوت وأخس قدرا وضربت لها البعوضة ودونها {ويهدي به كثيرا} من المؤمنين لأنهم يعرفونه ويصدقون به وإسناد الإخلال إلى الله تعالى مجاز لأنه لما ضرب المثل ضل به قوم واهتدى به آخرون {وما يضل به إلا الفاسقين} أي: الكافرين الخارجين عن طاعة الله تعالى، والفاسق في الشريعة الخارج عن أمر الله بارتكاب الكبيرة {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} النقض الفسخ واستعمل في إبطال العهد من تسميتهم العهد بالحبل استعارة، وهم أحبار اليهود المتعنتون أو منافقوهم، وعهد الله وصيته وأمره في الكتب المتقدمة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وما يخبر في عقولهم من الحجة على التوحيد كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم بإيجابه {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} هو قطعهم الأرحام وموالات المؤمنين وقيل: قطعهم ما بين الأنبياء من الوصلة والاجتماع على الحق في إيمانهما ببعض وكفرهم ببعض {ويفسدون في الأرض} بالمعاصي ويعوق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم {أولئك هم الخاسرون} بفوت المثوبة والمصير إلى العقوبة لأنهم استبدلوا النقض بالوفاء، والقطع بالوصل، والفساد بالإصلاح، وعقابها بثوابها.
Shafi 40