182

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

Nau'ikan

Fikihu Shia

{كذلك يبين الله لكم آياته} أي: مثل للبيان الذي تقدم فيما ذكر من الأحكام بين آيته من أوامره ونواهيه حتى يعلموا بها {لعلكم تعقلون} أي: لتعلموا بالآيات فيثبت لكم صفة العقلاء باستعمال بيناتكم، {ألم تر إلى} تقدير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وإحياء الأولين، وتعجيب من شأنهم ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع، لأن هذا الكلام جزاء مجز المثل للتعجب {إلى الذين خرجوا من ديارهم} روي أنهم أهل دور دان قرية قبل واسط وقع فيهم الطاعون فخرجوا هاربين، فأماتهم الله ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أنه لا مفر من حكم الله وقضائه وقيل: مر عليهم حي قيل: بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فلوا شدقه وأصابعه تعجبا منهم ومما رأى ، فأوحى إليه ناد فيهم أن قوموا بإذن الله، فنادا فنظر إليهم قياما يقولون سبحانك اللهم وبحمدك وقيل: هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذرا من الموت.فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم {وهم ألوف} فيه دليل على كثرتهم فاختلف في ذلك فقيل عشرة ألف وقيل: ثلاثون ألفا وقيل: سبعون ألفا. {حذر الموت} أي: الأجل محاذرة الموت وخوفه قيل: فروا من الطاعون، وقيل: من الجهاد {فقال لهم الله موتوا} معناه: وجئ به على هذه العبارة للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر الله ومشيئته وتلك ميتة خارجة عن العادة كأنهم أمروا بالموت فامتثلوا من غير إباء ولا توقف، وهذا تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعريض للشهادة، وأن الموت إذا لم يكن منه بد ولم ينفع منه مفر ، فأولى أن يكون في سبيل الله {ثم أحياهم} ليستوفوا بقية آجالهم وقيل: خرج خرقيل في طلبهم فوجدهم فبكى ودعا الله تعالى فأجابهم {إن الله لذو فضل على الناس} حيث يبصرهم ما يعتبرون به ويستبصرون أو لذو فضل على الناس حيث أحيا أولئك ليعتبروا فيفوزوا {ولو شاء لتركهم} موتى إلى يوم البعث {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} لا يعتبرون بهذه النعم ولا يشكرونها {وقاتلوا في سبيل الله} أراد بالقتال الجهاد، {واعلموا أن الله سميع عليم} يسمع ما يقوله المتخلفون عليم بما يضمرونه، وهو من وراء الجزاء.

قال رضي الله عنه: والدليل على أنه ساق هذه القصة بعثا على الجهاد ما أتبعه من الأمر بالقتال في سبيل الله.

من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون(245)ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين(246)

{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} إقراض الله مثل تقديم العمل الذي يطلب به ثوابه، والغرض الحسن إما المجاهدة في نفسها وإما النفقة في سبيل الله {فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قيل: الواحد بسبعمائة.

Shafi 211