في سائر الحبوب فأكثر وقد ورد القرآن بأن الحسنة بعشر أمثالها واقتضت الآية أن نفقة الجهاد حسنتها بسبع مائة ضعف وبين ذلك الحديث الصحيح واختلف في معنى قوله سبحانه والله يضاعف لمن يشاء فقيل هي مبينة ومؤكدة لما تقدم من ذكر السبع مائة وقالت طائفة من العلماء بل هو إعلام من الله تعالى بأنه يضاعف لمن يشاء أكثر من سبعمائة ضعف ت وأرجح الأقوال عندي قول هذه الطائفة وفي الحديث الصحيح عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال ان الله تعالى كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة الحديث رواه مسلم والبخاري بهذه الحروف انتهى وقال ابن عمر لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم رب زد أمتي فنزلت من ذا الذين يقرض الله قرضا حسنا الآية فقال رب زد أمتي فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وفي الآية حذف مضاف تقديره مثل إنفاق الذين وكمثل ذي حبة وقوله تعالى الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون لما تقدم في الآية التي قبلها ذكر فضل الإنفاق في سبيل الله على العموم بين أن ذلك إنما هو لمن لم يتبع إنفاقه منا ولا أذى وذلك أن المنفق في سبيل الله إنما يريد وجه الله تعالى ورجاء ثوابه وأما من أراد من المنفق عليه جزاء بوجه من الوجوه فهذا لم يرد وجه الله تعلى وهذا هو الذي متى أخلفه ظنه من بالإنفاق أذى إذ لم يكن أنفاقه مخلصا لوجه الله بالمن والأذى مبطلان للصدقة وهما كاشفان لمقاصد المنفقين والمن ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها والأذى السب والتشكي وهو أعم من المن لأن المن جزء من الأذى ولكنه نص عليه لكثرة وقوعه وقال زيد بن أسلم لئن ظننت أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه تريد وجه الله فلا تسلم عليه قالت له امرأة يا أبا أسامة دلني على رجل يخرج في سبيل الله حقا فإنهم إنما يخرجون ليأكلوا الفواكه فإن عندي اسهما وجعبة فقال لها لا بارك الله في اسهمك وجعبتك فقد آذيتهم قبل أن تعطيهم وتضمن الله الأجر للمنفق في سبيل الله والأجر الجنة ونفي عنه الخوف لما يستقبل والحزن على ما سلف من دنياه لأنه يغتبط بآخرته ت وما جاء من صحيح الآثار في هذا الباب ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من بابا الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر يا رسول الله ما على من يدعى من هذه الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحدا من هذه الأبواب كلها قال نعم وأرجوا أن تكون منهم قال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد في هذا الحديث من الفقه الحض على الإنفاق في سبيل الخير ومعنى زوجين أي شيئين من نوع واحد نحو درهمين أو دينارين أو فرسين أو قميصين هكذا قال أهل العلم وفيه أن من أكثر من شيء عرف به ونسب إليه ألا ترى إلى قوله فمن كان من أهل الصلاة يريد من أكثر منها فنسب إليها لأن الجميع من أهل الصلاة وكذلك من أكثر من الجهاد ومن الصيام على هذا المعنى والريان فعلان من الري ومعنى الدعاء من تلك الأبواب اعطاؤه ثواب العاملين تلك الأعمال ونيله ذلك والله اعلم وفيه ان للجنة ابوابا يعنى متعددة بحسب الأعمال انتهى وروى ابن أبي شيبة في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل اهل عمل بابا من أبواب الجنة يدعون فيه بذلك العمل هذا لفظه على ما نقله صاحب الكوكب الدري انتهى قوله تعالى قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى هذا أخبار جزم من الله تعالى أن القول المعروف وهو الدعاء والتأنيس والترجية بما عند الله خير من صدقه هي في ظاهرها صدقة وفي باطنها لا شيء لأن ذلك القول المعروف فيه اجر وهذه لا اجر فيها والمغفرة الستر للخلة وسوء حالة المحتاج ومن هذا قول الاعرابي وقد سأل قوما بكلام فصيح فقال له قائل ممن الرجل فقال اللهم غفرا سوء الاكتساب يمنع من الانتساب وقال النقاش يقال معناه ومغفرة للسائل ان اغلظ اوجفا اذا حرم ثم اخبر تعالى بغناه عن صدقة من هذه حاله وحلمه عن من يقع منه هذا وامهاله وحدث الجوزي في صفوة الصفوة بسنده الى حارثة بن النعمان الصحابي رضي الله عنه قال لماكف بصره جعل خيطا في مصلاه إلى باب حجرته ووضع عنده مكتلا فيه تمر وغير ذلك فكان إذا سأل المسكين أخذ من ذلك التمر ثم أخذ من ذلك الخيط حتى يأخذ الى باب الحجرة فيناوله المسكين فكان اهله يقولون نحن نكفيك فيقول سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول ان مناولة المسكين تقى ميتة السوء انتهى وقوله تعالى يا ايها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى الآية العقيدة ان السيات لا تبطل الحسنات فقال جمهور العلماء في هذه الآية ان الصدقة التي يعلم الله من صاحبها انه يمن بها او يؤذي فانها لا تتقبل صدقة وقيل بل يجعل الله للملك عليها امارة فهو لا يكتبها قال ع وهذا حسن لأن المان المؤذي لم تكن نيته خالصة لله سبحانه فلم تترتب له صدقة فهذا هو البطلان بالمن والأذى وهما لا يبطلان صدقة غيرها سالمة النية ثم مثل الله سبحانه هذا الذي يمن ويؤذي بحسب مقدمة نيته بالذي ينفق رياء لا لوجه الله والرياء مصدر من فاعل من الرؤية كان الرياء تظاهر وتفاخر بين من لا خير فيه من الناس قال المهدوى والتقدير كأبطال الذي ينفق رياء وقوله تعالى ولا يؤمن بالله واليوم الآخر يحتمل إن يريد الكافر أو المنافق إذ كل منهما ينفق ليقال جواد ثم مثل سبحانه هذا المنفق رياء بصفون عليه تراب فيظنه الظان أرضا منبتة طيبة كما يظن قوم أن صدقة هذا المراءى لها قدر أو معنى فإذا أصاب الصفوان وابل من المطر انكشف ذلك التراب وبقي صلدا فكذلك هذا المراءى إذا كان يوم القيامة وحضرت الأعمال انكشف سره وظهر أنه لا قدر لصدقاته ولا معنى والصفوان الحجر الكبير إلأمس والوابل الكثير القوي من المطر وهو الذي يسيل وجه الأرض والصلد من الحجارة الأملس الصلب الذي لا شيء فيه ويستعار للرأس الذي لا شعر فيه وقوله تعالى لا يقدرون يريد الذين ينفقون رياء أي لا يقدرون على الانتفاع بشيء من إنفاقهم ذلك وهو كسبهم وقوله تعالى والله لا يهدى القوم الكافرين أما عموم يراد به الخصوص ويحتمل لا يهديهم في كفرهم إذ هو ضلال محض ويحتمل لا يهديهم في صدقاتهم وأعمالهم وهم على الكفر وقوله تعالى ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله الآية من أساليب فصاحة القرءان أنه يأتي فيه ذكر نقيض ما يتقدم ذكره ليتبين حال التضاد بعرضها على الذهن ولما ذكر الله صدقات القوم الذين لا خلاق لصدقاتهم ونهى المؤمنين عن مواقعة ما يشبه ذلك بوجه ما عقب في هذه الآية بذكر نفقات القوم الذين بذلوا صدقاتهم على وجهها
Shafi 213