Jawahir Balagha
جواهر البلاغة: في المعاني والبيان والبديع
Mai Buga Littafi
المكتبة العصرية
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
الباب الخامس في الإطلاق (١) والتقييد
إذا اقتصر في الجملة على ذكر جُزأيها «المسند إليه والمسند» فالحكم (مطلقٌ) وذلك: حين لا يتعلق الغرض بتقييد الحكم بوجه من الوجوه ليذهب السامع فيه كل مذهب ممكن.
وإذا زيدَ عليهما شيء ممّا يتعلق بهما - أو بأحدهما، فالحكم (مقيد) وذلك: حيث يُراد زيادة الفائدة وتقويتها عند السامع، لما هو معروف من أن الحكم كلما كثرت قيوده ازداد إيضاحا وتخصيصا، فتكون فائدته أتّم وأكمل، ولو حُذف القيد لكان الكلام كذبًا - أو غير مقصود نحو: قوله تعالى (وما خَلَقنَا السَّموات والأرضَ وما بينهُما لاعِبيِن) .
فلو حُذف الحال وهو (لاعبين) لكان الكلام كذبًا، بدليل المشاهدة والواقع.
ونحو: قوله تعالى (يكاد زيتها يضيء) إذ لو حذُف (يكاد) لفات الغرض المقصود، وهو إفادة المقاربة.
واعلم: أن معرفة خواص التراكيب وأسرار الأساليب وما فيها من دقيق الوضع، وباهر الصّنع، ولطائف المزايا، يسترعى لُبك، إلى أن التقييد بأحد الأنواع الآتية: يكون لزيادة الفائدة، وتقويتها عند السامع لما هو معروف من أن الحكم كلما ازدادت قيوده ازداد إيضاحًا وتخصيصًا.
والتقييد: يكون، بالتَّوابع، وضمير الفصل والنَّواسخ وأدوات الشرط والنفي والمفاعيل الخمسة، والحال والتمييز - وفي هذا الباب
_________
(١) الاطلاق والتقييد: وصفان للحكم، فالأطلاق أن يقتصر في الجملة على ذكر (المسند والمسند إليه) حيث لا غرض يدعو إلى حصر الحكم، ضمن نطاق معين بوجه من الوجوه - نحو: الوطن عزيز، والتقييد أن يزاد على المسند والمسند إليه شيء يتعلق بهما، أو بأحدهما، مما لو أغفل لفاتت الفائدة المقصودة، أو كان الحكم كاذبًا نحو: الولد النجيب يسر أهله.
1 / 141