الجواب الراقي
على مسائل العراقي
ويليه
الجواب الكاشف للإلتباس
عن مسائل الإفريقي إلياس
للسيد العلامة
الحسين بن يحيى الحوثي
من إصدارات
www.izbacf.org
Shafi 1
الجواب الراقي على مسائل العراقي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المختص بصفات الكمال، المنزه عن صفات النقص والأشباه والأمثال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين وحجة على المعاندين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين وبعد: فإنه وصلني أسئلة من أخ عراقي - وفقه الله وهداه لما يحبه ويرضاه - فأحببت الإجابة مع كثرة الأعمال وترادف الأشغال رغبة في النصح والهداية للراغبين، ولما أوجبه الله على العلماء من التبليغ والتبيين، ومن الله نستمد الإعانة والتبصر والتسديد والقبول، ونرجوه التأمل والإنصاف والتدبر لما نقول.
Shafi 2
بسم الله الرحمن الرحيم اعلم - أرشدنا الله وإياك والمؤمنين - أن الأمة والأمم الماضين مجمعون على أن الله بعث الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - مبشرين ومنذرين... مبشرين لمن أطاع الله بالسعادة الأبدية الدائمة السرمدية وهي الدخول في جنات النعيم، جعلنا الله الله وإياكم ووالدينا وإخواننا المؤمنين من أهلها، ويكفي في وصفها ما وصفها الله تعالى في كتابه من مثل قوله: ?وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون? [الزخرف:71]،? ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون? [فصلت:31]، وأشباه ذلك في القرآن كثيرة، وما وصفها به نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - من نحو قوله: ((الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، حصباؤها الياقوت والزمرد ملاطها المسك الأذفر، ترابها الزعفران، أنهارها جارية وثمارها متدلية، وأطيارها مرنة، ليس فيها شمس ولا زمهرير لكل رجل من أهلها ألف حوراء، يمكث مع الحوراء من حورها ألف عام لا تمله ولا يملها، وإن أدنى أهل الجنة منزلة لمن يغدى عليه ويراح بعشرة آلاف صحفة في كل صحفة لون من الطعام له رائحة وطعم ليس للآخر، وإن الرجل من أهل الجنة ليمر به الطائر فيشتهيه فيخر بين يديه إما طبيخا وإما مشويا ما خطر بباله من الشهوة، وإن الرجل من أهل الجنة ليكون في جنة من جنانه بين أنواع الشجر إذ يشتهي ثمرة من تلك الثمار فتدلى إليه فيأكل منها ما أراد، ولو أن حوراء من حورهم برزت لأهل الأرض لأعشت ضوء الشمس ولا فتتن بها أهل الأرض)) فهذه البشارة لمن أطاع الله وأطاعهم... اللهم اجعلنا من أهلها.
Shafi 3
وأما الإنذار فهو الإنذار لمن لم يجب دعوتهم وعصى الله بدخول نار جهنم - أعاذنا الله منها وإياكم - ويكفي في وصفها ما وصفها الله في كتابه من نحو قوله تعالى: ?كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب?[النساء:56]،?ثم لا يموت فيها ولا يحيا?[الأعلى:13]، ?وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم? [محمد:15]، ? وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه? [الكهف:29].
فليعلم طالب العلم أن المقصد بطلب العلم البحث عن السبيل التي تنجيه من العذاب الأليم، وتوصله إلى جنات النعيم، فلا يغتر بالآباء والأسلاف وإن كانوا على غير هدى من الله وتبصرة. أما إذا كانوا على هدى من الله فقد قال يوسف صلوات عليه: ?واتبعت ملة ءابائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب?[يوسف:38]، وقال الله تعالى: ?والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم?[الطور:21].
وهذا أوان الشروع في المقصود، ومن الله نستمد الإعانة والهداية والتسديد فهو حسبنا ونعم الوكيل.
Shafi 4
السؤال الأول: ما هو الفرق بين المذهبين الزيدي والإثني عشري؟
الجواب: أن بينهما فروقا كثيرة ولنذكر الأهم منها ونستعرض البراهين المرجحة للمذهب الزيدي فمنها:
Shafi 5
الإمامة:
Shafi 6
أن الإمامية تقول: إن الإمامة محصورة - بعد الحسين - في تسعة من ولده أولهم علي بن الحسين وآخرهم محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام المنتظر المهدي عندهم، والزيدية تقول: إن الإمامة محصورة في ولد السبطين لا يختص بها بطن من بطن، واحتجت الزيدية بحديث الثقلين وحديث السفينة، والإثنا عشرية معترفة بصحة هذين الحدثين، وقد روى هذين الحديثين الشيعة وأهل السنة، فلهذا احتججنا على الكل بهذين الحديثين وأشباههما مما اعترف به جميع الطوائف، وبقوله تعالى: ?إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا?[الأحزاب:33]، ? قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى?[الشورى:23]، وقد أجمع أهل البيت على أنه لا يختص بها التسعة من ولد الحسين، والإمامية لا تنكر أن جميع أهل البيت في زمن كل إمام من أئمتهم لا يقولون بإمامة ذلك الإمام، لأنه لم يقم ويدعوا ولو قام ودعى مع كمال الشروط لقالوا بإمامته إلا علي الرضا فإنه إمام عندنا لأنه قام ودعا ولا نعترف بأن أئمتهم يدعون لأنفسهم الإمامة ولا نعتقد ذلك وحاشاهم، والله أمرنا باتباع أهل البيت ولم يأمرنا باتباع فريق من الشيعة فامتثلنا أمر الله وأمر رسوله، ولم نمتثل أمر من لم يأمرنا بالإقتداء بهم، ومن ادعى دعوى بغير برهان فدعواه عاطلة باطلة، ولا يعرف الحق من الباطل إلا بالبراهين، مع أنه لم يقع بين التسعة وبين سائر أهل البيت أي خلاف في هذا ولا نزاع وإنما قاموا بجهاد الظلم والمنكر بجهاد الدولتين الظالمتين الأموية والعباسية وبذلوا النفس والنفيس، وقتلوا تحت كل حجر ومدر، وأوصدت عليهم الحبوس، وشردوا في الآفاق مصداقا لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((ستنال عترتي من أمتي قتلا وتشريدا))، ودعوا إلى الله: ?ياقومنا أجيبوا داعي الله وءامنوا...?،?ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض...?[الأحقاف:31-32] مع أن مذهب الإثني عشرية مناف للعدل والحكمة، لأن الأمة تصير بعد الحسن العسكري مهملة بدون أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ولا إقامة حدود ولا فصل الخصومات إلى زماننا هذا أكثر من ألف عام وإلى متى وهم لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يجاهدوا إلى زمن نحو 1400، ونحن، امتثلنا لقول الله عز وجل:? ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر?[آل عمران:104]، ?لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون?[المائدة:78،79]، ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر?[آل عمران:110 ]، ?لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله?[النساء:95]، وكم في السنة من الحث على ذلك والتهديد على تركه.
وسبب الخلاف أن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - سلام الله عليهم - لما ظهر ودعا الناس إلى البيعة بايعته الشيعة وكثير من غيرهم وقعد عنه قوم وقالوا له: لست أنت الإمام.
قال: فمن هو؟
قالوا: ابن أخيك جعفر.
قال: إن قال جعفر: إنه الإمام فقد صدق، واكتبوا إليه واسألوه. قالوا: الطريق مقطوع ولا نجد رسولا إلا بأربعين دينارا!!
Shafi 7
قال: هذه أربعون دينارا فاكتبوا وأرسلوا إليه... فلما كان من الغد قالوا: إنه يداريك. قال: ويلكم إمام يداري من غير بأس أو يكتم حقا أو يخشى في الله أحدا. اختاروا مني أن تقاتلوا معي، وأن تبايعوني على ما بويع عليه علي والحسن والحسين - عليهم السلام - أو تعينوني بسلاحكم أو تكفوا عني ألسنتكم. قالوا: لا نفعل.
قال: الله أكبر!! أنتم والله الروافض الذين ذكر جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي ويقولون ليس عليهم أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، يقلدون دينهم ويتبعون أهوائهم...)) روى هذا الهادي عليه السلام، وفي بعض الروايات أنهم نكثوا بعد البيعة خوفا من سلطان بني أمية وتعللوا بهذه التعليلات يبررون موقفهم فلم يقع خلاف بين جعفر وزيد - عليهما السلام - ولا نزاع، وكتب الزيدية طافحة بالرواية عن علي الرضا وموسى الكاظم، وجعفر الصادق، ومحمد الباقر، وزين العابدين، فهم وسائر أولاد الحسنين أسلافنا، ونحن نعتقد أنهم كلهم زيدية، ونتبعهم جميعا لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، ولو كان بيننا وبينهم أي نزاع لم نجعلهم لنا أسلافا ولما ملأنا كتبنا بالرواية عنهم ولاشتهر ذلك وروته الأمة وأبرزه التاريخ. وهم يروون عن جعفر أنه يدعي أنه الإمام، ونحن ننكر هذا، ونروي عنه ضد هذا، وقد روى الإمام الأعظم إمام اليمن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - سلام الله عليهم - أن جعفرا قال ليحيى بن زيد يقرىء أباه عنه السلام ويقول له: إن كنت أزعم أني عليك إمام فأنا مشرك. وأنه كان يريد الخروج مع زيد ليقاتل بين يديه وإنما منعه زيد، وقال: إبق مع حرمنا. وأنه قال حين بلغه قتل عمه: ذهب -والله - زيد كما ذهب علي بن أبي طالب والحسن والحسين وأصحابهم شهداء إلى الجنة والتابع لهم مؤمن والشاك فيهم ضال والراد عليهم كافر.
Shafi 8
وروى في - في الحدائق الوردية - أنه أرسل ولديه يجاهدان بين يدي محمد بن عبد الله النفس الزكية وأن أول قتيل من جند العباسية اشتركا في قتله وهما موسى وعبد الله - رحمهما الله - وكانا حاضرين معه في جميع جهاده وأعطياه بيعتهما مختارين متقربين إلى الله تعالى بذلك، واستأذنه أبو عبد الله جعفر بن محمد - عليهما السلام - لسنه وضعفه في الرجوع إلى منزله بعد أن خرج معه فأذن له.
ونحن نروي فضل الإمام زيد والثناء عليه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلي بن أبي طالب والحسين وزين العابدين والباقر والصادق وعن أولاد الحسن - صلوات الله عليهم - وقد تركناه اختصارا.
وأما ما ترويه الإثنا عشرية من نحو: الخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة، ونحوه من كتب أهل السنة وطرقهم.
فالجواب عنها من وجوه:
الوجه الأول: أنا لا نعترف بصحة هذه الروايات ولم يروها أسلافنا، ونحن لم نحتج على الإمامية وأهل السنة إلا بما رووه هم واعترفوا بصحته وبالقرآن وحجج العقول.
ونروي عن أسلافنا أن الذي أمر بالرواية في الاثني عشر أبوالدوانيق - كافاه الله تعالى - ثم أمر المأمون بالتأليف في هذا المذهب وأنفق عليه أموالا خطيرة رواه الإمام الأعظم عبد الله بن حمزة - عليه السلام -.
وللسياسة دور كبير في الوضع والتغيير والتحريف وعلماء السوء خدم الدولتين لتفريق صفوف الشيعة، ولينسحب الجم الغفير إلى هذا المذهب السهل الذي يدعوهم إلى القعود والأمن والعافية، فإذا قام قائم أهل البيت يدعوهم إلى الجهاد تركوه وخذلوه لأن العافية، والأمن والحياة أسهل من الموت والخوف والبلاء: ?وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى?[النازعات:41].
Shafi 9
الوجه الثاني: أن هذه الروايات آحادية مغمورة لا يبنى عليها أصل من أصول الدين ولو كانت صحيحة لأظهرها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونشرها كما نشر ولاية علي - عليه السلام - على رؤوس الأشهاد وفي مجامع الناس مثل حديث الغدير الذي نشره في حجة الوداع وفي يوم الدار ويوم عرفة وفي غيرها سيما على مذهب الامامية، لأنهم عندهم حجج يجب اتباعهم، ويحرم مخالفتهم، بل يكفر عندهم من خالفهم فكيف ينصب لنا حججا يجب على كل واحد الرجوع إليهم ويكفر من خالفهم، ولا يظهر أمرهم ولا ينشره نشرا كاملا حتى لا يمكن أحدا إنكاره، هذا بعيد غاية البعد لأن حجج الله لم تزل ظاهرة مكشوفة من زمن آدم - عليه السلام - إلى زماننا هذا: ?لئلا يكون للناس على الله حجة...?[النساء:165]، فكيف ولم يعرف هذه الروايات أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وهم أحق بالتبليغ: ?وأنذر عشيرتك الأقربين?[الشعراء:214].
الوجه الثالث: أن الواقع يكشف عن بطلانه لأن الثاني عشر لم يوجد والأمة بأسرها تنكر وجوده فضلا عن إمامته. والإمامية لما لم تستطع أن تبرهن على وجوده ادعت أنه غائب مختف، وقد لزمهم من القول بالغيبة أن ينسب إلى الله أصناف من القبائح:
الصنف الأول: العبث واللعب لأن الله إذا جعل لنا إماما معصوما حجة يجب علينا اتباعه خليفة لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في كل ما جاء به يقيم الحدود والجمع والقضاء، ويؤمن السبل ويقيم الجهاد، ويعلم الناس معالم دينهم ثم يخفيه ويغيبه من بعد وجوده إلى زماننا هذا أي من سنة 260ه إلى سنة 1415ه وإلى متى؟! فهو عين العبث الذي لا فائدة فيه.
الصنف الثاني: تكليف ما لا يطاق، لأن الله إذا كلفنا باتباعه والإئتمام به والاهتداء بهديه، ولم يجعل لنا سبيلا إلى معرفته فهو تكليف ما لا يطاق وهو قبيح.
Shafi 10
الصنف الثالث: بقاء الأمة طيلة هذه المدة بدون إمام ظاهر إهمال وفساد.
فهذه الأصناف من القبائح - تعالى الله عنها - لزمت من القول بالغيبة، ومذهبنا ومذهبهم أن الله لا يفعل القبيح، وليت شعري من أين أوتي العلم هذا الإمام الغائب المختفي هل يوحى إليه؟ كما قاله الكليني قال: إنه يأتيه ملك يحدثه إلا أنه لا يراه!! فيلزم أن يكون نبيا، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ?وخاتم النبيين?[الأحزاب:40]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي))، وهذا مما علم من الدين ضرورة أنه خاتم النبيين، أم لم يوح إليه فلا سبيل له إذا إلى معرفة الشرائع، فكيف يعرفنا وهو لا يعرف، وليت شعري، ما الفائدة وما الحكمة في غيبة هذا الإمام وإخافئه أكثر من ألف عام، هل خاف الله عليه من أعدائه ولم يستطع أن يحرسه ويحفظه كما حفظ موسى في حجر فرعون، وكما حفظ إبراهيم ووقاه من نار النمرود، أم لئلا يستطيع أحد أن يستفيد منه، فلا تكمل حجة الله على العالمين، أم لإهمال الشرائع وتعطيل الأحكام، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، وتعطيل الحدود، لأنه لا يصح قيام إمام وقت غيبته، وما الفائدة والحكمة في خلقه وإعداده قبل الحاجة إليه بهذه المدة الطويلة، هل اغتنام فرصة القوة والاستطاعة خوفا من الضعف والعجز بعد، أم عبثا ولعبا، وهذا محال على الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وإنما يفعل مثل هذا الضعيف العاجز، الذي يغتنم الفرص خوفا من فواتها، هذه سنة الله في الأولين تبصروا إخواننا واستبصروا، ولا تقبلوها مسلمات دعاوى بدون أدلة ولا براهين، ولا تقبلوا ما صادم العقل وأدلة التوحيد والعدل.
Shafi 11
إذا عرفت هذا حملنا ما أمكن حمله من هذه الروايات على ما رواه الإمام الأعظم أحمد بن سليمان، والإمام الأعظم عبد الله بن حمزة عن علي بن موسى الرضى - عليهم السلام - قال: إن الله سبحانه أخرج من بني اسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله عليهم - اثني عشر سبطا، وسماهم، ثم قال: كذلك أخرج من ولد الحسن والحسين اثني عشر سبطا؛ ستة من ولد الحسن، وستة من ولد الحسين، ثم قال: فعقب الحسن من هذه الستة لا ينقطع أبدا، وكذا عقب الحسين قال: لا ينقطع من هذه الستة إلى انقطاع التكليف وهم بمنزلة أسباط بني إسرائيل وهم حجة الله على خلقه، وأمان أهل الأرض من استئصال عذابه، وهو حديث طويل اختصرناه من التحف الفاطمية.
ولما أشرنا إلى حديث الثقلين، وحديث السفينة أردنا أن نبين من رواهما؟ ومن المراد بهما ووجه دلالتهما؟ وكذا آية التطهير وآية المودة، لتتم فائدة ما أردنا.
أما حديث السفينة فلفظه: ((مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى)).
وأما حديث الثقلين: فروي بألفاظ مختلفة، ومعناه غير مختلف لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يقله في موضع واحد فقط قال في لوامع الأنوار: فمن ألفاظه ما رواه إمام اليمن الهادي إلى الحق - عليه السلام - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
Shafi 12
ومن ألفاظه: ((إني مخلف فيكم...، وقد تركت فيكم...))، وبلفظ: ثقلين، وخليفتين، وأمرين، وبلفظ: ما إن تمسكتم به، واعتصمتم، وأخذتم لن تضلوا... الخ، وفيه: لا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم....، وقد تكلم به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في يوم الغدير، وفي يوم عرفة وفي منصرفه من الطائف، وفي مرض الوفاة وقد امتلأت الغرفة بأصحابه انتهى.
هذا، وأهل البيت هم: علي وفاطمة والحسنان وذريتهما - صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهم - لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين نزلت آية التطهير: ?إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا? دعا عليا وفاطمة والحسنين، ولف عليهم كساء وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)).
ولقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم...))، ولقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون))، ولقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث الثقلين: ((.... لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
فحصرهم في الكساء يدل على عدم دخول سائر القرابة والزوجات، وأما ذرية رسول الله فهم آله أي أهله لغة، وقد دل على أنهم المقصودون الحديثان المتقدمان، ((أهل بيتي كالنجوم....))، و((النجوم أمان لأهل السماء....))، ولأن الأهل والآل كلمتان بمعنى واحد لغة بدليل تصغير آل على أهيل والآل هم الذرية، قال الله تعالى: ?إن الله اصطفى ءادم ونوحا وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض?[آل عمران:33-34]، فقال: ذرية.
Shafi 13
ولأن الصدقة لما حرمت على بني هاشم، قال العلماء: إنها تحرم على آل عقيل وآل علي وآل جعفر وآل العباس، ولا شك أن المراد بآل علي ذريته وكذا عقيل وجعفر والعباس كل العلماء مطبقون على هذا فصح أن الآل لغة وعرفا وشرعا هم الذرية.
قال المولى العلامة مجدالدين بن محمد المؤيدي - أيده الله تعالى- في لوامع الأنوار: وإجماع الأمة على كونهم أعني ذرية الخمسة آل الرسول وأهل البيت والعترة لا اختلاف في ذلك وإنما الخلاف في إدخال غيرهم معهم انتهى.
ولا يدخل أولاد علي من غير فاطمة؛ لأنهم ليسوا من ذرية رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإنما دخل علي - عليه السلام - في أهل البيت بالنص ولا يرد استعمال الآل في الذرية وغيرهم فهو مجاز لا يصح إلا مع قرينة تبينه، ولو أراد دخول أولاد علي من غير فاطمة ما احتاج إلى دخول الحسنين في الكساء، ولكفى دخول علي وفاطمة عليهم السلام.
إذا عرفت هذا؛ فدخول زين العابدين والباقر والصادق - عليهم السلام - وبقية أئمة الإمامية كدخول أولاد الحسن وسائر أولاد الحسين سواء سواء - صلوات الله عليهم -؛ فإن دخلوا دخلوا وإن خرجوا خرجوا.
وأما معنى الحديث فإنه يدل على أنهم على الحق، وأن من خالفهم على ضلال لوجوه:
الأول: أنه أفاد أن المتمسك بهم لن يضل فيلزم أن يحكم على النقيض بنقيض الحكم.
الثاني: أنه أفاد أنهم مع الحق، والله يقول: ?فماذا بعد الحق إلا الضلال?[يونس:32].
الثالث: أنه أفاد أنهم مع القرآن لا يفارقونه، وهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولا شك في ضلال من خالف القرآن.
Shafi 14
الرابع: أن في بعض الروايات: ((لا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)) وحديث السفينة نص في ضلال من خالفهم وهلاكه وكذا آية التطهير تدل أنهم على الحق لأن الضلال رجس، وكذا آية المودة لأن الله يقول: ?لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله?[المجادلة:22]، فلما أمر بمودتهم علمنا أنهم ليسوا ممن يحاد الله ورسوله.
هذا، واعلم أن الإمامة ولاية شرعية لا تثبت لأحد إلا ببرهان ولم يقم دليل شرعي ولا عقلي على ثبوتها لأحد من غير أهل البيت - عليهم السلام - فلزم حصرها فيهم ويدل أيضا حديث الثقلين على ثبوت الإمامة فيهم من وجوه:
الأول: أنه قال: ((مخلف فيكم))، ((تارك فيكم))، ونحوها فجعلهم خلفاءه؛ وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الحاكم على الأمة، وللخليفة ما للمستخلف، ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - يسمون الإمام خليفة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم.
الثاني: أنه دل على وجوب اتباعهم وأنهم على الحق، وقد أجمعوا على أنها محصورة فيهم، روى الإجماع الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، والإمام عبدالله بن حمزة، والحسين بن بدر الدين - عليهم السلام -، والواقع يشهد له؛ لأنهم في كل زمان هم وشيعتهم - رضي الله عنهم - يفزعون إلى الصالح منهم يطلبونه القيام أو يقوم هو بطلب البيعة فيبايعونه ولم ينصبوا أحدا من غيرهم، ولو كان في الغاية في العلم والكمال، فلو كان الأمر عندهم جائزا لنصبوا ولو واحدا في ألف وثلاثمائة عام، ولم يقولوا بإمامة عمر بن عبد العزيز ولا غيره.
الثالث: أنه يجب على الناس طاعة ولي الأمر واتباعه ونصرته؛ فلو كان من غيرهم وجب على أهل البيت اتباعه وطاعته، والمفروض أنه يجب عليه هو اتباعهم وطاعتهم وهذا عين التناقض.
Shafi 15
الرابع: أن الحديث هذا وحديث السفينة وآية التطهير قد دلت على أنهم مع الحق، وأن الحق معهم، والله يقول: ?أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون?[يونس:35].
هذا، وقد تضمنت هذه الأدلة أن أهل البيت وأتباعهم هم الفرقة الناجية، ثم انظر أيها المطلع على كتابنا هذا وحكم عقلك وتدبر هل يجوز، وهل يسوغ أن تكون هذه الذرية المباركة التي هي مستخلصة من أزكى الرجال وأطهر النساء بنص القرآن الكريم على ضلالة هي ومن اتبعها، وتكون ذرية أعداء رسول الله بإجماع المسلمين وأعداء أهل البيت هم ومن اتبعهم أو حذا حذوهم هم أهل الحق، قال الله تعالى: ?فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب?[الطارق:5-7]، فدلت هذه الآية أن الإنسان خلق من ماء يخرج هذا الماء من صلب الرجل وترائب المرأة؛ فأهل البيت - صلوات الله عليهم - خرجوا من صلب علي وترائب فاطمة، وفاطمة خرجت من صلب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وترائب خديجة، فأهل البيت من محمد وعلي، وفاطمة وخديجة - صلوات الله عليهم -؛ فما ظنك بفرع هؤلاء أصله فهل يجوز في عقلك أن يكون هؤلاء على ضلال ويكون بنو أمية وأتباعهم ومن حذا حذوهم على الهدى وهم من أشد الناس عداوة لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بإجماع المسلمين، ثم إن الله شرع الصلاة عليهم بإجماع المسلمين في أشرف العبادات في الصلوات الخمس وفي غيرها من الصلوات في التشهد هل يجعل الله هذا الشرف العظيم والمفخر الجسيم لأهل الزيغ والضلال فوالله لو لم يكن لهم إلا هذا حجة لكفى أهل العقول السليمة.
Shafi 16
ومن الأدلة الدالة على أن الإمامة فيهم إجماع الصحابة وذلك أن الأنصار لما اجتمعوا في السقيفة وأرادوا أن ينصبوا سعد بن عبادة أتاهم المهاجرون وادعوا أنهم أحق بالأمر لأنهم شجرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واستسلمت الأنصار لهذه الحجة إلا سعدا، وقال بنو هاشم بالموجب ومات سعد قريبا وانقرض خلافه، وللأنصار قرب إلا أن المهاجرين أقرب فثبت أنهم اعتبروا الأقرب، وأهل البيت أقرب الناس: ?والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان...? [الطور:21]، فكذا الله اعتبر الأقرب، قال: ?وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب?[العنكبوت:27].
وقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة الله في أرضه، وخليفة كتابه، وخليفة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -)) رواه الهادي - عليه السلام - في الأحكام في باب فضل الإمام العادل.
وما رواه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((من حبس نفسه لداعينا أهل البيت، وكان منتظرا لقائمنا كان كالمتشحط بين سيفه وترسه في سبيل الله بدمه)).
وكذا ما رواه صاحب المحيط بالإمامة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها أكبه الله على منخريه في قعر جهنم))، وقد رواه الهادي بلفظ يقرب من هذا والمعنى واحد.
وما رواه الإمام زيد بن علي - عليهما السلام - الحديث المتقدم في الرافضة: يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي، وكذا حديث: ((ثلاثة أنا شفيع لهم يوم القيامة: الضارب بسيفه أمام ذريتي...))، وكذا حديث: ((من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال)).
Shafi 17
وقول علي - عليه السلام - في نهج البلاغة: (أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستضاء الهدى، وبنا يستجلى العمى، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا يصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم) وهو حجة لقول النبيء - صلى الله عليه وآله وسلم - ((علي مع الحق والحق مع)) و((يا عمار، إذا سلك الناس واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي ودع الناس)) و((أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب)) ونحوها من الأدلة على حجيته مثل آية التطهير كما سبق.
ووجه دلالة: ((أنا مدينة العلم...)) على حجيته أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرنا بأخذ العلم عنه فدل على أنه لا يخطي؛ لأنه لو كان يخطي لكان الله سبحانه وتعالى قد دلنا على اتباع الخطأ وهو قبيح، والله لا يفعل القبيح.
فإن قيل: إذا اتبعنا أهل البيت في الأصول فالتقليد فيها لا يجوز، وأما الفروع فكل مجتهد مصيب.
قيل له: اتباعهم ليس تقليدا، فكما أن الأخذ بالإجماع ليس بتقليد وكذلك اتباع الأنبياء - صلوات الله عليهم -؛ فكذلك أهل البيت؛ لأن الدليل قد دلنا أنهم على الحق، بل أوجب علينا اتباعهم فيجب اتباعهم في الأصول والفروع؛ لأن الدليل لم يفصل مثلما دل الدليل على اتباع الأنبياء - صلوات الله عليهم - ولا نسلم أن كل مجتهد مصيب.
Shafi 18
هذا، ويعلم الله الذي يعلم السر وأخفى، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أنا لو نعلم أن الحق مع اليهود لتهودنا أو مع النصارى لتنصرنا أو مع أي فرقة أو فئة لاتبعناها غير مكترثين بالآباء والأسلاف، وليس لنا مال على اتباع هذا المذهب ولا شيء من حطام الدنيا، ولا نحب أن نهلك إذا هلكوا ?ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون?[الزخرف:39]، ولا أن نغر الناس ونضلهم إذا ضللنا فنحمل أوزارا فوق أوزارنا ?وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم?[العنكبوت:13].
ولكنا لما اختلفت الأمة وتفرقت فرقا وكل فرقة تدعي أنها على الحق، وتروي عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الروايات وتدعي أن رواياتها هي الروايات الصحيحة لجأنا إلى كتاب ربنا وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - التي أجمع عليها جميع الطوائف فوجدناهما شاهدين لأهل بيت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهم على الحق، وأنه يجب على الأمة اتباعهم كالآيات والأحاديث المتقدمة .
وكذا قوله تعالى: ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر?[آل عمران:110]، فجعلهم خير أمة لأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولم نجد مثل هذه الذرية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر من زمان علي بن أبي طالب وزيد بن علي إلى زماننا هذا.
ولقول الله تعالى: ?لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله? إلى أن قال: ?وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما?[النساء:95].
ولم نجد مثل هذه الذرية الطاهرة وأتباعهم رضوان الله عليهم مثابرين على الجهاد إلى يومنا هذا إذا وجدوا لهم أنصارا أولهم علي وآخرهم المهدي - عليهم السلام -.
Shafi 19
ولقول الله تعالى: ? قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون?[الزمر:9]، ولم نجد مثل هذه الذرية من ذراري المهاجرين والأنصار لا ذرية أبي بكر ولا عمر ولا عمار ولا أبي ذر ولا أنس ولا سعد بن عبادة ولا غيرهم.
أما هذه الذرية فلا زال العلم في بيوتهم وأعقابهم إلى زماننا هذا (1415ه )، ولهم فيه اليد الطولى، والمؤلفات الواسعة، ويمتازون على غيرهم أنهم يذكرون في كتبهم مذاهب الفرق وحججها والجوابات عليها ومذهبهم وحجتهم ويجعلون للطالب حرية النقاش والاستشكالات، ولأنهم يتصفون بالصفات الحسنة من الزهد والورع والصيام والقيام ومتابعة الحج والعمرة وملازمة الذكر والإهتمام بالفقراء والأيتام والأرامل، وتجنب المحرمات، والورع الكامل.
ووجدنا لهم من الكرامات ما لو ظهرت لنبيء لكفته معجزة؛ فمنهم نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم دعى الله في مخمصة فتدلى عليه السقف رطبا، ومنهم من مسح على أعمى ودعا له فصار بصيرا في الحال، وعلى أصم فصار سميعا في الحال، ومنهم من أتى عليه المطر وهو في الصحراء يتوضأ فمال المطر عنه يمينا وشمالا ووراء وأمامه حتى استدار عليه وهو يتوضأ حتى أتم طهوره وهو في الصحراء والمطر عظيم ولم ينله منه شيء.
ومنهم من أتي بمقعد ليدعو له وقال له: قم بإذن الله؛ فقام بريئا في الحال، ومثل الرائحة الطيبة التي ظهرت من قبور بعضهم التي لم يوجد مثلها في العطورات والرياحين وهي مستمرة إلى الآن وتفوح في بعض الأيام إلى مكان بعيد عن القبر في يوم مخصوص.
ومنها الأنوار التي تنزل على قبورهم في ليالي القدر بكثرة، وفي ليلة الجمعة والاثنين في غير شهر رمضان، ونحو ذلك كثير من إجابات دعائهم، ولشيعتهم وأتباعهم رضوان الله عليهم الكثير الطيب من ذلك.
ومن عرف أحوالهم واطلع على تواريخهم عرف أنهم أهل الحق، ولو لم ينزل فيهم كتاب ولا سنة.
Shafi 20