جواب الشيخ اطفيش لأهل زوارة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حاصل كتاب أهل زوارة
لشيخنا حفظه الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم وأيدنا باتباع سبيله المستقيم وخصنا بالعلماء الراشدين المقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه وبعد:
Shafi 1
فسلام من علماء زوارة وعامتهم على من اشتاقت إليه قلوبنا وأضاءت الأقطار والمدن والقرى بعلمه بحر العلم والعمل واشتقنا إلى رؤيته إمام مذهبنا وحجة الأمة موافقيها ومخالفيها العلامة الشيخ محمد بن يوسف اطفيش المغربي الاباضي المضابي قائلين إنا نشكو إلى الله العظيم ثم إليك من أن الناس ينسبون إلينا ما لم نقله ونحن نطلب الإتصال بك وبمن اتبعك ونكره ان تجفونا وأنت تكتب إلى الأقطار ولا تكتب إلينا ولا بد من أن تكاتبنا كما تكاتب الناس ولو مخالفين ونحن أحق بك منهم فإنا الآن نسألك وتجيبنا ونذكر لك من جملة أهل البلد المعتبرين اللذين تتبعهم العامة الكاتبين إليك في هذا ه المسائل العربي بن الفقيه رمضان وعلي بن محمد بقوش والسنوسي بن الفقيه محمد بن جمعة الفطمي وشعبان بن السنوسي سلام عليك منهم ومن غيرهم وكلنا نحبك ونحب زيارتك بأرجلنا وقصدنا بذلك وجه الله الكريم ونبيه العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وبلغ سلامنا إلى من اتبعك من الطلبة والعوام ولا بد سيدنا أن تذكرنا فيمن تذكر وهذه مسائل نذكرها لك لتجيبنا فيها فامنن علينا بجوابها ثم بما تيسر من كتبك من الله عليك فذكروا أسئلتهم على الترتيب الذي يذكر في الجواب فأجابهم شيخنا جازاه الله بكل خير بعد البسملة والصلاة والسلام عليه تبرأ إخواننا علماء أهل زوارة من أن يقولو ا ولاية الله لعباده وبراءته تتقلبان بحسب تقلبهم من الطاعة إلى المعصية ومن المعصية إلى الطاعة وقالوا لسنا نقول ذلك وإنما ذلك قول لبعض الإباضية ونسب ذلك إلينا بل نقول كما تقولون ولايته إثبات الجنة للسعيد ولو في حال المعصية والنار للشقي ولو في حال الطاعة قلت لعل ذلك غلط ويدل على أنه غلط ما يوجد في كتاب عبد الله الفزاري من علمائهم أن ولايته تعالى الحكم بالجنة لأهلها وبراءته الحكم بالنار لأهلها على حد ما مر ءانفا ولعل ما نسب لهم من تقلب ولاية الله وبراءته قول لأوائلهم ومن بعدهم أو أرادوا بتقلبها أن الإنسان مطلقا إذا كان في المعصية فحاله غير مرضية عند الله وغير محبوبة عنده وأنه منهي عنها وإذا كان في الطاعة فحاله مرضية محبوبة هي لا هو ومأمور بها وهذا الإشكال فيه وأقر إخوانا علماءنا أهل زوارة بأن أسماء الله تعالى مخلوقة وقد قال به ابن بركة بل نسب إليه ما شهر عن مخلوقة وقد قال به ابن بركة بل نسب إليه ما شهر عن غيرهم من أن الناس جعلوا له الأسماء وأهل زوارة قالوا أردنا أن الألفاظ من أسمائه تعالى مخلوقة قلت هذا حق ولا ينكره عاقل وأنا أقول به من حين بلوغ الحلم فإن الألفاظ والتلفظ وتركيب الحروف والكلمات والنقوش ومحال ذلك وما كتب به حوادث بالمشاهدة فكيف يقال بقدمها ومعنى قدم أسماء الله أن معانيها صفات لله وما كان صفة فعل فمعنى قدمه أن الله تعالى متصف في الأزل أنه سيفعل ذلك الفعل وأنه تعالى عالم بها في الأزل وأنه سيخلق ألفاظ اللافظين بها وكتابتها ونقوشها في اللوح المحفوظ وغيره وقلت في شرحي على العقيدة عند قوله: "وليس منا من قال أن أسماء الله مخلوقة" ما نصه: بل قديمة فإنه تعالى أهل لمعانيها بلا أول وأهل لأن يذكر بلفظ الجلالة ولفظ عزيز ولفظ مريد ولفظ قادر وعالم وحي ومتكلم وفرد وسميع وبصير وخالق وفعال ورازق وغير ذلك من أسماء الصفات والأفعال فإنه كلها له قبل أن يخلق من يتلفظ بها وذلك هو أسماء الله ولا يوجد أحد يقول معاني أسمائه مخلوقة فإن معنى عالم الذات الواجب العلم والذات قديم إجماعا وعلمه قديم إجماعا ممن يعتد به وصفته ذاته وهكذا إلا أن الذات في صفات الفعل قديمة والفعل خلق من الله فالخالق الذات الواجب القديم والخلق فعله وقالت المعتزلة: كان بلا اسم وجعل الناس له أسماء وقال بعض: كان بلا اسم وخلق لنفسه أسماء وأوصى بها.
وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بأن الإمامة واجبة إذا تمت شروطها كما نقول وصرح بذلك الشيخ عبد الله الفزاري وإنما قال بأنها غير واجبة ولو تمت شروطها عيسى بن عمير وليس من أهل زوارة ديانة وقد ردوا عليه ردا شديدا وأقر علماء أهل زوارة بأن الزاني في غير الفرج في الوقوف وهو خطأ فاحش لا بد يا إخواننا من التوبة منه فإن حفظ الفروج واجب بالقرآن والسنة واللمس أشد من النظر على الصحيح وقد صح الحديث تصريحا وبالقرآن دون تصريح إن النظر إلى الفرج كبيرة فكيف لا يكون اللمس كبيرة ودليل أشدية المس قوله تعالى: {فلمسوه بأيديهم} وإن ناظر فرج نفسه بلا شهوة أو فرج زوجته أو سريته ولو بشهوة لا ينقض وضوءه ومس الفرج في ذلك ناقض.
Shafi 3
وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بالوقوف في الحرث وعبد الجبار بعد أن كانا في الولاية وزعموا أن ذلك حوطة إذا وجدا مقتولين وسيف كل في الآخر فيحتمل أن أحدهما ظالم للآخر ولا نعرفه أو أنهما ظالمان إن غيرهما قتلهما وجعل سيف كل في الآخر فلما لم يتبين الأمر من ذلك وقفوا فيهما، قلت: الصواب إبقاءهما على ولايتهما استصحابا للأصل حتى يدل الدليل على ما يبطله كسائر الأمور التي حدث فيها الشك تبقى على أصلها فما بال مسألة الحرث وعبد الجبار تخرج عن هذا خصوصا، فإذا شككت في نجاسة ثوبك فهل تبقيه على طهارته فهل تقول لا طاهر ولا ناجس ولا بد من إبقائه في الحكم على طهارته وإن أريد الحوطة غسله جوازا ولم يجب، بل قيل يصلي به ثم إن أراد غسله فليغسله وليس في هذا رجوع عن العلم بخلاف مسألة الحرث وعبد الجبار ففي الوقوف فيهما رجوع عن العلم فهل تقفون فيمن توليتموه وشككتم أنه فعل كبيرة لا تقفون بل تبقونه على ولايته قطعا فكذلك ابقوا الحرث وعبد الجبار على ولايتهما وإذا وقفتم فيهما فقد قفوتم ما ليس لكم به علم وهو ما شككتم به وقد قال عز وجل {ولا تقف ما ليس لك به علم } وهو ولايتهما السابقة.
Shafi 4
وأقر إخواننا أهل زوارة أن حجة الله قائمة بالعقل والكتب والرسل كما نقول ولا يشترط السمع وهو مشكل، فهل يقول صاحب الجزيرة وأهل الفترة في المحشر وفي النار: {بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن انتم إلا في ضلال كبير} ونحو هذه الآية مما فيه الإقرار من الكفار بأن الرسل جاءتهم ونحوها مما فيه عتابهم بعدم إتباع الرسل، فهل يقال لهم: سمعتم الرسل وكذبتم وهم لم يسمعوا الرسل، وقد يكون في كل زمان نذير كقس بن ساعدة لكن ليس يصل أهل عصره كلهم وكلامنا فيمن لم يصله، ولذلك قلت من لم يصله سماع يؤاخذ على عدم معرفة الله تعالى لأنه قد وصلته حجة التوحيد بمشاهدة وجود ذاته والسماء والأرض والسحاب والمطر والنبات والجبال والأحوال، وقد يقال: إذا وجب التوحيد بدلائل الصنع ولا صنعة بلا صانع ولا فعلة بلا فاعل ولا نعمة بلا منعم والشيء لا يوجد نفسه، أوجب عليه عقله شكر الصانع المنعم فيخرج ليعلم ما يشكره به فيبقى من لم يجد الخروج إلى ذلك فلا يصل إلى تفاصيل الشرع فلا يكلف بها إذ لا تكليف بما لا يطاق وشكر المنعم عندي وجب بالعقل كما يؤخذ من كلام الشيخ درويش فيجب عليه بعقله شكره ونزل القرآن بإيجاب الشكر فقال بعض أصحابنا بوجوبه شرعا للأمر به في القرآن وإنا أقول ما في القرآن عتاب لهم لم لا تشكرون مع أن النعم ركز في القلوب وجوب الشكر عليها ويناسب ذلك قوله (ص): «جلبت القلوب على حب من أحسن إليها» فإنه أنسب بالإحسان إلى المحبوب وكون شكر المنعم عقليا مذهب المعتزلة لأنهم يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين يبنون الأحكام الشرعية على العقل ويقولون: كل ما قبحه الشرع يقبحه العقل وما حسنه يحسنه العقل ويقولون: إن العقل يدرك تفاصيل الشرع ولو لم يكن الوحي بها، ولست أقول بذلك ومذهب بعض أصحابنا والأشعرية أن شكر المنعم واجب شرعا لا عقلا وبحث الأشعرية مع المعتزلة بأن العقل يدرك الحسن والقبح لكن يلزم أن لا يكون وجوب الشكر عقليا فإن العقل إذا خلي ونفسه لم يدرك فيه الحسن لأن المصلحة التي اشتمل عليها الشكر إما راجعة إلى المشكور وذلك باطل لغنى الله تعالى عن العبادة والشكر ولعدم احتياجه وهو الغني على الإطلاق وإما إلى الشاكر والنعمة الواصلة إلى الشاكر حقيرة عند الله تعالى كما جاء الحديث: «إن الدنيا كلها لا تسوى عند الله جناح بعوضة» وإنه ضرب لها مثلا بما يخرج من ابن آدم من العذرة وإنها كذراع خنزير منتن بال عليه كلب في يد مجذوم وربما كان الشكر عليها ذما كما لو أعطاك سلطان فلسا ومدحته به عند الناس فإن المدح به ازدراء بالسلطان فلولا أن الشرع أوجب الشكر عليها لم يجب ويجاب بأن الشكر ليس على نعم الدنيا فقط بل عليها وعلى الآخرة والدين وبأن أدنى شيء من النعم ليس حقيرا بل جليل لأن خالقه الله تعالى إنا لا نستغني عنه لو منعه الله تعالى بلا تعويض لمثله أو تعويض ما فوقه وفائدة الشكر عائدة إلى الشاكر دنيا وأخرى أو في إحداهما وإنما حقارة الدنيا وذلك الحقير المجازى به منها حقيران عند الله تعالى بالنظر إلى دينه ونعمه الأخروية وإما بالنظر إلينا فهما عظيمان عنده أوجب علينا تعظيمهما من حيث أنهما نعمة من الله تعالى ونهانا أن نحتقر بقليل منها وكفى عيبا على الأشعرية أن يقولوا من لم تبلغه دعوة نبيء كائنا من كان وتركه فهو ناج ولو كان ذلك النبيء نبيء زمانه ولو لم يكن على دين نبيء قبله وسواء الفروع والأصول من التوحيد وتوابعه وكان الشيخ عبد الله الفزاري إمام إخواننا أهل زوارة يقول حجة الله تعالى قامت على المكلفين بسماع السامع منهم ولو لم يسمع الباقون فيطلق على من لم يسمع أنه سمع وإن سماع السامع ولو واحد إسماع لمن لم يسمع وإن من سمع فسماعه بفضل الله ومن لم يسمع قطع الله عذره بحكمه وعدله فهو معذب على الإشراك وعلى ترك الفرائض وعلى فعل المعاصي كل ذلك بسماع السامع ولم لم يسمع هو وسماع السامع سمع له وحقيقة هذا وقولنا بقطع عذر من لم يسمع واحدة فما عيب عليهم عيب علينا ولو اختلفت الألفاظ وزادت ونقضت وإنما يتخلص عن ذلك بقولي: إن من لم يسمع مكلف بالتوحيد لوجود أدلته في الخلق أين ما كانوا ويناسبه كل مولود يولد على الفطرة وقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها } في أحد أوجه وقوله تعالى {ولقد ءاتينا إبراهيم رشده} أو يتخلص بقولي: ذلك مع ما ضممت إليه من أنه إذا أدرك التوحيد أداه إلى شكر المنعم فيخرج لينظر بم يشكره به، لكن مذهبنا أن شكر المنعم وجب بالشرع لا بالعقل بقي صاحب الجزيرة الذي لا يجد الخروج ولعله لا يوجد، وزعمت المعتزلة فيمن لم يسمع وله عقل صحيح أنه مكلف بكل ما يدركه عقله وحطوا عنه كل ما لا يدركه حتى يسمع ويناسب ما ذهبت إليه قول أصحابنا أنه من سمع عن النبي صلى الله عليه وسلم وآمن وغاب ونزل بعد غيبته ما لم يسمعه من فرض كصلاة أو تحريم ما لا يدرك تحريمه بالعقل ونزل ما نسخ ما سمع فإنه لا يكلف بما بعد غيبته حتى يصله الخبر ومن كلام أصحابنا الله أرأف وأكرم من أن يؤاخذ من كان في الصين أمرا أمر به من كان في الحجاز ومن كلام أصحابنا أن الحجة قامت بالكتاب والرسل مع العقل فإن كان من حين النزول كما قال به بعض أصحابنا فتكليف ما لا يطاق بأن يكلف أهل الأرض كلهم بما نزل به جبريل في الحين قبل رجوعه إلى السماء وإن كان مدة فما قدرها وما الفرق بين هذه المدة وما بعدها وما قبلها وإلى م تنتهي فقد تطول جدا ويناسب ما ذهبت إليه أن من كان على دين نبيء ولم تبلغه دعوة نبيء بعده معذور وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون فذا هداهم إلى التوحيد بالأدلة التكوينية لم يعاقبهم ولم ينسبهم إلى الضلال حتى يبين لهم دلائل السمع بالبلاغ، قال بعض الأشاعرة: الخلاف في أهل الفترة إنما هو بالنظر إلى عقائد التوحيد وإما عدم تكليفهم بالفروع فمحل اتفاق وهو مناسب لقولي: إنهم مكلفون بالتوحيد إذا لم يسمعوا؛ لأن معهم دلائله وهي المعجزات التكوينية والعرب الجاهلية إن لم تصله دعوة إسماعيل عليه السلام فقد وصلتهم دعوة موسى أو غيره من أنبياء بني إسرائيل ومن لم تصله هلك بجعل التوحيد والمعتزلة تعتبر العقل قبل ورود الشرع فما حكم به فهو حكم الله تعالى وضعه في العقل فالعقل يقضي بإباحة الضروري الذي تدعوا الحاجة إليه دعاء تاما كالتنفس وبتحريم الاختياري المشتمل على فساد فعله كالظلم وبوجوب المشتمل على فساد تركه كالعدل وبندب المشتمل على مصلحة فعله كالإحسان وبكراهة المشتمل على مصلحة تركه وبإباحة الذي لم يشتمل على صلاح أو فساد وإن لم العقل في الاختياري لعدم إدراكه كأكل حيوان مخصوص أو الفاكهة قبل العلم بالإباحة فبعض قال بالمنع لأن الفعل تصرف في ملك الله تعالى بغير إذنه والعالم كله أعراضه وأجسامه ملك لله وبعض قال بالإباحة؛ لأنه تعالى خلق العبد محتاجا، فله ما احتاج إليه حتى يمنعه من شيء وبعض بالوقوف لتعارض الدليلين، وهذه أقوال ثلاثة للأشعرية أيضا كالمعتزلة ومن كلام المعتزلة ما أدركه العقل فهو الشرع عند من لم يسمع وما لم يدركه فهو محطوط عنه.
Shafi 8
وأقر إخواننا أهل زوارة بأن صلاة الجمعة واجبة خلف الجبابرة إذا لم يدخلوا فيها ما يفسدها، قلت: إذا كان ما أدخلوا مفسدا لها إجماعا فلا يصلي خلفهم وإن كان مفسدا لها على الراجح جاز أن لا يصلي خلفهم إن يصلي وأقر إخواننا علماء أهل زوارة أن النوافل مأمور بها وهو قول حق وذلك أمر ندب فلا ينكر ورود أمر الندب في الشرع إلا جاهل، بل قال بعضهم: الأمر حقيقة في الندب لأنه المتيقن من قسمي الطلب وهما الوجوب وعدمه ويبحث بأن المتيقن مطلق الطلب لا خصوص أحد القسمين وإن قال القائل بالوجوب الموضوع للشيء يحمل على فرده الكامل والأصل الكمال فيحمل عليه قلنا ليس الحمل على الفرد الكامل مجمعا عليه ولا قاعدة كلية فقد قيل يحمل على أدنى ما يطلق عليه اللفظ وزاد أصحابنا في الفقه الحمل على الأوسط والبحث الواضح في دعوى أن الندب هو المتيقن أن الإذن في الترك الذي يتحقق به الندب لا دليل عليه فهو قيل زائد والأصل عدمه وقال أبو منصور الماثردي من الحنفية الأمر موضوع للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب حذرا من أن يكون من المشترك كالعين للشمس والباصرة وغيرهما وحذرا من أن يكون مجازا في أحدهما لأن الأصل عدم الاشتراك وعدم المجاز له في الوجوب والندب حقيقة من حيث أنه طلب هكذا لا باعتبار التقييد بالوجوب أو الندب حقيقة وهما الجزم وعدمه فلو استعمل في الطلب باعتبار أنه جازم أو باعتبار أنه غير جازم مجازا كما هو القاعدة في الكلي إذا استعمل في جزأيه من حيث أنه جزئي مخصوص مثل أن تقول جاء رجل وتريد زيدا من حيث أنه مخصوص كأنه علم له ولم ترد أن إطلاقه على زيد من حيث أن في زيد رجلية وإن استعملته في زيد من حيث أن فيه حقيقة الرجلية واشتمالا على الكلي فهو حقيقة وقيل الأمر مشترك بين الوجوب والندب فهو حقيقة فيهما بأن وضعت صيغته للوجوب ووضعت للندب فصيغته مشتركها اشتراكا لفظيا كما وضع لفظ واحد لمعنيين أو معان كلفظ شمس فاللفظ واحد والمعاني متعددة لا على سبيل المجاز وقيل الأمر مشترك بين الوجوب والندب والإباحة ومرادي بالوجوب الإيجاب إسما للمصدر وقيل مشترك في الإيجاب والندب والإباحة والتهديد وقيل للقدر المشترك بين الوجوب والندب والإباحة وقال عبد الجبار موضوع لإرادة الإمتثال ويصدق مع الوجوب والندب وليس في غيرهما من التهديد وغيره مما يستعمل فيه إرادة الإمتثال على الإطلاق بعد الحصر لا إرادة للإمتثال فيه ورجع الأبهري من المالكية عن قوله انه في حق الله تعالى للوجوب وفي حق النبي (ص) المبتدأ منه للندب إلى قول الجمهور أنه حقيقة في الوجوب وعلى ثلاثة أقوال فبعضهم قال حقيقة فيه لغة لأن أهل اللغة يحكمون بالعقاب لمخالف أمر سيده إذا لم يكن دليل على الندب أو غيره فهم يحكمون أبدا بأنه للوجوب ما لم يكن دليل عدمه فهو للوجوب فقط وقال بعض أنها لغة لمجرد الطلب وإن الجزم المحقق للوجوب بأن يترتب العقاب على المخالف مستفاد من الشرع وأن حكم أهل اللغة المذكور مأخوذ من الشرع لإيجابه على العبد طاعة سيده وعلى المرأة طاعة زوجها وعلى الولد طاعة أبويه وعلى الرعية طاعة الوالي وقال بعض هو للوجوب عقلا وإن ما تفيده اللغة من الطلب يتعين أن يكون الوجوب لأن حمله على الندب يصير المعنى إفعل إن شئت وليس هذا القيد الذي هو قولك إن شئت مذكور ويريده أن الحمل على الوجوب يصير المعنى إفعل من غير تجويز ترك وهذا القيد الذي هو قولك من غير ترك غير مذكور كذا قيل وفيه انه لا شعور لقولك من غير ترك في قولك إفعل وهذه أقوال الجمهور الثلاثة وقيل الأمر مشترك بين الوجوب والندب والتحريم والكراهة والإباحة ولا خفاء في ذلك فهو على ظاهره وقيل حقيقة في الطلب الجازم لغة فلا تقييد بالمشيئة فإن صدر ممن وجبت طاعته فالمستفاد من اللغة جزم الطلب ومن الشرع الوجوب والوجوب أخص من جزم الطلب لأنه الجزم الذي توعد على تركه والمستفاد من اللغة الطلب الجازم ومن الشرع التوعد على تركه.
Shafi 10
وأقر إخواننا علماء أهل زوارة أن التوحيد تجب معرفته ويجب العمل به قلنا وكذا سائر الفرائض يجب علمها والعمل بها وقالوا يجب عملها لا العلم بها وهذا من إخواننا سهو مع أن لهم حظ من العلم فإن للوسائل حكم المقاصد وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مثله ولا قائل بغير الوجوب وإنما اختلفوا هل ما يتم الواجب إلا به واجب بلفظ نزل به الأمر به الصحيح أنه وجب بطريق اللزوم لا باللفظ الذي نزل به الإيجاب مثل قوله تعالى <<فاغسلوا وجوهكم وأيديكم >>إلخ, هل دخل فيه إيجاب الدلووا بحبل لفظا والتزاما الصحيح دخوله التزاما وأما عدم وجوبه فلا قائل به فإنه واجب العلم به كما وجب العمل به ولو كان معقول المعنى ليعلم المكلف أنه واجب فلا يتركه ويعلم أنه قد أدى الواجب كما لو نجست قدمه فطهرت بالمشي عليها فإنه يجزيه ولو لم يتعمد تطهيرها بالمشي ولو لم يعلم وجوب الطهارة فإذا قيل لك صل فهو أمر بالصلاة فقط لكن يؤخذ منه بطريق الإلتزام الأمر بالطهارة فسواء ما يتم الواجب به سبب أو شرط إذ لو لم يجب هذا اللازم الذي يتم الواجب به لزم أن لا يجب هذا الواجب وأن يجوز تركه هذا مذهب الجمهور وقيل لا يجب بوجوب الواجب سواء كان سببا أو شرطا لأن اللفظ الدال على الواجب ساكت عن هذا الذي يتم الواجب به فهذا الذي يتم الواجب به واجب في الجملة وفي نفس الأمر لا واجب بوجوب هذا الواجب قيل وإنما وجوبه من دليل آخر وهو ضعيف لن فيه إلغاء اعتبار اللازم وذلك كإنكار العيان وقيل يجب ما يتم به الواجب بهذا واجب إن كان ما يتم به الواجب سببا كإمساس الماء للإبتلال فإنه سبب للإبتلال عادة وكمساس النار للإحراق وإن كان ما يتم به الواجب شرطا كالوضوء للصلاة فليس وجوب ما يتم الواجب به حاصلا بوجوب أصله والفرق أن السبب أشد ارتباطا بمسببه من الشرط بالمشروط لأنه يلزم من وجود السبب وجود المسبب ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط وقال إمام الحرمين يجب بالواجب ما يتم الواجب به إن كان ما يتم الواجب به شرطا شرعيا كالوضوء للصلاة لا عقليا كترك ضد الواجب كترك الصلاة فإنه ضد الصلاة الواجبة وكالقعود ضد القيام الواجب والمراد بالضد هنا ما يشتمل النقيض كما أن المراد بالشرط والسبب الشرط والسبب المذكوران في أصول الفقه ولا عاديا كغسل جزء من الرأس ليكون على يقين من استيعاب الوجه بالغسل وكجزء من الليل ليكون على يقين من تعميم اليوم بالصوم وكزيادة الوازن والكائل من نفسه لغيره في الكيل والوزن ليكون على يقين من الإيفاد فإذا كان شرطا عقليا أو عاديا فوجوبه بغير وجوب مشروطه بل بوجه آخر إذ لا وجود لمشروطه عقلا أو عادة بدونه والشارع لا يقصد في الطلب إلا ما يمكن حصول صورة الشيء بدونه كالوضوء للصلاة فإن صورتها تحصل بلا وضوء بخلاف غسل بعض الرأس فإن تعميم الوجه لا يحصل بدونه وكالقيام في الصلاة لا يحصل إلا بترك القعود وهذا كله بيان لقول إمام الحرمين فكذا عنده السبب الذي لا يتم الواجب إلا به ليس وجوبه بوجوب الواجب فلا يقصد الشارع بالطلب فلا يجب ثم إن المقصود بالذات المسبب وأما السبب فمقصود بالمباشرة لأنه الذي في وسع المكلف وإذا توقف ترك المحرم إلا بترك الحلال وجب ترك الحلال لأنه لا يحصل تركه إلا بترك الحلال كترك ماء طاهر إختلط بماء نجس وترك زوجتين طلقت إحداهما ولم تتبين لنسيان أو غيره وكترك امرأتين إحداهما زوجته ولم تتبين واستصحاب الأصل حجة ما لم يجيء ما يغيره من مخصص أو ناسخ كما إذا ثبت ملك الشيء أو طهارته وكفقد المفقود وغيبة الغائب فإنهما يرثان وينفق من مالهما من تجب عليهما نفقته وقيل هو حجة في الدفع به عما ثبت له دون الرفع به لما ثبت وعليه فالمفقود والغائب استصحاب الأصل وهو حياتهما قبل الفقد والغيبة دافع للإرث منهما وليس برافع فلا يرثان من غيرهما للشك في حياتهما فلا يثبت استصحابها لهما ملكا جديدا لان الأصل عدمه وقيل استصحاب الأصل حجة بشرط ان لا يعارضه ظاهرا مطلقا وقيل بشرط ان لا يعارضه ظاهر غالب وقيل بشرط ان لا يعارضه ظاهر ذو سبب فإن عارضه ظاهر في هذه الأقوال قدم الظاهر فإن وقع بول في ماء كثير ووجد متغيرا واحتمل تغير بالبول واحتمل بطول المكث أو غيره فإن استصحاب أصله وهو الطهارة عارضه حادث النجس القابل ان يكون مغيرا له فتقدم النجاسة على قول اعتبار الظاهر وتقدم الطهارة على قول اعتبار الأصل والظاهر في المسألة سقوط الأصل وهو الطهارة ان قرب العهد بعدم تغييره واعتبار الأصل ان بعد العهد بعدم تغيره واستصحاب العدم الأصلي وهو انتفاء ما اسند العقل في نفيه إلى الأصل ولم يثبته الشرع كوجوب صوم رجب حجة وإذا اجمعوا على حكم في حال واختلف فيه على حال أخرى فلا يحتج باستصحاب تلك الحال خلاف القوم فالخارج من غير مخرج البول والغائط مما لو خرج منهما لحكم ينجسه فقيل هو طاهر استصحابا لحاله من الطهارة التي قبل الخروج وقيل نجس وهو الصحيح كالقيء والخارج من ثقب فالحكم المجمع عليه طهارته قبل الخروج والحالة الأخرى ما بعد خروجه وإذا حال الحول على عشرين دينار ناقصة تروج رواج الكاملة فلا زكاة فيها للعمل باستصحاب ما قبل تمام الحول لما بعده.
Shafi 13
واقر إخواننا علماء أهل زوارة ان الحق في غير الأصول مع كل من المختلفين فيه ممن له اجتهاد بمعنى ان الله تعالى جعل قول كل واحد منهم حقا عنده وهو قول وقيل الحق مع واحد فقط وقد يخطئون جميعا ولا إثم على المخطئ وهو الصحيح وهذا مذهبنا والخلاف كثير في ذلك والأشغال الكثيرة مانعة لي من بسط المسائل وعن أبي الحسن الأشعري والباقلاني كل مجتهد في غير الأصول وهو الفروع مصيب وحكم الله فيها تابع لظن المجتهد فما حكم به فهو حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده وقال أيضا أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وابن سريج كل مجتهد فيها مصيب كذالك الحق في ذلك موافق حكم الله وهو الحكم الذي لو نزل الوحي لنزل به ولم ينزل ولكن جعل الحكم تابعا لظن المجتهد وما مسألة إلا لها مناسبة خاصة ببعض الأحكام بعينه بحيث لو أراد الله إظهار الحكم لحكم به وأظهره ومن لم يصادف ذالك أصاب اجتهادا لا حكما وابتداء اعني إفراغ الوسع لا انتهاء اعني لم ينته إلى ما هو الحق عند الله والحق ان المصيبة فيها واحد كما مر وعليه الجمهور ولله فيه حكم معين قبل الاجتهاد لا دليل عليه لكن يصادفه ان شاء الله ومن أصابه فهو المصيب ومن أخطأه فهو المخطئ وللمصادفة أسباب وذلك كمن حفر لقضاء حاجة الإنسان فصادف كنزا وقال بعض قومنا لله فيها حكم قبل الاجتهاد وللمجتهد عليه دليل المجتهد مكلف بقصد إصابة الحكم لإمكان إصابته ولكن لا إثم عليه ان لم يصبه بل له اجر اجتهاده ولم يكلف بتحصيل الإصابة وصحح بعضهم هذا القول وقيل لم يكلف بإصابته لغموضه والتكليف بها تكليف بما لا يطاق وزعم بعض انه يأثم بخطئه وأما الأصول فالمصيب فيها واحد ويقطع فيها العذر بالخلاف ممن يجتهد وغيره ولا يجوز فيها الخلاف وكل يدعي ذلك الواحد والحق فيها كالشمس ولو صد عنه خبث النفس وزعم العنبري والجاحظ انه لا يأثم من اخطأ فيها مطلقا فيخاطب المشرك بها كما خوطب بالتوحيد فيكفر بالخطأ في سائر الأصول كفرا دون الشرك وقيل يأثم وقيل لا يأثم المخطئ فيها ان كان موحدا وقال العنبري المجتهد في الأصول مصيب أي محكوم له بأنه لم يأثم ولو لم يوافق ما هو الحق عند الله قيل إن كان موحدا والأصول ما مرجعه إلى التوحيد بلا واسطة أو بواسطة وقيل ما مرجعه العقل لا إلى النقل وقد يشدد أصحابنا في بعض الأمور لقوة أدلتها فيتوهم أنه من الأصول المذكورة وليس منها كالخلود في النار وأما ما ورد فيه النص ولم يطلع عليه قوم فاختلفوا فالصحيح قطع عذر من خالفه وقيل فيه الخلاف السابق في الأصول وصحح بعض قومنا أنه لا يأثم وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بأن الحرام المجهول العين محطوط فيه قلت مثل أن يتزوج امرأة لا يدري أنها أخته فهو معذور ونسب ما ولد ثابت فولده منها ابن له وهو أب للإبن وخال له قلت فالحرام المجهول في حق مفارقه حلال يجزي له أداء الواجب منه والمندوب ويثاب على ذلك ويعاقب إن لم يفعل وقد قال بعض علماء أهل زوارة بخلاف ذلك ولا يقبل عنه فليتب إلى الله تعالى وأما الحرام المجهول التحريم فلا عذر فيه مثل أن يعلم ان هذه ميتة ويأكلها بجهله أن الميتة حرام وأن ذلك الحيوان خنزير ويأكله لجهله تحريمه وفي بعض الكتب المقارف لمجهول العين ومجهول التحريم غير معذور والمقارف لمجهول الصفة معذور وفي الأثر قال بعض غيرنا الحرام المجهول العين حلال تتعلق به أحكام الحلال كلها وقال بعض هو حرام يعاقب متناوله ولا تتعلق به الحقوق وإن الحرام المجهول إن تداوله المكلفون مع علمهم بكونه حراما لزم كل واحد قيمته لربه يدفعها له واحد منهم ويرجع بها أي لمتلفه إن لم يكن هو المتلف له وإن المغصوب إذا وجده صاحبه عند الغاصب كان مخيرا بين أخذه وقيمته وقال أبو عبيدة رحمه الله إن شاء الغاصب رده وإن شاء أعطى قيمته قلت بل لابد لصاحب المغصوب أن يأخذ ما غصب إذ وجد بعينه وإن تلف فله مثله إن كان مكيلا أو موزونا وإلا فقيمته والجواز الحرام المجهول العين لا إثم فيه لأنه لا يميز بالعلم وإنما يميز بالوحي وحقوقه كالزكاة واجبه ومثاب عليها وهو عيش أهل آخر الزمان ولا يستجاب لآخذه دعاء الدنيا ويستجاب له دعاء الآخرة والحق يستجاب له دعاء الدنيا والآخرة لأنه معذور وأبو إسحاق يقول مجهول العين معذور فيه ومن مجهول الصفة ما لم يعلم أنه لغير من باعه أو لم يعلم أنه مدبر وكذا غير البيع فإنه يعذر في مجهول الصفة كتسري المدبرة بلا علم بأنها مدبرة ومثال مجهول العين جهل أن هذا المائع خمر أو إن هذا الحيوان خنزير والمتفق على عدم العذر فيه هو مجهول التحريم كما إذا عرف أن هذا خمر وجهل تحريمها والصحيح لا عذر في مجهول العين أيضا لامتناع الإقدام على شيء قبل ان يعلم حكم الله تعالى فيه بالحل أو الحرمة ولحم الكلب تحت الشحم عكس الشاة إلا إن أرضعتها كلبة فتحت شحمها وسائر الحيوان كالشاة إلا الخنزير فطبقة لحم وطبقة شحم وطبقة شحم وطبقة لحم ومن جهل هذه الصفات فوافق كلبا أو خنزيرا لم يعذر ورخص أن يعذر ومن قال أو فعل بلا علم فوافق الحق هلك وقيل هلك في القول وعصى في الفعل وقيل هلك في القول وكره له التقدم في الفعل وقيل يكره له القول ولا بأس في الفعل وإن لم يوافق هلك ومن تسرى أمة فإذا هي حرة عذر وذلك من مجهول الصفة وفي شرح النيل بسط مثل ذلك وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بان المشركين يدعون إلى التوحيد والمخالفين من أهل التوحيد يدعون إلى ترك ما به ضلوا وهذا حق وأنكروا أن ينسب إليهم غيره وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بالوقوف في أطفال أهل الشرك وأهل النفاق ولم يرضوا بنسبة غير ذلك إليهم قلت هذا قول مشهور والذي أقول به أنهم في الجنة والله يمن بالرحمة ولا يظلمهم بذنوب آبائهم وليست الآخرة دار تكليف فلم يصح حديث اختبارهم باقتحام نار توقد لهم فينجو من اقتحمها ويدل على عدم صحته قوله (ص) أنهم في الجنة خدم لأهلها وإنما وقف (ص) فيهم قبل أن يسأل الله تعالى فيهم فيجيبه بأنهم من أهل الجنة وقد جاء عنه إلى آله سألت ربي في اللاهين فأعطانيهم خدما لأهل الجنة يعني أطفال الأشقياء لأن أطفال السعداء مع آبائهم في درجتهم تقر أعينهم بهم فاللاهون في الحديث أطفال المشركين والمنافقين وأقر علماؤنا أهل زوارة بأن بعضا منهم أجاز التقية من الموت بشرب الخمر وأنكر عليهم ولإنكار عليه حق وهو المشهور أنه لا تجوز التقية بالفعل فيموت ولا يشرب الخمر فإن شرب حد وأجاز بعض العلماء التقية بشرب الخمر ونحوها وأكل الأنجاس كلها والميتة والدم ولحم الخنزير والبول والغائط وأجاز بعض التقية بأكل مال الغير والانتفاع به وأجاز بعض التنجية من الجوع والعطش والحق جواز التقية بمال الغير وكذا التنجية من جوع أو عطش مهلك لأن صاحب المال لو حضر للزمه تنجيته به من قتل أو موت إلا إن كان أكله يموت صاحبه جوعا وكأكله إفساده وأجاز بعض المعتزلة بفعل جميع المعاصي قياس على القول إلا ما فيه الظلم وزعم بعض أنه تجوز التقية بالزنا وهو قول باطل فإن زنا حد ولزمه العقر وقيل لا حد ولا عقر وإن أكره على القذف فقيل يقذف وقيل لا وإن أكره على القتل قتل هو ومكره لحديث لو اجتمع على النفس المقتول في اليمن أهل اليمن لقتلتهم وقيل يقتل وحده وقيل يقتل مكرهه وحده وأجاز أبو عبد الله محمد بن بركة التقية بالقذف وهو قول ضعيف وأجازها بعض بالقذف وشهادة الزور والإفتاء بغير حق في كسل ما يقول باللسان وأقر إخواننا أهل زوارة بعدم جواز إمامة المفضول أو تقدمه مع وجود الفاضل وتمكنه من الإمامة والتقدم قول من جملة الأقوال لا بأس به ولكن الصحيح جواز ذلك بالنظر إلى المصلحة والحكمة وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف بعض الصحابة وصلى وراء الصديق حين مرض ولو شاء لصلى قاعدا لمرض وصلى الصديق وراءه قائما وقد قدم إلى بلدة ووجد إمامها يريد الصلاة فقدم رسول الله صلى عليه وسلم فأبى فصلى إمام البلد وكذا أمراءه يدخلون البلاد فيريد أهلها تقديمهم فيأبون فيصلون خلف أئمة البلدان وهم أفضل من أئمة البلدان وذلك من جملة الحكمة وقد رخص رسول اله صلى الله عليه وسلم في إمامة الأرقاء للأحرار ولذلك كان ذكوان غلام عائشة يومها في دارها وكان سالم مولى حذيفة وعمرو مولى عائشة يؤمان الناس وهما رقيقان لما يعتقا وكان سالم يصلي بالمهاجرين الأولين قيل وفيهم عمر بن الخطاب وصلى ابن عمر خلف مولى في مسجد في الطائف وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بار وفاجر وكان ابن عمر يصلي خلف الصفرية وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف الحجاج وفي الحديث من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم وفي الحديث صاحب المنزل أحق بالإمامة وأما بعث طالوت فلا دليل فيه لأنه كرسول داود وخادمه كما يبعث الرسول الصحابة أئمة في القتال أو غيره واشتكى إخواننا من أهل زوارة أن الناس ينسبون إليهم أقوالا هي لعيسى بن عمير وعبد الله بن عبد العزيز قلنا نعم ليسا على مذهب أهل زوارة بل من فرقة تقدمت قبلهم تسمى العمرية. وفي هذا كفاية إن شاء الله ألهمنا وإياكم الرشد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا ملجأ من الله إلا إليه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.البلدان وهم أفضل من أئمة البلدان وذلك من جملة الحكمة وقد رخص رسول اله صلى الله عليه وسلم في إمامة الأرقاء للأحرار ولذلك كان ذكوان غلام عائشة يومها في دارها وكان سالم مولى حذيفة وعمرو مولى عائشة يؤمان الناس وهما رقيقان لما يعتقا وكان سالم يصلي بالمهاجرين الأولين قيل وفيهم عمر بن الخطاب وصلى ابن عمر خلف مولى في مسجد في الطائف وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بار وفاجر وكان ابن عمر يصلي خلف الصفرية وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف الحجاج وفي الحديث من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم وفي الحديث صاحب المنزل أحق بالإمامة وأما بعث طالوت فلا دليل فيه لأنه كرسول داود وخادمه كما يبعث الرسول الصحابة أئمة في القتال أو غيره واشتكى إخواننا من أهل زوارة أن الناس ينسبون إليهم أقوالا هي لعيسى بن عمير وعبد الله بن عبد العزيز قلنا نعم ليسا على مذهب أهل زوارة بل من فرقة تقدمت قبلهم تسمى العمرية. وفي هذا كفاية إن شاء الله ألهمنا وإياكم الرشد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا ملجأ من الله إلا إليه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.
----NO PAGE NO------
Shafi da ba'a sani ba