Laifin Lord Saville
جريمة اللورد سافيل
Nau'ikan
ولكنه كان في الحقيقة رجل عمل، والحياة عنده معناها العمل لا الفكر فقط، وقد رزق الفطنة وهي أندر النوادر.
وزايله ما عاناه من الإحساسات المائجة الهوجاء في ليلته البارحة، واستحيا وهو يكر طرفه فيما كان من تطوافه على غير هدى في الطرق، وفي العذاب الغليظ الذي قاساه، وبدت له آلامه من فرط الإخلاص فيها غير حقيقية، وتعجب لنفسه كيف بلغ من حمقه أن يهرف ويهذي في أمر قضاء محتوم؟
وصارت المسألة التي تحيره هي من يقتل؟ فقد كان يدرك أن القتل كأديان العالم الوثني، يتطلب ضحية كما يتطلب قسيسا. ولما لم يكن عبقريا؛ فإنه ليس له عدو، وأحس أن هذا ليس بالوقت الذي يرضي فيه حفيظة أو كراهة شخصية، فإن المهمة الملقاة عليه ذات صبغة جليلة.
ومن أجل هذا، كتب أسماء أصدقائه وأقربائه في رقعة، وبعد أن أطال النظر والتدبر استقر رأيه على الليدي كليمنتينا بوشان، وهي سيدة عجوز طيبة تسكن في شارع كيرزون ومن بنات خئولته.
وقد كان دائما يرف قلبه بالحب لهذه السيدة - السيدة كليم كما يسميها كل امرئ - ولما كان هو واسع الثروة إذ كان قد تسلم، لما بلغ رشده، كل ما ترك اللورد راجبي، فلا محل هناك للقول بأنه يجني منفعة مادية من وراء موتها. وصار كلما زاد تفكيره في الأمر يزداد اقتناعا بأنها هي الشخص الجدير بالقتل، ويشعر بأن كل إرجاء يكون ظلما لسيبيل، فصمم على اتخاذ ما ينبغي من التدابير على الفور.
وكان أول ما ينبغي عمله بطبيعة الحال هو أن يؤدي إلى قارئ الكف حقه؛ فجلس إلى مكتب صغير قريب من النافذة وكتب صكا بمائة وخمسة جنيهات تدفع لأمر المستر سبتيموس بودجرز، ووضع الصك في ظرف، وأمر خادمه أن يمضي به إلى شارع «وست مون» ثم دق التليفون إلى الإصطبل ليبعثوا إليه بمركبته وارتدى ثيابه ليخرج. وأدار عينيه وهو يبرح الغرفة إلى صورة سيبيل مرتون وأقسم أن لا يدعها - مهما يحدث - تعرف ما هو صانع من أجلها، وأن يكتم سر تضحيته بذاته ويدفنه في صدره.
وعرج في طريقه إلى ناديه على زهار وبعث إلى سيبيل بسلة جميلة من زهر النرجس.
ولما بلغ ناديه دخل المكتبة، ودق الجرس وأمر الخادم أن يجيئه بشراب الليمون مع الصودا وبكتاب في علم السموم وخصائصها وتركيبها وفعلها، فقد كان رأيه استقر على أن السم خير وسيلة في هذه المهمة الثقيلة، فإن كل ما هو من العنف بسبيل كان بغيضا إليه، ثم إنه كان يود أن يتقي قتل الليدي كليمنتينا بطريقة تلفت الأنظار.
وقد كره أن يلغط القوم بوحشيته في قصر الليدي وندرمير، أو أن يرى اسمه في الصحف التي تلغط بأخبار المجتمع. وكان عليه أيضا أن يفكر في والدي سيبيل، وهما من طراز عتيق وقد يعترضان على الزواج إذا حدث ما يثير اللغط، وإن كان على يقين من أنه إذا أفضى إليهما بالحقائق كلها فإنهما خليقان أن يقدرا البواعث التي صدر عنها.
ومن أجل هذا، كان كل شيء يشير باتخاذ السم، فإنه مأمون ومحقق الفعل، ولا ضجة له، ولا حاجة معه إلى العنف الأليم الذي ينفر منه كما ينفر معظم الإنجليز.
Shafi da ba'a sani ba