المُبَدَّعِ قبل تمذهبه بذلك المذهب، وهذا جهل بمذاهب الرواة، ومشارب الرجال، فإن كل من أَلَّفَ في نقد الرجال لم يذكر في المشاهير منهم أنه كان على مذهب كذا، أو أن الحافظ الفلاني تَحَمَّلَ عن فلان قبل تمذهبه بمذهب كذا، ومثل هذا إنما يؤخذ عن النقلة الأثبات كالمصنفين في أحوال الرجال، ولا يمكن الاجتهاد فيه بحال من الأحوال، ولذا تراهم يقولون في ترجمة الراوي: كَانَ خَارِجِيًّا. ونحو ذلك قولًا واحدًا. وحبذا أن يكون ما ذكره مأثورًا عن إمام مُؤَرِّخٍ مشهور، وأما القول بالاحتمال، فإذا فُتح أَوْرَثَ الاضمحلال، لكل ما يُعَوَّلُ عليه في الاستدلال، ومثل ذلك ما يقال: يحتمل أن يكون روى عنه وهو غير عالم بما هو عليه من فساد العقيدة! فهذا يزيد عما قَدَّمْنَا من الجهل بمذاهب الرُوَّاةِ تجهيل أئمة الحديث، ووصمهم بما هم بَرَآءٌ من الغباوة والبلاهة، وأنهم يتحملون عمن لا يعرفون مذهبه ولا مشربه، وأنهم كَحَاطِبِ لَيْلٍ، نعوذ بالله من ذلك، وأي عاقل يَجْرُؤُ على مثل ذلك في البخاري صاحب " التاريخ " في الرجال؟ بل من دونه من أرباب السنن وغيرهم ممن تكلم في الجرح والتعديل، وَمَيَّزَ بين صحيح الحديث وضعيفه، لثقة رجاله أو ضعفهم، وهل يعقل في صحاح، وسنن، ومسانيد، وموطآت، عليها مدار أدلة الأحكام، وَحُجَجِ الفروع، صنفت على الأسانيد المنوعة والمكررة بالأسماء وَالكُنَى
1 / 27