استخارة
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: لن أشهد محاضرة عامة بعد اليوم.
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: حجرا محجورا، وما ذاك؟
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: سمعت اليوم محاضرة لم أسمع قط أسخف منها، ورحت إلى بيتي ضيقا بما سمعت، وأردت أن أخرج من هذا الضيق، فلم أكد أنظر في أول كتاب وقعت عليه يدي، وكان ديوانا لشاعر لاتيني، حتى رأيته يصور ضيق نفسه بهذه القراءات الأدبية العامة التي كانت تمتلئ بها روما في عصره؛ فقلت: إن الله قد خار لي وآذنني بأن من الحمق إضاعة الوقت في الاختلاف إلى المحاضرات.
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: كان شاعرك اللاتيني هجاء، وكان يلتمس لنفسه المعاذير لما كان يطرق من فن الهجاء. فأما أنت فطالب علم تستطيع أن تختلف إلى المحاضرات جيدها ورديئها، ممتازها وسخيفها؛ فإنك واجد فيها بعض الفائدة، تجدها فيما تسمع من المحاضر أحيانا، وفيما ترى من المستمعين دائما.
معبد
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: لقد راقني ما أرى من سخرية الشاعر اللاتيني «جوفينال» حين يتحدث إلى المال، بأن من حقه أن يقام له معبد كتلك المعابد التي أقيمت للسلم والشرف والفضيلة؛ لأن المال يتفوق على هذه الخصال جميعا. ما يمنع الناس أن يفكروا الآن في إقامة معبد للثراء؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: أخشى ألا يجد الناس من الوقت ما يكفي لهذا التفكير فضلا عن إقامة هذا المعبد؛ فإني أرى الشعوب قد أخذت تكفر بالمال وتخرج على سلطان الثراء.
وصف
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: كأنما كان الشاعر اللاتيني «جوفينال» يصور عصرنا حين تحدث عن هذا الغني الذي تطيب نفسه عن مائة ألف درهم ينفقها في الميسر، ويبخل بقميص يقي خادمه ألم البرد.
Shafi da ba'a sani ba