قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: عسى المأمون يا بني أن يكون مصيبا في أيامه، ولكنك تعلم أننا نعيش في أيام شح فيها الغذاء، وقل فيها الدواء، وانتشر فيها الداء. وأخلق بمن بقي من الإخوان أن يكونوا كما بقي لنا من الحياة: جوع لا يدفعه غذاء، وداء لا يشفيه دواء.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: وإذن؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: وإذن فاعمل صالحا، وانتظر الجنة التي وعد الله عباده الصالحين، والتي لا يحرم أهلها غذاء، ولا يشكون داء، ولا يلتمسون دواء، ولا يعدمون أخا وفيا، وصديقا رضيا، وخليلا صفيا.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: وإلى أن أدخل الجنة إن أتيح لي دخولها؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: فاتل قول الله عز وجل:
واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
ذوق
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: إنكم لتعلموننا من العلم ما يفسد علينا الذوق والحكم جميعا.
قال الأستاذ الشيخ وهو يبتسم لتلميذه الفتى: وما ذاك؟
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ذاك أني قرأت بيتا كان طبعي خليقا أن يعجب به، لولا أنكم تعلموننا الشك وسوء الظن، والبحث عن الأسباب التي تدعو الشاعر إلى أن يقول، والكاتب إلى أن يكتب. فلما قرأت هذا البيت من الشعر وهم طبعي أن يرضى عنه ويعجب به ويطيل تعمقه والتفكير فيه، سألت نفسي كما علمتموني أن أسألها: ألا يمكن أن يكون مصدر هذا البيت رغبا أو رهبا أو حسدا؛ فأدركني فتور الهمة وكلال الحد.
Shafi da ba'a sani ba