19
ساعة الوداع لسيد الشهداء عليه السلام
كلما ازداد الشيء عظمة وتعالى خيرا وبركة ، وتوفرت غرر أوصافه من جميع أطرافه ، وتسامت معاليه من كل مناحيه ازدادت حيرة العقول فيه ، وقصرت الأفهام عن ادراك كنهه وأداء حقه ، هناك وما أدريك ما هناك ، تقف الأفهام ، وتنكسر الاقلام ، وتطيش الالباب ، وتوصد الابواب دون الدخول الى مجاز حقيقته وحقيقة مجازه ، وحل ألغازه ، ومعرفة سر اعجازه مهما أطنبت وأطالت ، ومهما أنشأت وقالت ، فان قصاراها الاعتراف بالتقصير بل القصور عن التعبير والتصوير.
خذ اليك مثلا على ذلك هذا القرآن العظيم فقد مضى على نزوله من المبدء الأعلى من السماء الأسمى الى هذه الارض السفلى زهاء أربعة عشر قرنا ألف سنة وزهاء أربعمأة عام ، وفى كل عام من الصدر الاول الى اليوم تنشر عنه المقالات وتؤلف المؤلفات ، مطولة ومختصرة عن بلاغته وفصاحته ، واعجاز آياته ودقائق نكاته ، وربما ينوف هذا النوع من المؤلفات على الألوف بل عشرات الألوف ؛ ولكن أترى ان جميع اولئك الكتبة بلغوا من عظمة مقداره عشر معشاره ؟ او وزنوا دانقا من قنطاره ؟ أو انتهلوا القطرة من بحره ؟ او اهتبلوا الذرة من ذروته ؟ لا ولا
Shafi 115