Bangaren Gefen Hankali na Musulunci
الجانب العاطفي من الإسلام
Nau'ikan
وعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه. أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله أوصنى وأوجز، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " عليك بالإياس مما فى أيدى الناس، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه " . إن القناعة قدرة على ضبط النفس إذا تطلعت إلى ما يذلها فى العقبى، وإن حلا لها أول الأمر. وفى الحديث: إن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس . إنك لا تعدم أن ترى فى كل مجتمع أناسا يسفل على أنفسهم الوقوف بالأبواب وتعليق الآمال بذى جاه أو سلطان. قد يرقبون العطاء لأن حبهم للمال عودهم التكفف. وقد ينشدون الحظوة أو المنصب، لأن عوزهم النفسى زين لهم أن العزة فى المنصب الذى يملك فلان أمره، فهم يزدلفون إليه حتى ينالوا ما يشتهون. وإنى لأعرف أناسا لهم ذكاء وباع يؤجرون مواهبهم إلى كل من يدفع لهم الثمن. وما الثمن؟ شىء من حطام هذه الحياة الهالكة، أو من وجاهاتها الخادعة. وقحط العقائد والأخلاق لا يجد بيئة يأوى إليها ويستقر فيها، مثل هذه النفوس المتعلقة الهابطة. لذلك لا تعجب إذا كان سيد الرجال محمد صلى الله عليه وسلم يأخذ أصحابه بدروس الكرامة التى تقصيهم عن هذه المواطن السوء، ويغرس فى لحمهم ودمهم معانى العفة والقناعة التى تجعلهم ملوكا فى أنفسهم، لأنه ليست لهم حاجة تدنيهم إلى بشر. عن عوف بن مالك الأشجعى رضى الله عنه قال: كنا حديثى عهد ببيعة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تبايعونى؟ فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟. قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، لا تسألوا الناس... فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا أن يناوله إياه . وعن ابن أبى مليكة قال: ربما سقط الخطام من يد أبى بكر الصديق رضى الله عنه فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه. قال: فقالوا له: أفلا أمرتنا فنناولكه؟. قال: إن حبى صلى الله عليه وسلم أمرنى أن لا أسأل الناس شيئا . 16 ص
وأنت ترى أن الراكب إذا طلب سوطا وقع منه على الأرض فإنه لم يسأل عسرا ولم يقترف جرما، ومع ذلك فإن التنزه عن طلب شئ من الناس وتعويد النفس الاستغناء المطلق، كان من وراء هذا السلوك الحازم. والمسلم ما دام يطلب الدنيا ليستعين بها على آخرته، ويبتغى بها مرضاة ربه، فهو غير مستعد لأن يضحى فى سبيلها بمروءته، أويفقد شيئا من دينه. إنها إن جاءته من طريق الحلال الطيب قبلها، وإلا رفضها، ولم يتبعها نفسه. وهو كذلك إذا حازها لم يسمح لها أن تشغله عن القه، كيف، وهو إنما رغب فيها، لا لذاتها، بل لأنها وسيلة لما هو أعظم منها وأخلد...؟ والحق أنه فى إبان الذهول عن الله، والغفلة عن حقوقه تنطلق قوى البشر لاغتنام الحياة وانتهاب فرصها بقوى عارمة، ورغبات عنيفة، وتكاد معركة الخبز تنسى الناس أنهم بشر فيهم ودائع من السماء، وأنفاس من روح الله. إن الجانب الحيوانى هو الذى يطن فى آذانهم، بل إن الأهداف التى تسعى إليها الدواب قريبة المرمى قليلة الكلفة، أما البشر فهم يسخرون عقولهم الذكية ومواهبهم العليا للاستكثار من هذا الحطام والاستئثار به عن الآخرين. وكم يطوى الليل والنهار من جراحات وضحايا ومظالم فى أعقاب هذا العراك المادى السفيه. ترى لو فكر الناس بأناة، وذكروا ربهم بدل نسيانه؟ وقدروا حقه بدل جحده ، وفرغوا له من أفكارهم وأفئدتهم قسطا يصلهم به، أما كان يحمل عنهم هذا العناء كله؟!. إنه يستطيع أن يلهمهم رشدا يختصر لهم المتاعب؟ ويجنبهم الجرى وراء الأوهام. وما أكثر الذين يجرون وراء الأوهام الباطلة فى الحياة وما أكثر الذين يبذلون الكثير ويجنون القليل، ولو أرادوا لكانوا أحسن ظنا..
Shafi 154