Janƙun Ƙasansu
الجنقو مسامير الأرض
Nau'ikan
Judite
التي جاءت وفي يدها الماء والحلوى والأمبابا، والابتسامة الساحرة تحلق في فمها الصغير الحلو، انحنت الصبية العشرينية أمام كل واحد منا، وهي تصب الماء من وعاء زجاجي أزرق في أكواب عليها علم وأسد إثيوبيا الشهيرين: همس صديقي في أذني قائلا في إثارة واضحة، وانفعال باللغة الإنجليزية: «أسد صهيون
The Lion of Zion .»
تجاهلت همسه حتى لا ألفت الانتباه، رحب بنا مرة أخرى، فباركنا له زواج ابنته الكبرى زينب من محمد عوض كاجوك، سائق البربارا، وتمنينا لهما بيت المال، والعيال، وسترة الحال، قال: البن جاهز، والفطور برضو جاهز.
اعتذرنا بأننا شربنا القهوة مع عزيزة الزغاوية، وفطرنا في المنزل، ثم دخل صديقي إلى الموضوع مباشرة ودون مقدمات، وبوضوح تام عرف به وتهور، في الحقيقة أنا أعجبت بالطريقة الذكية البليغة التي حسم بها أبرهيت الموضوع، في هدوء ورباطة جأش، وكأنه كان يعد الإجابة منذ أن ولد قبل خمسة وخمسين عاما خلت، وأنه أجرى عليها تجارب كثيرة، واختبارات صحة وخطأ في شتى أصناف البشر وأحوالهم، وربما الحيوانات والجن أيضا؛ للتأكد من مدى صلاحيتها قبل أن يتبناها أخيرا كإجابة نموذجية تصلح ردا شافيا كافيا لكل المتطفلين، والمتحشرين، والمتسكعين الكسالى، الذين لا هم لديهم سوى البحث عن الغوامض، مثيري الأسئلة، المتشككين، ضعيفي الإيمان، والمتطرفين من الناس، والجن، وهوام الأرض كافة، قال بصوت واضح، بينما كانت عربات السيرة تدور في الخارج، وصوت ود أمونة يصدح بأغنيات بنات رائعات محفزات للرقص، وابنته العشرينية تضع مزيدا من الأمبابا على وعاء الحلوى، وهي تتفحصنا بركن قصي من عينيها الكبيرتين، وتنصرف لتستقبل السيرة في الخارج.
أنا مسلم. تفحص وجهينا وابتسم ابتسامة بنية قبل أن يواصل كلامه: أنا مسلم.
مسح وجهه براحة كفيه، قبل أن يضيف في حدة: وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأقيم الصلاة، وآتي الزكاة، وأصوم رمضان، وأحج البيت إذا استطعت إليه سبيلا.
ثم أضاف في برود كالصقيع، بينما هو يحاول الاحتفاظ بابتسامة دائمة لئيمة: يلا مع السلامة، وقولوا لمدير الأمن: أبرهيت ولدو إسحاق يسلم عليك.
وبذلك قال لي صديقي فيما بعد أكد أنه يهودي، ويهودي متطرف، ونحن نخرج من الباب معتذرين خائبين، وناكرين أي صلة لنا بالأمن، إذا بابنته جوديت، تلك العشرينية الجميلة على الباب مباشرة، كانت تتنصت للحوار الذي دار بين صديقي ووالدها، الحوار القصير جدا، حيث إن صاحبي سأله: هل أنت من يهود الفلاشا حقا؟
كانت جميلة، في فستانها الأبيض العشائري، وبلسانها الذي أخرجته إلينا، في حركة لإغاظتنا، بقع صغيرة سوداء، ورائحة حلوى كرميلا.
Shafi da ba'a sani ba