Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Bincike
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Mai Buga Littafi
دار الكتب المصرية
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Inda aka buga
القاهرة
ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُ مَنْ حَرَقَهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ، وَقَدْ فَعَلَهُ عُثْمَانُ. وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لِسَانُ الْأُمَّةِ: جَائِزٌ لِلْإِمَامِ تَحْرِيقُ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا الْقُرْآنُ، إِذَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَادُ الى ذلك.
فصل [في الرد على الحيلولة والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات]
قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: وَفِي فِعْلِ عثمان ﵁ رد على الحيلولة «١» وَالْحَشْوِيَّةِ الْقَائِلَيْنِ بِقِدَمِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ والتلاوة القديمة، وان الايمان قديم، الروح قَدِيمٌ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ وَكُلُّ أُمَّةٍ مِنَ النصارى واليهود والبراهمة يل كُلُّ مُلْحِدٍ وَمُوَحَّدٍ أَنَّ الْقَدِيمَ لَا يُفْعَلُ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قُدْرَةُ قَادِرٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَدْمُ عَلَى الْقَدِيمِ وَأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَصِيرُ مُحْدَثًا، وَالْمُحْدَثُ لَا يَصِيرُ قَدِيمًا، وَأَنَّ الْقَدِيمَ مَا لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ، وَأَنَّ الْمُحْدَثَ هُوَ مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ خَرَقَتْ إِجْمَاعَ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ الْمُحْدَثُ قَدِيمًا، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَرَأَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَ كَلَامًا لِلَّهِ قَدِيمًا، وَكَذَلِكَ إِذَا نَحَتَ حُرُوفًا مِنَ الْآجُرِّ وَالْخَشَبِ، أَوْ صَاغَ أَحْرُفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ نَسَجَ ثَوْبًا فَنَقَشَ عَلَيْهِ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ كَلَامَ اللَّهِ قَدِيمًا، وَصَارَ كَلَامُهُ مَنْسُوجًا قَدِيمًا وَمَنْحُوتًا قَدِيمًا وَمَصُوغًا قَدِيمًا، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيَجُوزُ أَنْ يُذَابَ وَيُمْحَى وَيُحْرَقَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، فَارَقُوا الدِّينَ، وَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ: فَمَا قَوْلُكُمْ فِي حُرُوفٍ مُصَوِّرَةٍ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَمْعٍ، أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ كَاغِدٍ فَوَقَعَتْ فِي النَّارِ فَذَابَتْ وَاحْتَرَقَتْ، فَهَلْ تَقُولُونَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ احْتَرَقَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، تَرَكُوا قَوْلَهُمْ، وَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ أَلَيْسَ قُلْتُمْ، إِنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَدِ احْتَرَقَتْ! وَقُلْتُمْ: إِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ كَلَامُهُ وَقَدْ ذَابَتْ، فَإِنْ قَالُوا: احْتَرَقَتِ الْحُرُوفُ وَكَلَامُهُ تَعَالَى بَاقٍ، رَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَدَانُوا بِالْجَوَابِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ ﷺ، منها عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْحَقِّ: وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي النَّارِ ما احترق. وقال ﷿:" أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ" الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فَثَبَتَ بهذا
(١). الحلولية: فرقة من المتصوفة تقول: ان الله حال في كل شي وفي كل جزء منه متحد بن حتى جوزوا ان يطلق على كل شي انه الله. والحشوية: طائفة من المبتدعة تمسكوا بالظواهر وذهبوا الى التجسيم وغيره.
1 / 55