206

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Editsa

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Mai Buga Littafi

دار الكتب المصرية

Bugun

الثانية

Shekarar Bugawa

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Inda aka buga

القاهرة

وَأَعْلَنَ بِالْإِيمَانِ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَى الْإِسْلَامِ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ إِرَاقَةِ دَمِهِ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ. وَإِنَّمَا مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ مَا كَانُوا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ مَعَ الْعِلْمِ بِنِفَاقِهِمْ، لِأَنَّ مَا يُظْهِرُونَهُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ بَيْنَ عِبَادِهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَتَوَلَّى الْحُكْمَ فِي سَرَائِرِهِمْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالظُّنُونِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ كَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَدْ حَكَمَ لِلْمُنَافِقِينَ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَظْهَرُوا، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ. وَقَدْ كَذَّبَ اللَّهُ ظَاهِرَهُمْ فِي قَوْلِهِ:" وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ" [المنافقون: ١] قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَنْفَصِلُ الْمَالِكِيُّونَ عَمَّا لَزِمُوهُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّهَا لَمْ تُعَيَّنْ أَشْخَاصُهُمْ فِيهَا وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهَا تَوْبِيخٌ لِكُلِّ مَغْمُوصٍ «١» عَلَيْهِ بِالنِّفَاقِ، وَبَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ: لَمْ أُرَدْ بِهَا وَمَا أَنَا إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَوْ عُيِّنَ أَحَدٌ لَمَا جَبَّ كَذِبُهُ شَيْئًا. قُلْتُ: هَذَا الِانْفِصَالُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْلَمُهُمْ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ النَّبِيِّ ﵇ إِيَّاهُ حَتَّى كَانَ عُمَرُ ﵁ يَقُولُ لَهُ: يَا حُذَيْفَةَ هَلْ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَيَقُولُ لَهُ: لَا. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ حَفِظَ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ ﵇ بِكَوْنِهِ ثَبَّتَهُمْ أَنْ يُفْسِدَهُمُ الْمُنَافِقُونَ أَوْ يُفْسِدُوا دِينَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ فِي تَبْقِيَتِهِمْ ضَرَرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْيَوْمَ، لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ مِنَ الزَّنَادِقَةِ أَنْ يُفْسِدُوا عامتنا وجهالنا.
[سورة البقرة (٢): آية ١١]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١)
(إِذَا) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِ وَالْعَامِلُ فِيهَا" قالُوا"، وَهِيَ تُؤْذِنُ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ الْمُنْتَظَرِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:" إِذا" اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ إلا مضافة إلى

(١). قوله: لكل مغموص. أي مطعون في دينه، منهم بالنفاق.

1 / 200