Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Editsa
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Mai Buga Littafi
دار الكتب المصرية
Bugun
الثانية
Shekarar Bugawa
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Inda aka buga
القاهرة
حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ،" لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ". قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ: يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ. ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ أَيْضًا قَوْلُ أَبِي مُوسَى لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِي لَحَسَّنْتُ صَوْتِيَّ بالقرآن، وزينته ورتلته. وهذا يدل [على] أَنَّهُ كَانَ يَهُذُّ «١» فِي قِرَاءَتِهِ مَعَ حُسْنِ الصَّوْتِ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ. وَالتَّحْبِيرُ: التَّزْيِينُ وَالتَّحْسِينُ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَسْمَعُهُ لَمَدَّ فِي قِرَاءَتِهِ وَرَتَّلَهَا، كَمَا كَانَ يَقْرَأُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي حُسْنِ صَوْتِهِ بِالْقِرَاءَةِ. وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إن يَقُولَ: إِنَّ الْقُرْآنَ يُزَيَّنُ بِالْأَصْوَاتِ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ هَذَا فَقَدْ وَاقَعَ أَمْرًا عَظِيمًا أَنْ يُحْوِجَ الْقُرْآنَ إِلَى مَنْ يُزَيِّنُهُ، وَهُوَ النُّورُ وَالضِّيَاءُ وَالزَّيْنُ الْأَعْلَى لِمَنْ أُلْبِسَ بَهْجَتَهُ وَاسْتَنَارَ بِضِيَائِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّزْيِينِ اكْتِسَابُ الْقِرَاءَاتِ وَتَزْيِينُهَا بِأَصْوَاتِنَا وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ، أَيْ زينو الْقِرَاءَةَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَيَكُونُ الْقُرْآنُ بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ، كَمَا قال تعال" وَقُرْآنَ الْفَجْرِ «٢» " أَيْ قِرَاءَةَ الْفَجْرِ، وَقَوْلِهِ:" فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
«٣» " أَيْ قِرَاءَتَهُ. وَكَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ ﵇، وَيُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا، أَيْ قِرَاءَةً. وَقَالَ الشَّاعِرُ «٤» فِي عُثْمَانَ ﵁:
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ «٥» عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ ... يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنًا
أَيْ قِرَاءَةً فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ صَحِيحًا إِلَّا أَنْ يُخْرِجَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي هِيَ التِّلَاوَةُ عَنْ حَدِّهَا- عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ- فَيُمْتَنَعُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى يَتَغَنَّى بِهِ، يَسْتَغْنِي بِهِ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الِافْتِقَارِ، لَا مِنَ الغناء، يقال: تغنيت وتغانيت بنعنى استغنيت. وفي الصحاح: تغنى
(١). الهذ والهذذ: سزعة القطع وسرعة القراءة.
(٢). آية ٧٨ سورة الإسراء.
(٣). آية ١٨ سورة القيامة.
(٤). هو حسان بن ثابت رضى الله عنه.
(٥). الشمط بالتحريك: بياض شعر الرأس يخالطه سواده. وقيل: الشمط في الرجل شيب اللحية.
1 / 12