160

Jamic Latif

الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف‏

Nau'ikan

فإن قيل: قد اتفق النحاة على أن المضمرات أعرف المعارف وأعرفها أنا. فهذه الكلمة فى الغاية القصوى فى التعريف، فكيف كان العلم أعرف منها، وإنما اختلف النحاة فى اسم الإشارة والعلم لا فى المضمر. فالجواب أن المضمر إذا عاد وتعين مظهره فهو أعرف المعارف حينئذ، والمستأذن محجوب عن المستأذن عليه غير متعين عنده فكأنه أحاله على جهالة.

(حكاية لطيفة استطرادية): تنبه على رعاية الأدب مع الله تعالى جل وعلا: حكى أن سيبويه (رحمه الله) رئى فى المنام بعد وفاته، فقيل له ماذا لقيت؟ فقال خيرا كثيرا، فقال له بماذا؟ فقال: سئلت فى الدنيا عن أعرف المعارف، فقلت اسم الله عز وجل فشكر الله لى ذلك.

السادسة والعشرون: قول الخازن لجبريل، ومن معك؟ قال: محمد، فيه دليل على أن الإذن لواحد لا يتناول غيره، وإن كان فى صحبته ولهذا استفهم الخازن حتى يكون لمن معه إذن مستقل، وهو عرف الناس إذا أذن لأحد وكان فى صحبته غيره أن يقول ومن معى، فيستأنف الاستئذان لمن معه، وقوله وقد بعث إليه؟ أراد به الاستفهام فحذفت الهمزة للعلم بها، وأصل الكلام أوقد بعث إليه. والنحاة يمنعون حذف الهمزة فيحمل كلامهم على المنع حيث لا دليل على المحذوف، وإلا فالحديث حجة عليهم.

السابعة والعشرون: لم يرد الخازن بقوله وقد بعث إليه أصل الرسالة، فإن الظاهر أنه كان معلوما عندهم، وأنما أراد البعث للمعراج.

الثامنة والعشرون: موقع قول الخازن أوقد بعث إليه، استنطاق جبريل بالسبب الموجب للإذن والفتح، لأنه مجرد قول جبريل (عليه السلام) معى محمد لا يوجب الإذن إلا بواسطة البعث من صاحب الإذن جل وعلا.

التاسعة والعشرون: إن قيل: لم لم يخاطبه الخازن بصيغة الخطاب فيقول مرحبا بك، وإنما أورد التحية بصيغة الغيبة؟ أجيب بأنه حياه قبل أن يفتح الباب وقبل أن يصدر من النبى (صلى الله عليه وسلم) خطاب، ولهذا قال الخازن لجبريل: ومن معك بصيغة الخطاب، لأن جبريل خاطب الملك فارتفع حكم الغيبة بالتخاطب من الجانبين.

Shafi 173