240

Jami'in Kabir

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

Bincike

مصطفى جواد

Mai Buga Littafi

مطبعة المجمع العلمي

وأمثال هذا كثيرة فاعرفها؛ إلا أن أبا هلال العسكري قد سمى هذا النوع (التوشيح)، وليس كذلك لأن تسميته: (الأرصاد) أولى، وذلك حيث ناسب الاسم مسماه ولاق به. وأما (التوشيح) فهو نوع آخر من التأليف وسيأتي ذكره في بابه.
واعلم أنه قد اختلف أرباب هذه الصناعة في تسمية أنواع علم البيان، حتى إن أحدهم يضع لنوع واحد اسمين، اعتقادًا منه أن ذلك النوع نوعان مختلفان، وليس الأمر كما وقع له بل هما نوع واحد. فممن فعل ذلك (الغانمي) فإنه ذكر في كتابه بابًا من أبواب علم البيان وسماه (التبليغ) وهو أن يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تامًا من غير أن يكون للقافية فيما ذكر صنع، ثم يأتي بها لحاجة الشعر إليها حتى يتم وزنه، فيبلغ بذلك الغاية القصوى (في الجودة)، كقول امرئ القيس: -
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزعُ الذي لم يُثقَّبِ
فأنه قد أتى بالبيت كاملًا قبل القافية ثم جاء بها، بلغ بها الأمد الأقصى في التأكيد. ثم إنه ذكر بعد هذا الباب بابًا آخر وسماه (الإشباع) فقال: هو أن يأتي الشاعر بالبيت معلقًا بالقافية على آخر أجزائه، ولا يكاد يفعل ذلك إلا حذاق الشعراء: وذلك أن الشاعر إذا كان بارعًا جلب بقدرته وذكائه وفطنته إلى البيت، وقد تمت معانيه واستغنى عن الزيادة فيه، قافية متممة لأعاريضه ووزنه، فجعلها نعتًا للمذكور، كقول ذي الرمّة: -
قف العيس من أطلال مية فاسأل ... رسومًا كأخلاق الرداء المسلسل

1 / 240