Jami'in Kabir
الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور
Bincike
مصطفى جواد
Mai Buga Littafi
مطبعة المجمع العلمي
تلك الأحوال، كافة، قال: (وحشرناهم) قبل ذلك.
ومما ينخرط في هذا السلك الإخبار باسم المفعول عن الفعل المضارع، وإنما فعل ذلك لتضمنه معنى الفعل الماضي، وقد سبق الكلام عليه، فمن ذلك قوله تعالى (إن في ذلك الآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) فإنه إنما آثر اسم المفعول هاهنا على الفعل المضارع لما فيه من الدلالة على ثبات معنى الجمع لليوم، فإنه لا بد من أن يكون ميعادًا مضروبًا يجمع الناس وأنه موصوف بهذه الصفة، وأن شئت فوازن بينه وبين قوله تعالى: (يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن) فإنك تعثر على صحة ما قلت.
القسم الثالث من النوع الثالث
في عكس الظاهر
اعلم أن هذا القسم من مشكلات علم البيان، وأسراره الغربية، وخفاياه المستطرفة العجيبة، وهو مما لم يذكره أحد من مؤلفي هذا الفن في كتابه، ولا أشار إليه، وسبب التفرد بذكره في هذا الكتاب، أنا عثرنا على ذلك في كلام علي بن أبي طالب ﵁ في وصفه مجلس النبي ﷺ فعند ذلك طلبنا له مثلًا أو نظيرًا، في كلام العرب وأشعارهم فظفرنا بذلك، وأوردنا الكلام الوارد عن علي ﵁ ثم أتبعناه بما جاء عن العرب في
ذلك، وإنه مما يستغرب ويستطرف، لأن العرب قد توسعوا في كلامهم، وتجوزوا إلى غاية، يذكرون كلامًا يدل ظاهره على معنى، وهم يريدون به معنى آخر عكسه وخلافه. والأصل في ذلك، أنك تذكر كلامًا يعطي معناه إنه نفي لصفة شيء قد كان، وهو نفي للموصوف إنه كان أصلًا. فأما قول علي بن أبي طالب ﵁ في هذا الباب، فإنه وصف مجلس النبي ﷺ فقال (لا تنثني فلتاته) أي لا تذاع فلتاته، ألا ترى إلى ظاهر
1 / 105