Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون
[المعارج: 43] وقال:
ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون
[يس: 51] والعلة التي من أجلها اخترنا هذا التأويل، ما قد قدمنا ذكره للقائلين به وفساد ما خالفه بما قد أوضحناه قبل. وهذه الآية توبيخ من الله جل ثناؤه للقائلين:
آمنا بالله وباليوم الآخر
[البقرة: 8] الذين أخبر الله عنهم أنهم مع قيلهم ذلك بأفواههم غير مؤمنين به، وأنهم إنما يقولون ذلك خداعا لله وللمؤمنين. فعذلهم الله بقوله: { كيف تكفرون بالله وكنتم أموتا فأحيكم } ووبخهم واحتج عليهم في نكيرهم ما أنكروا من ذلك، وجحودهم ما جحدوا بقلوبهم المريضة فقال: كيف تكفرون بالله فتجحدون قدرته على إحيائكم بعد إماتتكم وإعادتكم بعد إفنائكم وحشركم إليه لمجازاتكم بأعمالكم. ثم عدد ربنا عليهم وعلى أوليائهم من أحبار اليهود الذين جمع بين قصصهم وقصص المنافقين في كثير من آي هذه السورة التي افتتح الخبر عنهم فيها بقوله:
إن الذين كفروا سوآء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون
[البقرة: 6] نعمه التي سلفت منه إليهم وإلى آبائهم التي عظمت منهم مواقعها، ثم سلب كثيرا منهم كثيرا منها بما ركبوا من الآثام واجترموا من الإجرام وخالفوا من الطاعة إلى المعصية، يحذرهم بذلك تعجيل العقوبة لهم كالتي عجلها للأسلاف والأفراط قبلهم، ويخوفهم حلول مثلاته بساحتهم كالذي أحل بأوليهم، ويعرفهم مالهم من النجاة في سرعة الأوبة إليه، وتعجيل التوبة من الخلاص لهم يوم القيامة من العقاب.
فبدأ بعد تعديده عليهم ما عدد من نعمه التي هم فيها مقيمون بذكر أبينا وأبيهم آدم أبي البشر، صلوات الله عليه، وما سلف منه من كرامته إليه وآلائه لديه، وما أحل به وبعدوه إبليس من عاجل عقوبته بمعصيتهما التي كانت منهما، ومخالفتهما أمره الذي أمرهما به، وما كان من تغمده آدم برحمته إذ تاب وأناب إليه، وما كان من إحلاله بإبليس من لعنته في العاجل، وإعداده له ما أعد له من العذاب المقيم في الآجل إذا استكبر وأبى التوبة إليه والإنابة، منبها لهم على حكمه في المنيبين إليه بالتوبة، وقضائه في المستكبرين عن الإنابة، إعذارا من الله بذلك إليهم وإنذارا لهم، ليتدبروا آياته وليتذكر منهم أولو الألباب. وخاصا أهل الكتاب بما ذكر من قصص آدم وسائر القصص التي ذكرها معها وبعدها مما علمه أهل الكتاب وجهلته الأمة الأمية من مشركي عبدة الأوثان، بالاحتجاج عليهم دون غيرهم من سائر أصناف الأمم الذين لا علم عندهم بذلك لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليعلموا بإخباره إياهم بذلك، أنه لله رسول مبعوث، وأن ما جاءهم به فمن عنده، إذ كان ما اقتص عليهم من هذه القصص من مكنون علومهم، ومصون ما في كتبهم، وخفي أمورهم التي لم يكن يدعي معرفة علمها غيرهم وغير من أخذ عنهم وقرأ كتبهم. وكان معلوما من محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن قط كاتبا ولا لأسفارهم تاليا، ولا لأحد منهم مصاحبا ولا مجالسا، فيمكنهم أن يدعوا أنه أخذ ذلك من كتبهم أو عن بعضهم، فقال جل ذكره في تعديده عليهم ما هم فيه مقيمون من نعمه مع كفرهم به، وتركهم شكره عليها مما يجب له عليهم من طاعته
[2.29]
Shafi da ba'a sani ba