Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
[2.12]
وهذا القول من الله جل ثناؤه تكذيب للمنافقين في دعواهم إذا أمروا بطاعة الله فيما أمرهم الله به، ونهوا عن معصية الله فيما نهاهم الله عنه. قالوا: إنما نحن مصلحون لا مفسدون، ونحن على رشد وهدى فيما أنكرتموه علينا دونكم لا ضالون. فكذبهم الله عز وجل في ذلك من قيلهم، فقال: { ألا إنهم هم المفسدون } المخالفون أمر الله عز وجل، المتعدون حدوده الراكبون معصيته، التاركون فروضه وهم لا يشعرون ولا يدرون أنهم كذلك، لا الذين يأمرونهم بالقسط من المؤمنين وينهونهم عن معاصي الله في أرضه من المسلمين.
[2.13]
قال أبو جعفر: وتأويل قوله: { إذا قيل لهم آمنوا كمآ آمن الناس } يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وصفهم الله ونعتهم بأنهم يقولون { آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }: صدقوا بمحمد وبما جاء به من عند الله كما صدق به الناس. ويعني «بالناس» المؤمنين الذين آمنوا بمحمد ونبوته وما جاء به من عند الله. كما: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمار، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: { إذا قيل لهم آمنوا كمآ آمن الناس } يقول: وإذا قيل لهم صدقوا كما صدق أصحاب محمد، قولوا: إنه نبي ورسول، وإن ما أنزل عليه حق. وصدقوا بالآخرة، وأنكم مبعوثون من بعد الموت. وإنما أدخلت الألف واللام في «الناس» وهم بعض الناس لا جميعهم لأنهم كانوا معروفين عند الذين خوطبوا بهذه الآية بأعيانهم. وإنما معناه: آمنوا كما آمن الناس الذين تعرفونهم من أهل اليقين والتصديق بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من عند الله وباليوم الآخر، فلذلك أدخلت الألف واللام فيه كما أدخلتا في قوله:
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
[آل عمران: 173] لأنه أشير بدخولها إلى ناس معروفين عند من خوطب بذلك. القول في تأويل قوله تعالى: { قالوا أنؤمن كمآ آمن السفهآء }. قال أبو جعفر: والسفهاء جمع سفيه، كالعلماء جمع عليم، والحكماء جمع حكيم. والسفيه: الجاهل الضعيف الرأي، القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار ولذلك سمى الله عز وجل النساء والصبيان سفهاء، فقال تعالى:
ولا تؤتوا السفهاء أمولكم التى جعل الله لكم
[النساء: 5] قياما فقال عامة أهل التأويل: هم النساء والصبيان لضعف آرائهم، وقلة معرفتهم بمواضع المصالح والمضار التي تصرف إليها الأموال. وإنما عنى المنافقون بقيلهم أنؤمن كما آمن السفهاء، إذ دعوا إلى التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الله، والإقرار بالبعث، فقال لهم: آمنوا كما آمن أصحاب محمد وأتباعه من المؤمنين المصدقين به أهل الإيمان واليقين والتصديق بالله وبما افترض عليهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وفي كتابه وباليوم الآخر، فقالوا إجابة لقائل ذلك لهم: أنؤمن كما آمن أهل الجهل ونصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم كما صدق به هؤلاء الذين لا عقول لهم ولا أفهام كالذي: حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: { أنؤمن كمآ آمن السفهآء } يعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع بن أنس: قالوا { أنؤمن كما آمن السفهاء } يعنون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: { قالوا أنؤمن كمآ آمن السفهآء } قال: هذا قول المنافقين، يريدون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمار، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: { قالوا أنؤمن كمآ آمن السفهآء } يقولون: أنقول كما تقول السفهاء؟ يعنون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، لخلافهم لدينهم. القول في تأويل قوله تعالى: { ألا إنهم هم السفهآء ولكن لا يعلمون }. قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعته لهم ووصفه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب، أنهم هم الجهال في أديانهم، الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم من الشك والريب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوته، وفيما جاء به من عند الله، وأمر البعث، لإساءتهم إلى أنفسهم بما أتوا من ذلك، وهم يحسبون أنهم إليها يحسنون. وذلك هو عين السفه، لأن السفيه إنما يفسد من حيث يرى أنه يصلح ويضيع من حيث يرى أنه يحفظ. فكذلك المنافق يعصي ربه من حيث يرى أنه يطيعه، ويكفر به من حيث يرى أنه يؤمن به، ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يحسن إليها، كما وصفهم به ربنا جل ذكره فقال:
ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون
Shafi da ba'a sani ba