Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
[2.174]
يعني تعالى ذكره بقوله: { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } أحبار اليهود الذين كتموا الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة برشا كانوا أعطوها على ذلك. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } الآية كلها: هم أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم وبين لهم من الحق والهدى من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأمره. حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا } قال: هم أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم من الحق والإسلام وشأن محمد صلى الله عليه وسلم. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } فهؤلاء اليهود كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله: { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } والتي في آل عمران:
إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
[آل عمرآن: 77] نزلتا جميعا في يهود. وأما تأويل قوله: { ويشترون به ثمنا قليلا } فإنه يعني: يبتاعون به. والهاء التي في «به» من ذكر الكتمان، فمعناه: ابتاعوا بكتمانهم ما كتموا الناس من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر نبوته ثمنا قليلا. وذلك أن الذي كانوا يعطون على تحريفهم كتاب الله وتأويلهموه على غير وجهه وكتمانهم الحق في ذلك، اليسير من عرض الدنيا. كما: حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { ويشترون به ثمنا قليلا } قال: كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذوا عليه طمعا قليلا، فهو الثمن القليل. وقد بينت فيما مضى صفة اشترائهم ذلك بما أغنى عن إعادته ههنا. القول في تأويل قوله تعالى: { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم }. يعني تعالى ذكره بقوله: { أولئك } هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم بالخسيس من الرشوة يعطونها، فيحرفون لذلك آيات الله ويغيرون معانيها. { ما يأكلون في بطونهم } بأكلهم ما أكلوا من الرشا على ذلك والجعالة وماأخذوا عليه من الأجر { إلا النار } ، يعني إلا ما يوردهم النار ويصليهموها، كما قال تعالى ذكره:
إن الذين يأكلون أموال اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا
[النساء: 10] معناه: ما يأكلون في بطونهم إلا ما يوردهم النار بأكلهم. فاستغنى بذكر النار وفهم السامعين معنى الكلام عن ذكر ما يوردهم أو يدخلهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار } يقول: ما أخذوا عليه من الأجر. فإن قال قائل: فهل يكون الأكل في غير البطن فيقال: ما يأكلون في بطونهم؟ قيل: قد تقول العرب جعت في غير بطني، وشبعت في غير بطني ، فقيل في بطونهم لذلك كما يقال: فعل فلان هذا نفسه. وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع فيما مضى. وأما قوله: { ولا يكلمهم الله يوم القيامة } يقول: ولا يكلمهم بما يحبون ويشتهون، فأما بما يسوءهم ويكرهون فإنه سيكلمهم لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم إذا قالوا:
ربنآ أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلمون
[المؤمنون: 107-108] الآيتين. وأما قوله: { ولا يزكيهم } فإنه يعني: ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم وكفرهم، { ولهم عذاب أليم } يعني موجع.
[2.175]
يعني تعالى ذكره بقوله: { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } أولئك الذين أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وأخذوا ما يوجب لهم عذاب الله يوم القيامة وتركوا ما يوجب لهم غفرانه ورضوانه. فاستغنى بذكر العذاب والمغفرة من ذكر السبب الذي يوجبهما، لفهم سامعي ذلك لمعناه والمراد منه. وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى، وكذلك بينا وجه: { اشتروا الضلالة بالهدى } باختلاف المختلفين والدلالة الشاهدة بما اخترنا من القول فيما مضى قبل فكرهنا إعادته. القول في تأويل قوله تعالى: { فما أصبرهم على النار }. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فما أصبرهم على النار } يقول: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { فما أصبرهم على النار } يقول: فما أجرأهم عليها. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن بشر، عن الحسن في قوله: { فما أصبرهم على النار } قال: والله ما لهم عليها من صبر، ولكن ما أجرأهم على النار. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا مسعر. وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو بكير، قال: ثنا مسعر، عن حماد، عن مجاهد أو سعيد بن جبير أو بعض أصحابه: { فما أصبرهم على النار } ما أجرأهم. حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: { فما أصبرهم على النار } يقول: ما أجرأهم وأصبرهم على النار. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما أعملهم بأعمال أهل النار. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: { فما أصبرهم على النار } قال: ما أعملهم بالباطل. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. واختلفوا في تأويل ما التي في قوله: { فما أصبرهم على النار } فقال بعضهم: هي بمعنى الاستفهام، وكأنه قال: فما الذي صبرهم، أي شيء صبرهم؟ ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { فما أصبرهم على النار } هذا على وجه الاستفهام، يقول: ما الذي أصبرهم على النار. حدثني عباس بن محمد، قال: ثنا حجاج الأعور، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال لي عطاء: { فما أصبرهم على النار } قال: ما يصبرهم على النار حين تركوا الحق واتبعوا الباطل.
Shafi da ba'a sani ba