Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
والمعنى: كما كان الرجم فريضة الزنا، فجعل الزنا فريضة الرجم لوضوح معنى الكلام عند سامعه. وكما قال الآخر:
إن سراجا لكريم مفخره
تحلى به العين إذا ما تجهره
والمعنى: يحلى بالعين فجعله تحلى به العين. ونظائر ذلك من كلام العرب أكثر من أن يحصى مما توجهه العرب من خبر ما تخبر عنه إلى ما صاحبه لظهور معنى ذلك عند سامعه، فتقول: اعرض الحوض على الناقة، وإنما تعرض الناقة على الحوض، وما أشبه ذلك من كلامها.
وقال آخرون: معنى ذلك: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم وأوثانهم التي لا تسمع ولا تعقل، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، وذلك الصدى الذي يسمع صوته، ولا يفهم به عنه الناعق شيئا. فتأويل الكلام على قول قائلي ذلك: ومثل الذين كفروا وآلهتهم في دعائهم إياها وهي لا تفقه ولا تعقل كمثل الناعق بما لا يسمعه الناعق إلا دعاء ونداء، أي لا يسمع منه الناعق إلا دعاءه. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } قال: الرجل الذي يصيح في جوف الجبال فيجيبه فيها صوت يراجعه يقال له الصدى، فمثل آلهة هؤلاء لهم كمثل الذي يجيبه بهذا الصوت لا ينفعه لا يسمع إلا دعاء ونداء. قال: والعرب تسمي ذلك الصدى. وقد تحتمل الآية على هذا التأويل وجها آخر غير ذلك، وهو أن يكون معناها: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم التي لا تفقه دعاءهم كمثل الناعق بغنم له من حيث لا تسمع صوته غنمه فلا تنتفع من نعقه بشيء غير أنه في عناء من دعاء ونداء، فكذلك الكافر في دعائه آلهته إنما هو في عناء من دعائه إياها وندائه لها، ولا ينفعه شيء. وأولى التأويل عندي بالآية التأويل الأول الذي قاله ابن عباس ومن وافقه عليه، وهو أن معنى الآية: ومثل وعظ الكافر وواعظه كمثل الناعق بغنمه ونعيقه، فإنه يسمع نعقه ولا يعقل كلامه على ما قد بينا قبل. فأما وجه جواز حذف «وعظ» اكتفاء بالمثل منه فقد أتينا على البيان عنه في قوله:
مثلهم كمثل الذي استوقد نارا
[البقرة: 17] وفي غيره من نظائره من الآيات بما فيه الكفاية عن إعادته. وإنما اخترنا هذا التأويل، لأن هذه الآية نزلت في اليهود، وإياهم عنى الله تعالى ذكره بها، ولم تكن اليهود أهل أوثان يعبدونها ولا أهل أصنام يعظمونها ويرجون نفعها أو دفع ضرها. ولا وجه إذ كان ذلك كذلك لتأويل من تأول ذلك أنه بمعنى: مثل الذين كفروا في ندائهم الآلهة ودعائهم إياها. فإن قال قائل: وما دليلك على أن المقصود بهذه الآية اليهود؟ قيل: دليلنا على ذلك ما قبلها من الآيات وما بعدها، فإنهم هم المعنيون به، فكان ما بينهما بأن يكون خبرا عنهم أحق وأولى من أن يكون خبرا عن غيرهم حتى تأتي الأدلة واضحة بانصراف الخبر عنهم إلى غيرهم.
هذا مع ما ذكرنا من الأخبار عمن ذكرنا عنه أنها فيهم نزلت، والرواية التي روينا عن ابن عباس أن الآية التي قبل هذه الآية نزلت فيهم. وبما قلنا من أن هذه الآية معني بها اليهود كان عطاء يقول. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي عطاء في هذه الآية: هم اليهود الذين أنزل الله فيهم:
إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا
[البقرة: 174] إلى قوله:
Shafi da ba'a sani ba