324

Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani

جامع البيان في تفسير القرآن

شعائر قربان بهم يتقرب

وكان مجاهد يقول في الشعائر بما: حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } قال: من الخبر الذي أخبركم عنه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. فكأن مجاهدا كان يرى أن الشعائر إنما هو جمع شعيرة من إشعار الله عباده أمر الصفا والمروة وما عليهم في الطواف بهما، فمعناه إعلامهم ذلك وذلك تأويل من المفهوم بعيد. وإنما أعلم الله تعالى ذكره بقوله: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } عباده المؤمنين أن السعي بينهما من مشاعر الحج التي سنها لهم، وأمر بها خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم، إذ سأله أن يريه مناسك الحج. وذلك وإن كان مخرجه مخرج الخبر، فإنه مراد به الأمر لأن الله تعالى ذكره قد أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم عليه السلام، فقال له:

ثم أوحينآ إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا

[النحل: 123] وجعل تعالى ذكره إبراهيم إماما لمن بعده. فإذا كان صحيحا أن الطواف والسعي بين الصفا والمروة من شعائر الله ومن مناسك الحج، فمعلوم أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قد عمل به وسنه لمن بعده، وقد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أمته باتباعه، فعليهم العمل بذلك على ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

القول في تأويل قوله تعالى: { فمن حج البيت أو اعتمر }. يعني تعالى ذكره: { فمن حج البيت } فمن أتاه عائدا إليه بعد بدء، وكذلك كل من أكثر الاختلاف إلى شيء فهو حاج إليه ومنه قول الشاعر:

وأشهد من عوف حلولا كثيرة

يحجون بيت الزبرقان المزعفرا

يعني بقوله يحجون: يكثرون التردد إليه لسؤدده ورياسته. وإنما قيل للحاج حاج لأنه يأتي البيت قبل التعريف، ثم يعود إليه لطواف يوم النحر بعد التعريف، ثم ينصرف عنه إلى منى، ثم يعود إليه لطواف الصدر، فلتكراره العود إليه مرة بعد أخرى قيل له حاج. وأما المعتمر فإنما قيل له معتمر لأنه إذا طاف به انصرف عنه بعد زيارته إياه. وإنما يعني تعالى ذكره بقوله: { أو اعتمر } أو اعتمر البيت، ويعني بالاعتمار الزيارة، فكل قاصد لشيء فهو له معتمر ومنه قول العجاج:

لقد سما ابن معمر حين اعتمر

مغزى بعيدا من بعيد وضبر

Shafi da ba'a sani ba